"التلون" سياسة تبنتها قناة الجزيرة وعُرفت عنها، فلا تمل القناة القطرية من توجيه اللوم والانتقاد إلى مصر، وفي الوقت ذاته تمرر ما يحدث في دول أوروبية وعربية أخرى، دون نقد أو لفت الانتباه إليها، رغم تشابه الأحداث والوقائع في الحالتين. كانت آخر فصول هذا التلون، تعليقها على أزمة السيول والأمطار التي تعرضت لها قطر صباح اليوم الأربعاء؛ وأدت إلى غرق الشوارع، وبعض المباني الحديثة والفنادق ومؤسسات هامة في شوارع الدوحة. وخرجت القناة القطرية لتصف ما حدث "باللوحة الجميلة"، بدعوى أن الأمطار شكلت منظرًا طبيعيًا في شوارع الدوحة، وقامت قناة الجزيرة الفضائية بتجاهل الحدث نهائيًا، وعدم انتقاد أي مسئول عن غرق عدة مدن داخل الدولة. "تساقطات مطرية استثنائية في قطر"... هكذا انهالت الأخبار على موقع الجزيرة الإلكتروني لتغطية أزمة غرق قطر، بعدما رأتها القناة القطرية مجرد تساقطات مطرية، وجاء خبر آخر عن الأزمة تحت عنوان: "قطر ترتدي معطف الشتاء". وكان الأمر مغايرًا حين أصابت نفس أزمة الأمطار محافظة الإسكندرية في مصر، حيث تصيدت القناة القطرية كل السلبيات خلال الأزمة، وأفردت قناة الجزير مراسيليها لتغطية الحدث الذي وصفته بأنه كشف عن حالة فشل في البنية التحتية، وقصور لدى الإدارة السياسية. ولم تكتف قطر بذلك، بل أفرد موقعها الإلكتروني تقرير تحت عنوان: "من أغرق الإسكندرية المسيري وحده أم النظام؟"، لتكيل للأخير من الاتهامات العديدة، مشبه مواطني الإسكندرية ب"عبيد روما"، الذي يحملون أبنائهم على أكتافهم، متحدثة عن البنية التحتية لمحافظة الإسكندرية بأنها منهارة، وبلا شكبة للصرف الصحي، وتقرير آخر قامت فيه بالشماتة والسخرية من الأزمة. وتنوعت عناوين أخبار الجزيرة بشأن تغطيتها للأزمة في مصر، فحمل أحد الأخبار عنوان: "شوارع الإسكندرية أصبحت مسبحًا مجانيًا"، وجاء آخر تحت عنوان: "هل يتحمل الفساد مسئولية غرق الإسكندرية في مياه الأمطار"، في الوقت الذي لم تر فيه الجزيرة أي فساد بشأن أزمة أمطار قطر. وقام نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر"، بالدور الذي غابت عنه الجزيرة بشأن أزمة غرق قطر، حيث سلط الرواد الضوء على الأزمة ملحقين معها صورًا وفيديوهات متنوعة تظهر كيف تغرق مياه السيول مطار قطر، وعدد من المكاتب والمصالح الحكومية. ودشن النشطاء هشتاج يحمل عنوان "قطر تغرق", ونشر الرواد فيديوهات تظهر وصول مياه السيول إلى مطار حمد الدولي بالدوحة، وغرد بعض الشباب القطريون بسخرية على الأمر وقاموا بنشر صور للمواطنين يستخدمون فيها الزوراق ويعبرون به "البحر القطري". كما علق النشطاء القطريون على غرق مباني، ومدارس، وشركات، وفنادق كبيرة، بسبب مياه الأمطار، رغم أنها مبنية على الطراز الحديث، فضلًا عن انتقادهم لهيئة الأشغال العامة هناك، بسبب غرق الطرقات. وقال "ياسر الزيات" أحد النشطاء: "لابد من إقالة محافظ قطر، ولكن مصر مستعدة لمساعدة الشقيقة، قطر المفروض ما يكونش ليها مقعد في جامعة الدول العربية أي دولة تخدها على حجرها وتكسب فيها ثواب". وغرد "عبدالعزيز الهاجري": "نداء إلى الدول الشقيقة أنقذونا، قطر تغرق، ولو أمطار لندن نزلت على قطر شبيكون الوضع؟ أمطار قطر قطر تغرق"، وعلق "محمود": "قطر تغرق أحسن أحسن". وقالت "إيموند": "قطر تنبه على سكانها اللي طوله أقل من 150 سنتيمتر يلزم بيته.. المسئولون يتحركون لإنقاذنا". وعقب أزمة أمطار الأسكندرية، شهدت بعض دول العالم الغربي سيول مماثلة وكذلك لم تعلق الجزيرة عليها، حيث أغرقت سيول جارفة ناجمة عن أمطار غزيرة، خلال مطلع الشهر الحالي أجزاء كبيرة من ولاية تكساس الأميريكية؛ مما أدى إلى إجلاء السكان في مقاطعة واحدة على الأقل. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" آنذاك، إن رجلًا فقد أثره في مقاطعة سان أنتونيو، بعد أن اكتسحته المياه، فيما خرج قطار بضائع لشركة "يونيون باسيفيك" عن القضبان في مقاطعة نافارو إلى الجنوب من دالاس، كما انقلبت عربات عدة من القطار. ونجم عن هذه الأمطار، التي بلغ منسوبها نحو 50 سنتيمترًا، إلغاء عشرات الرحلات الجوية في مطار دالاس-فورت وورث الدولي، كذلك لم تسلم عاصمة تكساس، مدينة أوستن، التي يبلغ عدد سكانها 910 آلاف نسمة، من الأمطار الغزيرة التي أغرقت الشوارع والطرق. وتواصل الجزيرة صمتها عن مقتل 10 أشخاص، قرب العاصمة الإيرانيةطهران، وجنوب شرقي إيران؛ بسبب السيول والأمطار التي شهدتها إيران في أكتوبر الماضي، ومقتل 6 آخرين في منطقة باكداشت الإيرانية، بعدما زادت مياه الأمطار وجرفت السيول بعض الإيرانيون، ومرت هذه الأزمات كلها على مرئى ومسمع من قناة الجزية دون تعليق.