انتقادات عديدة توجه لحكومات مصر منذ سنوات عديدة بسبب تزايد عدد البعثات الدبلوماسية فى الخارج، هذه الانتقادات زادت مع تزايد دعوات الحكومة للشعب بالتقشف، فهى أولى بأن تبدأ بنفسها، البعض طالب بإغلاق عدد كبير من هذه السفارات فى إطار سياسة التقشف التى يجب أن تتبعها الحكومة، ولكن الدبلوماسيين أكدوا أن هذا الإجراء محفوف بالمخاطر خشية أن يترجم الأمر على أنه قطع للعلاقات الدولية ومن ثم يكون من حق الدول الأخرى معاملتنا بالمثل وإغلاق سفاراتها فى مصر، ولذلك طالب الخبراء بضرورة تقليل عدد البعثات الدبلوماسية فى الخارج وتحويل القنصليات إلى مكاتب تجارية تستفيد منها مصر بدلاً من الإنفاق عليها دون جدوى. بذخ خارج الحدود فى كل مشكلة يتعرض لها أى مصرى فى الخارج يدور التساؤلات حول دور القنصليات والسفارات المصرية فى الخارج فى حماية حقوق المصريين، وآخرها الإهانة التى تعرض لها الشاب خالد عثمان فى الأردن، ومع تزايد الحديث عن التقشف وترشيد النفقات خرج بعض السياسيين مطالباً بتقليل عدد القنصليات والسفارات فى الخارج والتى يبلغ عددها 196 سفارة وقنصلية فى حين أن دولة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية لديها 117 سفارة فقط، وبذلك تعتبر مصر من أكثر الدول ذات التمثيل الدبلوماسى فى العالم، ومن هنا انتقد الدكتور عبدالمنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية السياسة الخارجية لمصر بعد الثورة، وسيرها بنفس الآليات والأساليب السابقة، وتساءل الدكتور المشاط فى المؤتمر السنوى لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية قائلاً: هل يعقل أن يكون لمصر 5 قنصليات فى أمريكا؟ وهل يعقل أن تكون لنا سفارة فى روما وأخرى فى الفاتيكان والمسافة بينهما لا تتعدى بضعة كيلومترات، وأكد أن عدد الدبلوماسيين المصريين فى تزايد مستمر، مطالباً بضرورة إلغاء المكاتب الثقافية فى الخارج خاصة أن هناك عدداً من الدول قام بهذا الإجراء من قبل واقتصادياتها أفضل من الاقتصاد المصرى. الحل فى التخفيض هذا لم يكن الانتقاد الأول من نوعه الذى تم توجيهه للسياسة المصرية الخارجية، فمن قبل تعالت الأصوات مطالبة بتخفيض عدد البعثات المصرية فى الخارج حيث إن أداءها مثار للجدل، فالمصريون فى الخارج لا يشعرون بدور هذه السفارات والقنصليات، ونفقاتها كبيرة وكلها بالعملة الصعبة التى تعانى مصر من أزمة شديدة فيها انعكست على أسعار كل شىء، ومع تزايد أزمة الدولار وتفاقم مشكلات الاقتصاد المصرى ومطالب ترشيد الإنفاق الحكومى عادت الأصوات مرددة نفس المطلب القديم بتخفيض عدد هذه البعثات الدبلوماسية إلا أن السفير وحيد فوزى وزير الخارجية بحكومة الظل الوفدية سابقاً رفض هذا الإجراء، مشيراً إلى أن مصر لو أقدمت على إغلاق أى سفارة لها فى الخارج فستقوم الدول الأخرى بإغلاق سفاراتها فى مصر عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل المتبع بين الدول، ومصروفات سفارات هذه الدول فى مصر أعلى بكثير من مصروفات السفارات المصرية بالخارج، كما أن هذه القنصليات والسفارات تدر على مصر دخلا بالعملة الصعبة نتيجة التعاملات القنصلية التى تحصلها السفارات من المصريين فى الخارج بالعملة الصعبة ويتم توريدها لوزارة المالية بالدولار، بينما يرى الدكتور أيمن عبدالوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنه فى إطار سياسة التقشف حتى فى إطار تحديد الأولويات تتخذ الدول إجراءات عديدة منها تقليل عدد البعثات الدبلوماسية وليس اغلاق السفارات حتى لا يفهم الأمر على أنه قطع للعلاقات بين الدول، ولكن الإجراء المتبع هو تقليل عدد البعثات وهذا الاجراء لا يكون له أى ردود فعل سياسية أو دبلوماسية، وأضاف أن كثيراً من الدول لجأت لمثل هذا الإجراء ليس من أجل التقشف فقط ولكن فى اطار العلاقات الثنائية بين الدول وحجم التبادل التجارى بينها، وعدد المصريين الموجودين فى الدول الأجنبية، وهذا الاجراء تتبعه الدول كل فترة وليس فيه أى غضاضة. مراكز تجارية ولكن المستشار حسن عمر، الخبير فى الشئون الدولية، أكد أن مصر يمكن أن تستفيد من هذا العدد من القنصليات والسفارات مهما كان كبيراً بتحويلها إلى مراكز تجارية لتسويق المنتجات المصرية فى الخارج، وبذلك لن تكون هذه السفارات عبئاً على الدولة ولكنها تتحول إلى مراكز ترويجية للمنتجات والمشروعات الكبرى مثل مشروع قناة السويس، كما يمكن الاستفادة منها بعمل معارض للمنتجات المصرية كما فعلت الصين، ويكفى أن نذكر أن قنصلية الصين فى جدة مقامة فى مول تجارى. وأشار إلى أن القنصليات والسفارات لكى تقوم بهذا الدور فلابد من تغيير الفكر القديم فى العمل الدبلوماسى، ولابد من إعادة مجد شركة النصر للتصدير والاستيراد على ان تكون هذه القنصليات مكاتب لها وبذلك يمكن الاستفادة منها.