كالعادة لم تستفد المنشآت الفندقية من التجارب السابقة في الأزمات واستثمارها في إعادة التطوير والتجديد في منشآتها من أجل استعادة الحركة السياحية بعد زوال الأزمة. الفنادق تعتمد على ما تملكه من إمكانيات في هذه الفترة، مستندة في ذلك إلى أن السائح الوافد إلى مصر «رخيص» ولا يهمه الخدمة الجيدة ولا التنوع في الخدمات سواء ترفيهية أو تثقيفية وهو ما يحذر منه الخبراء، من أن مصر قد تشهد «ردة» في مستويات السائحين خاصة ممن يطلق عليهم «الريتش مان» الذين يقومون بزيارة مصر في فنادق فاخرة خمسة نجوم ويطلبون المزيد من الخدمات التي قد لا تتوفر في الفنادق في هذه الأوقات، لهذا فإن خبراء السياحة يؤكدون أن الظروف الحالية التى تمر بها السياحة منذ أكثر من خمس سنوات كانت كفيلة بعدم قدرة المستثمرين أصحاب المنشآت السياحية على الإنفاق على عمليات الإحلال والتجديد والتطوير نتيجة تراجع الإيرادات وبيع المقصد المصرى بسعر رخيص يكاد يكفي متطلبات وأجور العمالة، وهو الأمر الذي ينادى به الجميع من ضرورة تدخل الحكومة بشكل واضح وسريع بالاتفاق مع المصارف والبنوك لتقديم قروض عاجلة تسدد على سنوات قليلة تخصص لعمليات الإحلال والتجديد والتطوير واستكمال المنشآت المتعثرة من أجل الارتقاء بمستويات هذه الفنادق وتضمنها كل ما هو جديد في قطاع الفنادق والترفيه حتي يمكن اعتمادًا على ما تمتلكه هذه المنشآت الفندقية من رفع السعر، وكذلك وجود سائحين قادرين علي التواجد والإقامة في هذه الفنادق، وبالتالى سيتم تحقيق إيرادات أعلى واختيار نوعية سائح أفضل ممن يقدمون ويطلقون عليها «سياحة الملاليم». والسؤال.. ماذا نحن فاعلون لو عادت السياحة بشكل أفضل مما كانت عليه فى السنوات الخمس السابقة وتحديداً عام 2010، فهل سنكون قادرين على استيعاب هذه الأعداد بشكل جيد؟ وهل الجهد الذي تقوم به الدولة من أجل استعادة النشاط السياحي سيأتى بثماره؟! كلها تساؤلات الهدف منها أن يقدر القطاع السياحي أهمية الاستعداد لاستقبال الحركة الوافدة وبعيداً عن الشعارات والكلام الضخم من أن مصر تمتلك بإمكانياتها 20 مليون سائح. وهذا يدفعنا إلي ضرورة نقد الذات والاعتراف بما نراه من نقص في التدريب وإعداد العمالة بشكل جيد وتهيئة المنشآت السياحية لاستقبال السائحين ذو المستوي المرتفعة. فالدولة تسعي لحل الأزمة ونحن نقف في انتظار أن يأتى السائح الرخيص. وحول ذلك أكد الخبير السياحي ناجي عريان أن 90٪ من الفنادق المصرية ليست جاهزة لاستقبال السياحة حالة عودتهم بسبب سوء حالتها لعدم إجراء أي تجديدات أو صيانة وذلك نتيجة انحسار الدخل طوال الخمس سنوات الماضية.. ورغم إعلان البنوك مؤخراً عن استعدادها لتأجيل سداد الفوائد والقروض، إلا أن المطلب الأهم منح قروض قصيرة الأجل تخصص لأعمال التجديد والإحلال لتمكن الفنادق من استعادة رونقها لتصبح جاهزة لاستقبال السياحة. ويرى الخبير السياحي سامح حويدق أن الأزمة سببها تدني أسعار الغرف الفندقية ومع استمرار حالة تدني الأسعار ستظل الفنادق متهالكة، ورغم أن هناك فنادق حافظت علي مستواها سواء في أعمال الصيانة والتجديد طوال السنوات الماضية، إلا أن هناك فنادق متهالكة وهناك فنادق أخرى أغلقت بسبب عدم قدرتها المالية علي أعمال الصيانة. وطبعاً كل هذا يؤثر على سمعة مصر سياحياً. وأرى أن الحل الأهم للخروج من تلك المشكلة هو تدخل الدولة والنظر إلي هذه الأزمة بعين الاعتبار بضرورة تحديد حد أدنى للأسعار وتوقيع عقوبات رادعة علي المخالفين. ورغم أن القانون لا يسمح بالتدخل في الأسعار والمسألة متروكة للعرض والطلب كما يقال، ولكن مطلوب تعديل تشريعي من البرلمان الجديد لإعطاء الحق لوزير السياحة بمعاقبة الفنادق المخالفة للتعليمات.. والحل السريع الآن علي البنوك مساعدة البنوك للفنادق المتعثرة بمنحها قروضاً فورية قصيرة الأجل حتي تتمكن الفنادق من القيام بأعمال الصيانة والإحلال والتجديد لتكون جاهزة لاستقبال السياحة حال عودتها قريباً. بينما تري الخبيرة السياحية نورا على، نائب رئيس غرفة شركات السياحة، أن المستثمر الناجح هو الذي يحافظ على استثماراته ولا يهملها، وهناك كثيرون بالفعل مازالوا محافظين علي فنادقهم وإن كنت أرى أن الفنادق التي تأثرت ولم تجر عمليات صيانة هي فنادق المستوي الثاني والثالث، وفي نفس الوقت هناك فنادق أغلقت لتحافظ علي مستواها.. وطالبت «نورا على» المستثمرين بضرورة استغلال فترة الركود السياحي في أعمال الصيانة والأهم التدريب ثم التدريب لنكون جاهزين وقت عودة السياحة. وتقول الخبيرة السياحية أماني الترجمان، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية: سبق أن طالبنا كثيراً من الجميع بضرورة استغلال فترة الركود السياحي في ترتيب البيت من الداخل، وبالفعل هناك فنادق حافظت علي مستواها وجاهزة لاستقبال السياحة ولكن هناك فنادق كثيرة وخاصة الفنادق الصغيرة تأثرت وبدأت في حرق الأسعار لتغطية مصروفاتها، لذلك مطلوب من الجهاز المصرفي منح هذه الفنادق قروضاً لتتمكن من القيام بأعمال الصيانة والتجديد شرط أن تكون قروضاً سريعة ومشروطة لأعمال التجديد والصيانة، وعلي وزارة السياحة تخصيص لجان للمراقبة والتأكد من إنفاقها في أعمال التجديد. ويؤكد الخبير السياحي إيهاب عبدالعال، عضو مجلس إدارة غرفة السياحة، أنه حالة عودة السياحة ستواجه العديد من الفنادق مشاكل كثيرة بسبب سوء حالتها نتيجة انحسار السياحة خلال الخمس سنوات الماضية وتدني الأسعار وهروب الخبرات والكوادر العاملة في الفنادق إلي دول أوروبية وعربية أو تغيير المهنة لمجال آخر، فعلى القطاع الفندقى استغلال فترة التوقف في تدريب العمالة وعلي القطاع المصرفي منحها قروضاً قصيرة الأجل لإعادة أعمال الصيانة والتجديد لتكون جاهزة لاستقبال السياح لأن الفنادق بحالتها السيئة ستؤثر سلباً على سمعة مصر سياحياً. ويتفق مع هذا الرأى الخبير السياحي الدكتور عاطف عبداللطيف، مؤكداً أن معظم الفنادق ليست جاهزة لاستقبال السياحة وخلال لقائنا مع رئيس البنك المركزى ورؤساء مجالس إدارات البنوك تم الاتفاق علي شقين، الأول تمويل الفنادق للقيام بأعمال الصيانة والإحلال والتجديد بسبب ما تعرضت له الفنادق من انهيار طوال السنوات الخمس الماضية. والشق الثانى مساندة البنوك للفنادق لسداد مرتبات العمالة حتي لا يتم تسريحها، ووعد رؤساء البنوك بدراسة ذلك مع محافظ البنك المركزى علي أن يطبق ذلك علي جميع الفنادق المصرية وليس مقصوراً علي شرم الشيخ فقط. وطالب «عبداللطيف» الدولة ووزارة السياحة بضرورة وضع حد أدنى للأسعار حسب تصنيف كل فندق لوقف نزيف انهيار الأسعار، واصفاً ما يحدث بخراب البيوت ويعرض الاقتصاد القومى لخسائر فادحة. وعلي الجانب الآخر يقول الخبير السياحي ماجد الجمل، رئيس جمعية مستثمرى طابا: إن هناك فنادق كثيرة حالتها جيدة ومستعدة لاستقبال السياح في أي وقت، وقال: عدد الغرف الفندقية بلغ 250 ألف غرفة لم يستغلها السياح وبالتالى كل فندق لن يقوم بتشغيل جميع الغرف لأن السياحة ستأتي تدريجياً، فعلى كل فندق إجراء عمليات الصيانة لعدد من الغرف وليكن 30٪ من حجمها حتي يصل إلى 80٪ وأثناء فترة عودة السياحة يقوم باستقطاع جزء من الإيرادات لأعمال الصيانة والتجديد. وفي نفس السياق يؤكد الخبير السياحي سامي سليمان، رئيس جمعية مستثمري نويبع طابا، الأزمة سببها تراجع حركة السياحة وتدني الأسعار والسببان وراء تدهور حالة بعض الفنادق. ويرى أن الحل بالنسبة لشرم الشيخ التي يبلغ عدد غرفها 60 ألف غرفة فندقية هو أن يقوم كل فندق بتشغيل 25٪ من طاقة الغرف الموجودة مع رفع السعر ليتمكن كل فندق من إجراء عمليات الصيانة، وضرورة أن تقوم وزارة السياحة بوضع حد أدنى لجميع مستويات الفنادق ومن يخالف ذلك يحاسب ضريبياً.