هاشم ونعينع يحييان ذكرى وفاة عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق بالشرقية    القبطية الأرثوذكسية تستضيف اجتماعات رؤساء الكنائس الشرقية بالعباسية    قفزة في سعر الذهب مع بداية التعاملات الصباحية اليوم الجمعة    وزير الإسكان: قرارات إزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي وبني سويف الجديدة    البورصة المصرية تنفض غبار الخسائر.. الارتفاعات تسيطر على تداولات ختام الأسبوع.. وكيف أثر إعادة التعامل بأسهم "القلعة" على المؤشرات؟    للتوصل إلى هدنة شاملة في غزة، رسائل مصرية قوية للعالم    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مدينة غزة    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    "حماس" توضح للفصائل الفلسطينية موقفها من المفاوضات مع إسرائيل    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    بعد التأهل لنهائي قاري.. رئيس أتالانتا: من يريد جاسبريني يدفع المال وهدفنا كان عدم الهبوط    نهضة بركان يبدأ بيع تذاكر مواجهة الزمالك في نهائي الكونفدرالية    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    ذهاب نهائي الكونفدرالية، نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراة الزمالك    تحرير 1419 مخالفة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    خلافات أسرية.. تفاصيل التحقيق مع المتهم لشروعه في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    14 عرضا في مهرجان المسرح بجامعة قناة السويس (صور)    تركي آل الشيخ يعلن عرض فيلم "زهايمر" ل عادل إمام بالسعودية 16 مايو    رسالة قاسية من علاء مبارك ليوسف زيدان بسبب والدته    «القابضة للمياه»: ندوة لتوعية السيدات بأهمية الترشيد وتأثيره على المجتمع    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    التعليم: 30% من أسئلة امتحانات الثانوية العامة للمستويات البسيطة    نشوب حريق داخل ميناء الشركة القومية للأسمنت بالقاهرة    القاهرة الأزهرية: انتهاء امتحانات النقل بدون رصد أي شكاوى أو حالات غش    بالتفاصيل، تشغيل قطارات جديدة بدءا من هذا الموعد    البصل يبدأ من 5 جنيهات.. ننشر أسعار الخضروات اليوم 10 مايو في سوق العبور    التنمية المحلية: تلقينا 9 آلاف طلب تصالح في مخالفات البناء خلال أول 48 ساعة    فصل متمرد.. تغير المناخ تكشف تأثير تقلبات الطقس على الزراعات    تشييع جثمان والدة الفنانة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم ظهر اليوم    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    حفل زفافها على البلوجر محمد فرج أشعل السوشيال ميديا.. من هي لينا الطهطاوي؟ (صور)    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    الصحة: أضرار كارثية على الأسنان نتيجة التدخين    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    موعد صلاة الجنازة على جثمان عقيد شرطة لقى مصرعه بببنى سويف    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد زكي :السادات سبق عصره وخطأه الوحيد السماح للإخوان بالظهور
نشر في الوفد يوم 07 - 10 - 2015

اللواء «فؤاد صالح زكي» من قادة حرب أكتوبر وقدم بطولات شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء خلال توليه قيادة اللواء الثامن مشاة، تحدث إلي «الوفد» وقال انه خرج إلي الدنيا ولم يجد أمامه غير حزب «الوفد» وشعار الشعب «يحيا الوفد ولو فيها رفد» مشيراً إلي إيمانه العميق بدور الوفد في الوحدة الوطنية ورسالته الوطنية وبمناسبة ذكري حرب أكتوبر تركناه يسترجع ذكرياته فكشف ل«الوفد» بسالة الجندي المصري الذي قتل الجنرال الإسرائيلي «ابراهام ماندرال» قائد المدرعات، وكيف تمكنوا من أسر 19 جندياً وضابطاً إسرائيلياً أول أيام القتال، مشيراً إلي أن فرصته كانت كبيرة وهم يجدون من أنفسهم بعد 15 دقيقة فقط من اندلاع الحرب علي الضفة الشرقية للقناة مؤكداً أن اليهود استماتوا لاسترداد نقطة كبريت لكسر الروح المعنوية للمصريين ولكنهم فشلوا أمام شجاعة وقوة تحمل وإيمان وذكاء الجندي المصري. مؤكداً ان الرئيس السادات كان يسبق عصره، ولكنه وقع في خطأ كبير عندما أعطي مساحة للإخوان وبعض المتشددين الذين قاموا بقتله.. وإلي الحوار،،
ما الذي تتذكره وترويه للأجيال بعد مرور 42 عاما علي حرب أكتوبر؟
- كان لي شرف قيادة اللواء الثامن التابع للجيش الثالث للتحرك من الشرق إلي الغرب ومن الحد الأمامي إلي العمق في الداخل فمسحنا أرض الجيش الثالث الميداني رغم قسوة الصحراء وكان الكل يؤمن برسالته القادمة وهي القتال حتي الموت وتمركزنا في موقع بداية الهجوم إلي الضفة الشرقية، للاستيلاء علي النقط القوية ونتصدي لهجمات العدو، لأننا كنا نشعر بمدي ما تعانيه مصر في تلك الفترة التي كان شعارها «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» رغم ضعف الإمكانيات كنا نفكر في كيفية التغلب علي المشاكل التي كنا نواجهها في التسليح.
كيف كانت جاهزية مسرح العمليات؟
- كان عبارة عن مواقع، ومرابض نيران وطرق، ومراكز قيادة وسواتر، ومصاطب للدبابات، ودشم حتي تحمي أسلحتنا وعلي الجانب الآخر كان العدو جهز خط بارليف وكان عبارة عن ساتر ترابي يمتد 170 كم يبدأ من بورسعيد إلي بورتوفيق بارتفاع «21» متراً بزاوية ميل حادة تصل إلي 80 درجة أو أكثر، وتم تدعيمه بالداخل بقضبان السكك الحديد والفلنكات والصبات الخرسانية القوية التي لا تؤثر فيها القتال، وجهزوا له في الأماكن والمواقع المهمة نقاطاً قوية مثل مدخل القناة، بنقطة «بورتوفيق» وفي جنوب البحيرات، موقع اللواء الثامن نقطة قوية وبيننا وبين الجيش الثاني نقطة «كبريت» القوية وهذه النقاط بها ملاجئ وتحصين يتناسب مع أعلي الأعيرة التي لدي قواتنا المسلحة، وبها خط نيران به شيء من الذكاء وأحاطوها بحقول ألغام وصممت لتصمد فترات طويلة في الحرب أو الحصار حتي يتمكنوا من ان ينقذوها بالاحتياطيات من سرايا الدبابات والسرايا الميكانيكية القريبة أو البعيدة ثم المطارات، ومصاطب الدبابات والرشاشات حتي يحولوا القناة إلي نار موقدة وقتما أرادوا بالإضافة إلي خزانات النابالم داخل النقط القوية.
الضربة الرئيسية
ومتي عرفت موعد الهجوم وما المهام التي كلفت بها؟
- يوم 5 أكتوبر استدعاني اللواء «عبدالمنعم واصل» رحمه الله قائد الجيش الثالث في مركز قيادة الفرقة والعميد «أحمد بدوي» قائد الفرقة وهناك قابلت العقيد «شعيب» قائد اللواء «130» مشاة الأسطول وهذا اللواء كان سيهجم في الخطة علي يساري عن طريق البحيرات عائم والفرقة السابعة، في اليسار والفرقة «19» في اليمين والفرقة السابعة ستهجم بلواءين في اتجاه الضربة الرئيسية.
وما مهام اللواء الثامن تحديدا؟
- اللواء «واصل» قال لي سأعطيك علمين لترفعهما علي الضفة الشرقية فقلت بمشيئة الله، وتملكتني انفعالات حمل المسئولية مع أني قاتلت في الاستنزاف والقنطرة ولكن شعرت في هذا اليوم بتحمل المسئولية عندما أمسكت العلمين من اللواء «واصل» وذهبت إلي المؤتمر لأحضر تنظيم التعاون بيني وبين مشاة الأسطول في كيفية الهجوم، وذهبت إلي موقعي ويوم «6» صباحاً ولم أعط أية أوامر لأن الكل يعلم مهامه تماما.
وماذا حدث لحظة الاقتحام والعبور؟
- بمجرد إعطاء الإشارة تم تجهيز القوات وتعمير المدافع إلي ان يأتي الأمر بالاقتحام وبدأ الإسرائيليون يشعرون بالتحركات غير الطبيعية ولكننا باغتناهم بالهجوم، فهجمت بكتيبتين الأولي علي النقطة القوية جنوب البحيرات وهذه الكتيبة كانت تتمتع بالروح العالية والضبط والربط والشجاعة والفدائية من الضباط والجنود، وكان معهم الفنان «لطفي لبيب» وكنا نتفنن في كيفية رفع الروح المعنوية للجنود وفي «الكانتين» وهذه الكلمة لها دوم مهم في القتال سنشير إليه بعد ذلك، وهجمنا الساعة الثانية والنصف وفتحنا النيران وحشدنا الدبابات علي النقط القوية، وعبرنا وكنت بعد «15» دقيقة موجوداً علي الضفة الشرقية ووصلنا إلي الخطوط قبل موعدنا بفترة.
نجاح الخطة
وماذا عن كتيبة اليسار؟
- كتيبة اليسار تعثرت في الهجوم وبدأنا نتكبد خسائر ولكن لم ينجح العدو في فتح النابالم علينا وأسكتنا أسلحته الرئيسية وفي ليلة 6، 7 أكتوبر هاجمتنا دباباته ليلاً، وبدأ يظهر دور مدفعيته فأرسل لي «منير شاش» لأنه كان يسمعنا وأرسل مقدم ضابط صواريخ وحددت له أهداف العدو، وكنت أخشي ان تنتشر الصواريخ علينا ولكنه حدد القذف بدقة علي دبابات العدو وأبعدها إلا دبابة واحدة حاولت الاقتراب من النقطة القوية ودمرناها وقائد الكتيبة «26» النقيب «سيد البرعي» كان شجاعا هادئ البال، وقبض علي فردين من طقم الدبابة التي تم تدميرها واستغلهم استغلالاً رائعاً ولم يخطرني به إلا بعد ان نفذ المهمة بنجاح لأنه أمرهما أن يفتحا اتصالاً مع زملائهما داخل النقطة ليقولوا لهم ان المصريين يعاملوهم معاملة جيدة، وعليهم أن يخرجوا ويسلموا أنفسهم وسوف يضمن حياتهم إذا فعلوا هذا بالفعل نجحت الخطة وخرج «9» إسرائيليين يرفعون مناديل بيضاء وكانت فرحة شديدة وأصبح لدينا «11» أسيراً، فكررنا نفس الأمر مع نقطة اليسار وخرج «17» أسيراً، وحاول أحدهم الهرب فأطلق عليه الرصاص وكانت أول مرة نحصل علي أسري في حرب أكتوبر، وضممنا عليهم جندياً آخر من المدفعية. وكان معي ضابط «محمود أبوالعيون» من الاستطلاع الإلكتروني قال يا فندم وراك جهاز لاسلكي يدير النيران بالإضافة إلي ناجي مشهود ضابط الاستطلاع.
وما قصة الجنرال «ابراهام ماندرال» الذي قتلته جنودك؟
- يوم 14 أكتوبر بدأ تطوير الهجوم وهاجمتنا الدبابات الإسرائيلية فدمرنا «5» دبابات ولم ينجح تطوير الهجوم فوقفنا علي خطوطنا وفي يوم 15 أكتوبر انتشر خبر مقتل الجنرال «ماندرال» ولم نهتم مع أنه قتل في قطاع اللواء الثامن من أحد رجالنا وبأسلحتنا دمر دبابته وقتله، ولكن في عام 1982 اتصل بي «أبوغزالة» وزير الدفاع حينها وقال سيأتي لزيارتك وفد إسرائيلي من عائلات القتلي وحضر معي ضابط مخابرات وقابلتهم في محطة نقل بري في طريق السويس الكيلو «61»، وكنت رئيس أركان حرب الجيش الثالث ومعهم فرد من السفارة الإسرائيلية يدعي «تامر» وآخر من جيش الدفاع الإسرائيلي وحاخام وسألني رجل الزيارة هل تعرف الجنرال «ماندرال» فقلت نعم ضابط المدرعات فأشار إلي امرأتين وقال زوجته وابنته قادمتان لتعرفا مكان قتله، وفوجئت بخرائط معهما تحدد مكان قتله، وتذكرت انه بعد قتل «ماندرال» اسقطنا طائرة «هليوكوبتر» للإخلاء الطبي وقتل الطيار و«4» ممرضات ولم ينج إلا مساعد الطيار واسمه «ران رعنان» وسألناه فقال أخذت أوامر من بئر تمادا لإخلاء قائد كبير أصيب في الميدان ولكنكم أسقطتم طائرتي وطلب مني هذا الأسير ان لا أقتله وقلت له اننا نتبرأ من سوء معاملة الأسري والجرحي وأحضرت له «شاي» والطبيب المصري لإنقاذ حياته إيمانا أنه سيكون ذا قيمة.
وكيف بدأت معركة الحصار؟
- بينما كنا نتعامل بالمدفعية والدبابات مع طيران العدو فوجئت ان أحد الضباط في الشئون الإدارية يبلغني ان العدو ظهر في معسكر «حبيب الله» خلفنا فأعطيت الأوامر بسرعة سحب التكدسات من الذخيرة والتعيين وفي يوم 18 أكتوبر أصدر العميد «أحمد بدوي» أوامره لي أن أهاجم الموقع الابتدائي الذي هجمت منه في الغرب فسألته: كيف يا فندم؟ فقال: لان اليهود خلفنا وشوف لك حل بسرعة حتي لا يحاصرونا، واللواء الثامن هو اللواء الوحيد في الجبهة الذي قاتل في الشرق والغرب وقمت بتحريك المدافع من الشرق إلي الغرب لأهجم علي الموقع الذي عشت فيه وكيف سأقاتل وحدات المؤخرة في الخلف، وهذه الليلة فكرنا في مركز القيادة كيف دخل الإسرائيليون إلي الموقع؟ وهناك «3» طرق قلنا نغلق عليهم هذه الطرق حتي لا يخرجوا، وعملت له كمائن بالألغام علي الطرق التي توقعت أنهم جاءوا منها، وأرسلت ضابط استطلاع فجاء لي بخبر واحد ان العدو عند «الكانتين» فعرفنا كيف نصطاده وحاربناه بشراسة وعنف وبفضل الله دمرنا نحو 10 دبابات علاوة علي قتلاهم وجرحاهم عندما أرادوا الهرب فوقعوا في الكمائن التي أعددناها لهم.
كسبنا أرضاً
وإلي متي استمرت مع أن «جولدا مائير» أعلنت قبول وقف إطلاق النيران؟
- «أحمد بدوي» أرسل لي الساعة 3 فجراً شخصا اسمه «عبدالوهاب» وقال: «جولدا مائير» أعلنت انه سيتم وقف إطلاق النيران وقال ارجع قبل الفجر الساعة 3 يوم 19 وبدأنا نرجع والكباري كانت دمرت فرجعنا علي كوبري مشاية عرضها متر ومعنا بعض الخرائط والأسلحة وبدأ قذف الطيران الإسرائيلي لمدة «3» أيام متصلة وأسقطوا علينا منشورات بهدف التسليم ولنوقف القتال، ولكن هنا ثبت معدن الجندي المصري الذي يتمتع بالصبر والقوة والإيمان والحيلة والثقة في قياداته لدرجة أن «السادات» سأل «أحمد بدوي» يوم إعطائه النياشين في مجلس الشعب هل حافظت علي الرجال أولادي، فقال نعم وكسبنا أرضاً جديدة أثناء الحصار موقع «كبريت» كان بيني وبين الجيش الثاني ثغرة بينهما فدفعت جزءاً من القوات في هذه الثغرة حتي نقرب المسافة بين الجيشين وعليه كسبنا الأرض التي أبلغ عنها «بدوي» الرئيس «السادات».
وكيف استقبلتم ضابط الأمم المتحدة الذي جاء لزيارة القوات المحاصرة؟
- العميد «أحمد بدوي» أخبرني ان قائد قوات الأمم المتحدة قادم لزيارة الجيش الثالث، والعقيد «فتحي عباس» قال لي كل ما يراه هذا الجنرال سيبلغ به كل الجهات ويجب أن تحرص علي إظهار القوات المصرية في مظهر الضبط والربط والروح المعنوية العالية والتدريب، وخططنا للزيارة بحيث وهو قادم من السويس لزيارة جنوب البحيرات وجد أول مجموعة تلعب كاراتيه بقيادة الضابط «حسام البدوي» والمجموعة الثانية بعد حوالي كيلو متر وجدها تلعب «شد الحبل» ومجموعة ثالثة تتدرب بمواسير مياه إلي ان جاء عندي في النقطة القوية التي استولينا عليها.
وكيف تعاملت معه ضابطاً لضابط؟
- جاء الرجل وعرفني عليه اللواء «أحمد بدوي» وقلت له نحن نقوم بالتدريب وكان لدينا دبابة «سنتوريان» أسيرة وقلت نتدرب علي اصطياد الدبابات، وطقم الدبابة «5» أفراد وعملنا تدريباً أمامه سائق مصري يقودها ومجموعة تهاجمه وطقم الدبابة المفترض بقتل هذه المجموعة فيقوم جندي المفترض انه يقتل سائق الدبابة بقنبلة ثم ينام علي الأرض وسط جنزير الدبابة وتمر فوقه والرجل هلع واعتقد أنها ستدهسه ولكن بعد مرورها يقف الجندي سليماً.. وقلت لهذا الجنرال اليوم لدينا مسابقة ضرب نار ولم يكن لدينا أهداف ستائر فقمت بتفكيك بناء مسرح السويس وقصصناها علي شكل النجمة الإسرائيلية ووضعناها علي تختة واستدعيت جندياً من الكتيبة وقلت له أنا سأضرب علي الشكل في اليسار والجنرال سيضرب علي الشكل في اليمين ضربي مش مهم وعليك ان تقف مختفياً وقريباً من شكله ولابد أن أجدك وضعت «4» طلقات في الهدف الخاص به من الخمس طلقات يعني أنت تكمل أي طلقة تخرج بعيداً عن الهدف، فقال الجنرال أنا لي وقت طويل لم أضرب نار فأعطيته بندقية قنص روسي وقلت تدرب حتي وقت المسابقة المهم الجندي وضع له «4» طلقات في الهدف وقلت له أنت ماهر في ضرب النار وأعطيت له زجاجة «كولونيا».. ثم عزمنا «أحمد بدوي» علي الغداء ومحافظ السويس أرسل كمية لحوم حتي نظهر أمام الجنرال بعدم التأثر من الحصار.
معركة الحصار
وماذا كان رد فعل هذا الجنرال علي ما شاهده خلال زيارته للقوات المحاصرة؟
- قال أنا خجلان لأني لم أكن أتوقع هذه المقابلة، لاني كنت مع زوجتي في «قبرص» فقالوا فصدرت إليَّ الأوامر بأن ألحق جيشاً محاصراً بدون طعام ولا ماء ولا أغطية ولا دم ولا أدوية وفيه كمية من الجرحي وتفشت بهم الأمراض لأتخذ الإجراءات الإنسانية اللازمة لإنقاذه لكني فوجئت بهؤلاء الرجال يتدربون بتدريبات عنيفة ويقومون بمسابقات الرماية لرفع كفاءة الجنود ويوزعون الهدايا والمكافآت لرفع الروح المعنوية وقال الجنرال «أحمد بدوي» سيادة القائد أنا لا أملك هدية معي إلا السلاح الذي حصلت عليه أثناء تخرجي من الكلية الحربية وكانت عبارة عن مطواة لها مقبض من البامبو وهي أثمن ما يعتز به الضابط «الفنلندي» وأهداها إلي «بدوي» وقال له أرجو أن ترسل تحياتي إلي مرءوسيك من الجنود، ثم انتهت معركة الحصار بتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات.
وكيف دار القتال العنيف حول نقطة كبريت القوية؟
- نقطة «كبريت» هي من النقط القوية للعدو تقع بين الجيشين الثاني والثالث ونجح الضابط «إبراهيم عبدالتواب» من اللواء 130 مشاة الأسطول من اقتحامها والاستيلاء عليها مع رجاله، وحاول اليهود ان يستردوها ولم يتمكنوا وبالطبع «عبدالتواب» يستهلك في الدفاع عنها ذخيرة وتعيينات وأدوية وبطاريات ووقود هذا الاستهلاك بلا استعواض نتيجة للحصار وقال لي العميد «بدوي» لابد أن يتم إمدادهم وبالطبع لا يوجد طريق إلا عن طريق البحيرات مع أن الكباري دمرت، وأعلنت عن التطوع في اللواء لمن يجيد السباحة لسحب لنشات تحت سمع وبصر العدو فتقدم الضابط «عبدالحميد» ومعه شاويش، وقال أنا سباح في نادي «سبورتنج» وبالفعل نزل الاثنين البحر ومعهما حبلان واحضرا لنا لنشين ولكن للأسف كانا لا يصلحان لان الشظايا ملأتهما بالثقوب، ولكنهما بكل شجاعة قررا تكرار العملية مرة أخري وبالفعل نجحا في إحضار لنشين آخرين وأمكن للفنيين تجهيز وتجميع لنشين من الأربعة وعملنا طوق من البراطيم ليلاً وبدأنا في إرسال أول شحنة للنقطة القوية المحاصرة وتم التعامل مع «إبراهيم عبدالتواب» بالشفرة وتطوع الرقيب «رجب» من مهندسي الفرقة ومعه طرد آخر لتوصيل الإمداد وأصبح «رجب» أشهر من نار علي علم لانه عند عودته تعطل وكانوا يقولون «رجب مريض» يعني عطلان وكنا منبهين علي «رجب» عند وصوله عليه فك الطوق وتغطيته بشباك ويتم إخلاء اللنش في أقل من «10» دقائق وبالفعل تم هذا، لان «عبدالتواب» ورجاله بالنسبة لنا كانوا أملاً كبيراً في الحفاظ علي نقطة «كبريت» إلي ان ضربت إسرائيل مدفعيتها عليه واستشهد «عبدالتواب» ولكني أخفيت هذا الخبر حرصا علي معنوياتنا إلي أن قال «بدوي» أرسل إشارة إلي القائد الثاني ليتولي القيادة ثم بعد «3» أيام تم توقيع الاتفاق علي الفصل بين القوات بعد أن فشل الإسرائيليون في استعادة «كبريت» لاسترجاع جزء من «خط بارليف» وكسر الروح المعنوية للمصريين.
كيف عرفت «السادات» قبل رئاسته للجمهورية؟
- تزوجت وأنا ملازم أول وسكنت مع «السادات» في «151 أ» ش مصر والسودان أثناء زواجه من السيدة «إقبال» زوجته الأولي وكان في الشقة المقابلة لشقتي ومعه أولاده صغاراً، وفي البداية لم أكن أعرفه إلا من خلال صوره في قضية «أمين عثمان» ومن يومه وهو وجيه ويهتم بشياكته ومظهره وركبت معه الأسانسير وتعرفت عليه لأول مرة وسلم عليَّ وسألني أين مكان خدمتك فقلت له أنا في اللواء الأول، وهو كان عضوا في مجلس قيادة الثورة.. وتقابلنا مرات قليلة بعد ذلك إلي أن أصبح رئيساً للجمهورية وأنا أصبحت رئيس أركان الجيش الثالث بعد نصر أكتوبر.
وكيف كان بعد أن أصبح رئيساً منتصراً؟
- كان يأتي إلي سانت كاترين مرتين في عيد الفطر وعيد الأضحي ومعه الشيخ «عبدالرحمن بيصار» و«السيد مرعي» و«عثمان أحمد عثمان» و«حسب الله الكفراوي» وأنيس منصور وفوزي عبدالحافظ وكبير الياوران «حسن علام» وكنا نسبقه في الجيش الثالث لتجهيز التأمين ولم يكن توجد سياحة ولا يوجد غير الدير والمطار وكان يقابلنا في إفطار آخر يوم في رمضان علي ترابيزة منخفضة ونجلس جميعاً علي «شلت» وهو علي رأس الترابيزة والباقون حوله ويشرب «الخشاف» ثم يقوم ويقول زي ما انتوا أكملوا الفطار ويذهب إلي استراحته لصلاته وللراحة ثم يعود للسهرة وهو يرتدي الجلباب ومعنا «أحمد حلمي بدر» محافظ السويس فيسأله: ايه أخبار علي البربري يا أحمد؟ فيقول «أحمد»: «البربري» مين يا فندم؟ فيرد «الرئيس» شيخ الطلمبات، فقال يا فندم تعيش أنت.. «السادات» يقول ياااااه الله يرحمه، والكل يريد ان يعرف من هو «البربري» المهم نزلت أنا و«قدري سعيد» قائد الجيش إلي السويس ودخلنا علي المحافظ وسألناه عن «البربري» فقال الريس بتاع الرئيس لما كان هربان من البوليس السياسي جاء إلي السويس وأطلق علي نفسه لقب «الحاج محمد» وعاش في حجرة الجنايني في بيت «أحمد حلمي بدر» المحافظ ولم ينس «السادات» هذا وعندما أصبح رئيس جمهورية أراد أن يجعله عضواً في مجلس الشعب لكن السوايسة أسقطوه أمام آخر ينتمي لعائلة كبيرة في السويس، فعينه الرئيس محافظاً للسويس بدلاً من عضوية مجلس الشعب.
وكيف كان تعامله مع ضباط أكتوبر؟
- «السادات» لم يتغير: وله مواقف كثيرة توضح من هو «السادات» ذات يوم قال ل«فؤاد عزيز غالي» لما يأتي لك أمر الله وتموت ستدفن فين؟ فقال له في مدافن العائلة، فرد «السادات» أنت غلطان وعليك عمل مدفن في القنطرة لأن مجدك العسكري كان هناك، وضحكنا فقال الرئيس سأبني هنا مجمع أديان مسجد وكنيسة ومعبد يهودي وأكتب عليه «السادات وصل هنا بالسلام»، لأن «بن جوريون» مدفون في «النقب» وكتب علي قبره هنا وصل الحرس القديم فأين سيصل الجيل الجديد، وهو وصل بالسلاح وبهذا أرد عليهم بأن «السادات» وصل بالسلام و«بن جوريون» وصل بالحرب.. فالسادات كانت له أفكار تسبق عصره ولا يستوعبها من حوله، لكنه للأسف أخطأ الخطأ الذي أدي إلي قتله بفتح المساحة للإخوان والتيارات المتطرفة التي قتلته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.