قال اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكرى، الذى شغل مساعد ملحق عسكرى فى الاتحاد السوفيتى والحاصل على الدكتوراه فى الاقتصاد، وترأس فروع التخطيط والتدريب والعمليات فى سلاح الحرب الإلكترونية، إن مصر تحدت التفوق والتوازن النسبى لصالح إسرائيل ودخلت الحرب من أجل الاستقرار فكسرت نظرية الأمن الإسرائيلى، وأن غرور العدو وعجرفته أفاد مصر كثيراً فى اتخاذ الاحتياطيات والتمويه والخداع، الذى وصفه بأفضل تعاون تم بين القيادة العسكرية والسياسية، وجاء قرار طرد الخبراء الروس وتغيير وزير الدفاع من أهم القرارات التى ساعدت فى خطة الخداع، تحدث مدير مركز الدراسات الاستراتيجية السابق بالقوات المسلحة فى حوار ل«الوفد» عن تسريب أخبار فى الصحف الإنجليزية والإيطالية تفيد بأن الجيش المصرى غير مستعد للقتال بسبب انتشار الفساد داخله وأن ذخيرته لا تكفيه سوى أسبوع واحد، واصفاً التضامن العربى بأنه كان فى أفضل صوره من خلال الدعم المادى واستخدام سلاح البترول فى المعركة.. وإلى الحوار. ما الذى يجول بخاطرك عن ذكريات أكتوبر المجيدة؟ - أكتوبر ذكرى تعيش فى وجدانى وذكرى عطرة للشعب المصرى وللأجيال التى لم تعشها ليعرفوا ماذا قدم أجدادهم وآباؤهم، وماذا فعلوا بقلة الإمكانيات وظروف لا يتخيل صعوبتها إنسان، ومع هذا استطعنا أن نتغلب على أحدث الأسلحة التى يستخدمها العدو، لأن إسرائيل تحصل دائماً على أسلحة متطورة، قبل أن تستخدمها أمريكا، والدليل أنها خلال أيام ستحصل على الطائرة ال«إف 35» قبل أن تدخل الخدمة فى الجيش الأمريكى، ومصر كانت تعتمد على الاتحاد السوفيتى الذى كان عليه ضغوط شديدة جداً حتى لا يعطينا أى نوع من الأسلحة تسمح بالتفوق المصرى على إسرائيل، ولكننا استطعنا أن نطور المعدات المتاحة لنا ونستخدمها بكفاءة عالية وحافظنا عليها، وكانت تمر علينا أوقات لابد أن ندفع ثمن الأسلحة بالعملة الحرة، وأذكر أن «بومدين» الرئيس الجزائرى ذهب إلى روسيا خلال حرب أكتوبر ومعه أموال سائلة ليسلمها إلى السوفييت حتى يعطوا مصر وسوريا الأسلحة، والبطولات التى قامت بها القوات المسلحة أذهلت وأدهشت العالم قبل وخلال الحرب مثلاً الأبطال الذين خرجوا ليفجروا الحفار الإسرائيلى فى السنغال، وعندما ذهبوا وجدوه انتقل إلى «أبيدجان»، وكان يوجد حب وانتماء للدولة والشعب لم يبخل على الجيش بأى شىء ولم تتأخر أى جهة مدنية عن تقديم أى طلب للقوات المسلحة. لو عدنا بالذكريات أين كنت فى يونية 67؟ - كنت فى دورة بكلية القادة والأركان وفى 14 مايو 67 استدعانى مدير الكلية وأخبرنى برفع درجة الاستعداد للقوات المسلحة وأنهم مضطرون لإلغاء الدورة حتى يتم توزيع الضباط على أماكنهم وأنا كنت نقيباً ولى ظرف خاص ولم يكن لى وحدة، وكانت توجد كتيبة رادار وحيدة فى سيناء موزعة على بئر العبد والعريش ونخل وتمادا، والقيادة فى مطار المليز، وعينت ضابط إشارة فى هذه الكتيبة ثم حدثت النكسة. البدء من الصفر لكن كيف نشأ سلاح الحرب الإلكترونية فى القوات المسلحة التى عملت فيه خلال حرب أكتوبر؟ - بدأت القوات المسلحة عمل نواة سلاح الحرب الإلكترونية من سلاح الإشارة وبدأته قبل نكسة 1967 ولأنى كنت أجيد لغة العدد «العبرية»، والحرب الإلكترونية جزءان استطلاع إلكترونى لجمع المعلومات وإعاقة إلكترونية، وأنا كنت أتبع الاستطلاع الإلكترونى وبحكم أنها مصدر معلومات انتقلت تبعيتها إلى جهاز إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع لأنها المسئولة عن الحصول على معلومات عن العدو، وبدأنا من الصفر، ولكننا تطورنا وتوسعنا إلى أن أصبح أمام كل جيش من قواتنا فوج من سلاح الحرب الإلكترونية مكون من سرية إلى كتيبة إلى فوج. وما المهام التى كنتم مكلفين بها؟ - أصبح الاستطلاع الإلكترونى مصدراً مهماً للقوات فى جمع المعلومات، وقبل الحرب كنا نهتم بماذا يعرف العدو عن قواتنا وهذه كانت نقطة حيوية يمكن لها أن تغير مجرى الحرب لأننا إذا كنا نريد الهجوم فسنعرف ماذا سيفعل وهل عرف خطتنا ووقت الهجوم أم لا؟ وماذا كان دوركم خلال حرب الاستنزاف؟ - كان لنا دور مهم فى عمليات الاستنزاف التى تقوم بها الأفراد سواء الإغارة على العدو بهدف الحصول على أسرى أو وثائق أو معدة، أو خلال عمليات الأكمنة ضد الدوريات الإسرائيلية لأننا كنا نعلم ماذا يفعل العدو بالتفاصيل ونعرف تحركات وأماكن السيارات والدبابات والطائرات بل من الموجود فى هذه المعدات وكنا نضع هذه المعلومات بين يدى القوات المغيرة وتجعل العدو كتاباً مفتوحاً أمامهم. كيف كان التعاون مع العناصر المهاجمة فى الشرق؟ - كنا نتعامل معهم عن طريق أجهزة اللاسلكى بواسطة خلية عمل أو مركز لإدارة العملية التى تنفذ، والاتصال كان مباشراً، ولو كان سيحدث خطر علينا أن نخبرهم حتى يحتاطوا أو يعودوا لو الخطر كان شديداً. من ضمن أسباب الهزيمة قلة المعلومات المتاحة عن العدو وأيضاً نجاح العدو فى اختراقه وسائل الاتصال كيف تعاملتم مع هذه الأزمة؟ - أولاً من خلال التقييد عن طريق الاتصال اللاسلكى والتردد لا نحيد عنه، ولا نتحدث كثيراً ونتحدث بالشفرة وباستخدام أجهزة تقوم بتغيير صيغة الكلام ذاته، ثانياً أحاول تجنبه حتى لا يضرنى لأنى أعيق عمله، وهو فى الوقت نفسه لديه أجهزة لابد أن أعرف هل هى تؤثر على وسائل الاتصال الخاصة بى أم لا، وقد تم هذا بنجاح. فك التشويش لكن العدو بعد 67 أصبح شديد الغرور والعجرفة هل هذا أفادكم بسبب عدم حذره واحتياطاته؟ - نعم.. الحقيقة هذا أفادنا كثيراً حتى بعد النكسة لم يكن العدو جهز التجهيزات الكافية لسيناء، فكان يتحدث حديثاً مفتوح ونحن كاستطلاع إلكترونى كنا نتابعهم إلى أن عرف من خلال احتياطاتنا ودفاعتنا بناء على ما كانوا سيقومون به سواء من قذف مدفعية أو طيران فاكتشف أننا نتابعه فأصبح يتحدث بالشفرة. وهنا بدأ الصراع الإلكترونى كيف تغلبتم عليهم؟ - الحقيقة كان لدينا أفراد ممتازون جداً لدرجة أنهم حفظوا أصوات المتحدثين الإسرائيليين عن طريق الصفات الشخصية لهم مثلاً أحدهم به عثرة فى نطق حرف ما، وآخر يتحدث بصوت منخفض، وغيره صوته مرتفع، وهذا جعلنا نتابعهم مهما هربوا بالتردد فى توقيت العمل بأى صورة من الصور، ثم أحضروا جهاز تشويش وضعوه على اللاسلكى فذهبنا إلى الكلية الفنية العسكرية وكليات الهندسة لنعرف طبيعة هذا التشويش وكيفية التغلب عليه، وبالفعل أحضروا لنا وحدات نضعها على الأجهزة حتى نفك هذا التشويش. وكيف كانت خطة الخداع السياسى التى خدعت الداخل والخارج؟ - الدولة قامت بعمل خطة خداع على أعلى مستوى فى المجال السياسى على جبهة مصر وسوريا وعلى المنطقة ككل وعلى المستوى الاستراتيجى والتعبوى وكان فيه رأى عام داخل البلد أعتقد فى حالة اللا حرب واللا سلم، وهذا معناه أنه لا توجد نية للحرب، ثم قبول مصر للمبادرات الحلول السلمية وإسرائيل ترفضها، والاتحاد السوفيتى كان يرفض الحرب، والعالم كله شهد طرد الخبراء الروس من مصر فى 1972، ثم تغيير وزير الدفاع بتعيين الفريق أحمد إسماعيل بدلاً من الفريق محمد صادق والسادات نفسه أعلن أكثر من مرة عن عام الحسم ولكنه لم يحدث ويقول الضباب، وأظهرت الدولة صعوبة التضامن العربى عن طريق وسائل الإعلام من خلال تصريح مسئول أو وزير ثم أظهروا أنهم لن يستخدموا البترول كسلاح فى المعركة. وماذا عن خطة الخداع العسكرية؟ - خطة الخداع العسكرية بدايتها بالسرية التامة من الاستعدادات، إذ كيف ل1800 و900 قارب ستعبر وكيفية إخفائها، ثم التدريب على كيفية إخفاء الكبارى المنقولة التى ستعبر عليها المعدات والدبابات، ثم يوجد مبدأ أن الجندى الذى يقف على الجبهة فترات طويلة صعب أن يقوم بالهجوم لأنه اعتاد على الدفاع، فكان لابد أن الذين سيهاجمون يأتون من الخلف للعبور فكيف يتم إخفاء هذا العدو الهائل من الجنود؟! أساطيل الهليكوبتر وماذا عن التعاون فى خطة الخداع السياسية والعسكرية المشتركة؟ - كان علينا أن نخدع ونضلل ونظهر بعض الحقائق ولكن مع تسليط الضوء عليها بشدة، مثل أن روسيا لا تريد أن تمد مصر بالأسلحة المتطورة، وأن الدول العربية لا تقدم المساعدات المناسبة لمصر، وأن عبور قناة السويس صعب لأنه مانع مائى رهيب واستحالة اقتحامه وعبوره بسبب أنابيب النابالم، وأظهرنا كلام الخبراء الذى قال بعضهم إنكم تحتاجون قنبلة ذرية لتعبروا الجانب الآخر، ،وغيرهم قال مصر تحتاج أساطيل من طائرات الهليكوبتر لنقل الجنود من الغرب إلى الشرق، ولم يخطر ببالهم أن الجندى المصرى سيعبر فى قارب مطاطى وسيهاجم العدو الذى يحتمى فى دشم وخنادق خرسانية مسلحة.. أيضاً كانوا يتأكدون من استحالة التعبئة لمدة طويلة، ثم أعلنت عن زيارة وزير الدفاع الرومانى لمصر يوم 8 أكتوبر وهذا معناه أنه لا توجد حرب، ثم كان يوجد تردد أن الطيارين الروس غير راضين عن الطائرات الميج ويريدون استخدام الطائرات الغربية مثل الفانتوم والميراج لأن الميج ليست بكفاءة هذه الطائرات، ثم الإعلان عن فتح باب الحج والعمرة لضباط الجيش ثم تكرار تعبئة الجنود من خلال مناورات الخريف، خلال أكتوبر، اعتبر اليهود أن تعبئة 1973 للمناورة التى تحدث كل سنة، وتم تسريب أخبار عن أن نسبة كبيرة من الأسلحة غير صالحة ووصلت إلى نسبة 50 : 60٪ غير صالحة. وماذا عن خطة الخداع الاقتصادى؟ - كان يصدر للناس بعض الأزمات، ودائماً يعلن المسئولون أن احتياطى السلع الاستراتيجية من القمح والفول والعدس لا يكفى إلا بعض أسابيع إذن كيف ستحارب الدولة والناس تشكو من الإنفاق العسكرى الذى يثقل كاهلهم؟! وكيف اشترك الإعلام فى خطة الخداع؟ - الإعلام كان يعلن أن الجبهة المصرية غير قادرة على الحرب، وكان يوجد فرض حظر على الصحف ثم أصبح بعضهم يتحدث عن الجندى الإسرائيلى السوبرمان، وأن الجندى المصرى فى احتياج إلى ذخيرة، وتوجد صعوبة فى التغلب على خط بارليف. هل تم استخدام مواقف دولية أو أحداث خارجية فى خطة الخداع؟ - نعم.. فى 13 سبتمبر 73 حدثت معركة جوية بين إسرائيل وسوريا أسقط فيها أكثر من طائرة لسوريا وكان يوجد بعض التربص بسوريا، وفى 28/9/73 تم خطف قطار بواسطة 2 عرب يحمل مهاجرين روس إلى جنيف ثم ينقلون إلى إسرائيل، وهذان الحادثان مصر استغلتهما جيداً لأنهما لافتا أنظار إسرائيل إليهما بعيداً عن الجبهة المصرية بعض الشىء، ثم اتهم الرئيس السادات السوفييت علناً أنهم سبب التأخير فى الحرب، وفى أغسطس 1973 استقبلت سوريا سكرتير عام الأممالمتحدة للتباحث حول القرار 242 ثم جاء إلى مصر، وفى 26 سبتمبر صحيفة إنجليزية تقول: الجيش المصرى غير مستعد للقتال وصحيفة إيطالية تعلن أن الفساد ينتشر فى مصر والجيش المصرى ليس لديه ذخيرة تكفيه سوى أسبوع واحد فقط، وقبل الحرب بيوم واحد السادات يرسل حسن الزيات وزير خارجيته ليقابل هنرى كسينجر للمباحثات حول حل مشكلة الشرق الأوسط، إذن هى كانت خطة متكاملة فى كل المجالات وعلى كافة المستويات بما يحقق النصر. وما سبب الهزيمة مع أن نسبة كبيرة من الجنود والضباط فى 67 هم الذين انتصروا فى أكتوبر 1973؟ - بالفعل نسبة كبيرة من الجنود والضباط الذين حضروا النكسة هم الذين جاءوا بالنصر فى أكتوبر 1973 والحقيقة أن القوات المسلحة طورت فى طريقة التجنيد، وتم تجنيد المؤهلات العليا وأصبح منهم من يقود الدبابة، فظهر التطوير فى مفهوم واستعداد الجندى، أما بالنسبة للروح المعنوية فى 67 كنا فى حالة انهيار شديد مثلنا مثل جهاز الشرطة فى 28 يناير 2011، والشعب كان ينظر إلينا بأننا سبب الهزيمة، والحقيقة أن هذا غير حقيقى، لأن الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية لم تكن مواتية لأن يحارب الجيش المصرى فى هذه الظروف خاصة أنه كان يوجد استهتار وقيادات غير كفء. وما التغيير الذى حدث بعد يونية 67 فى المجال العسكرى؟ - بعد النكسة الرئيس عبدالناصر كلف اللواء البدرى وهو من كبار أساتذة التاريخ فى القوات المسلحة، بعمل دراسة عن أسباب نكسة 67 وحضر الرئيس للمناقشة فسأله اللواء البدرى عن الوقت المسموح له بالكلام وهل يتحدث بصراحة؟ فقال الرئيس الوقت مسموح والكلام بلا قيود لأنى عاوز الصراحة، وكان الرئيس قد عزل القادة الكبار وعين وزير حربية ورئيس أركان جديدين وتم بناء القوات المسلحة على أسس جديدة من الانضباط والفكر والعلم. ثلاث قيادات وما ملاحظات اللواء البدرى على النكسة؟ - أولاً.. أخطاء فى القيادة السياسية لأن القوات المسلحة لم تكن مستعدة لخوض حرب فى هذا التوقيت، وهيئة العمليات والوثائق كتبت تقريراً للرئيس ذكرت فيه ذلك لأنه كان أكثر من ثلث القوات المسلحة فى اليمن ومصر أضيرت كثيراً من حرب اليمن، والمفترض على الرئيس أنه كان يأخذ بمضمون التقرير ويهدئ الأمور ولا يصعدها كما فعل خلال 20 يوماً لأنه من المستحيل أن تحارب دولة فجأة خلال هذه المدة، ومن ضمن الأخطاء أن طائراتنا جميعها كانت على الأرض ولا يوجد دشم تحميها، ودرجة الاستعداد القصوى مرفوعة ويوجد حفلة للطيارين فى انشاص، والقائد العام فى الجو وقت الضربة الجوية الإسرائيلية، وأنا كنت فى الإسماعيلية يوم 4 يونية وبدلاً من أتحرك الساعة السابعة تحركنا الساعة 12 ليلاً بسبب طائرة القائد العام، ثم إن القيادة العسكرية فى سيناء كان لها ثلاث قيادات تقود العمليات الفريق أول عبدالمحسن مرتجى والفريق محسن والقيادة العامة للقوات المسلحة فى القاهرة، ولا توجد اتصالات ولا تنسيق بينهم، وبدأت التعبئة العامة أول مايو والعدو باغتنا فى 5 يونية. وما الإصلاحات التى تمت فى المجال الاقتصادى بعد النكسة؟ - لأول مرة يجمع الرئيس عبدالناصر كبار الاقتصاديين ورجال الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وسألهم ما الأفضل لإدارة اقتصاد الدولة؟ وأطلق عليه ما سمى باقتصاد الحرب، وتم التعاون مع الاقتصادى الاشتراكى والشيوعى والرأسمالى لأن النكسة أضرت بالاقتصاد أكبر الأضرار، لأن قناة السويس أغلقت والسياحة انتهت والبترول المصرى فى سيناء أصبح بيد إسرائيل بعد أن احتلتها إذن موارد الدولة من العملة الأجنبية بالكامل غير موجودة، وكان الاعتماد على بعض المساعدات من الدول العربية وبعض السلع التى نصدرها ومع هذا لم تكن تكفى لبناء اقتصاد دولة تريد الدخول فى حرب لتحرير أراضيها. ومن هنا تم رفع شعار يد تبنى ويد تحمل السلاح؟ - نعم لأنه بالرغم من الظروف الصعبة التى كانت تمر بها البلاد إلا أنها سارعت فى بناء القوات المسلحة، وتم تهجير مواطنى مدن القناة، وبناء مصانع الحديد والصلب والألومنيوم خلال النكسة، وبالفعل كانت يد تبنى ويد تحمل السلاح، ورفعنا معنويات الشعب والجنود فى أول يوليو تمت معركة رأس العش، وكانت ملحمة بطولية رائعة حيث استطاعت سرية فى أن تصد الهجوم المدرع الإسرائيلى ولم يجعلها تقترب من هذه المنطقة حتى انتصار أكتوبر لأنها لو انتصرت فى رأس العش كانت إسرائيل استولت على شرق القناة بالكامل، ثم فى 14 و15 يوليو حدثت المعركة الجوية و21 أكتوبر تدمير المدمرة إيلات وفى 23 يناير 1968 تم إغراق الغواصة داكار فى شمال الإسكندرية، والغواصات حينها لم تكن تستطيع تحقيق اتصالاتها إلا بعد صعودها فوق المياه وفى هذه اللحظات اصطادتها قواتنا وأغرقتها والاستطلاع الإلكترونى هو الذى أبلغ عن هذا الإغراق والقوات المسلحة ظل لديها شك فى إغراقها ولم تعترف إسرائيل بهذه الواقعة إلا بعد اتفاقية السلام، وقالوا لهم غواصة دمرت شمال الإسكندرية ويريدون البحث عن الجثث التى كانت فيها، وفى نوفمبر 1969 تم قذف مناطق رمانة وبالوظة من البحر، وفى مارس 70 تم إغراق سفينة تجسس إسرائيلية شمال بورسعيد والإغارة على ميناء إيلات 3 مرات من نوفمبر 68 وفبراير 70 وأبريل 1970 هذا خلاف الإغارات والكمائن على شرق القناة. وأين كان موقعك خلال حرب أكتوبر؟ - كنت المسئول عن الاستطلاع الإلكترونى التكتيكى أمام الجيشين الثانى والثالث فى البحر الأحمر لجمع المعلومات، ولقد أذهلنا العدو من دقة الضربات التى نتجت عن دقة وغزارة المعلومات التى وفرناها للقيادة العامة للقوات المسلحة ولهذا عندما قامت بالضربة الجوية أو بضربات المدفعية أو بتدفق الجنود أو إبرار قوات المظلات والصاعقة فى أماكنها الصحيحة لقطع الطرق عن الإمدادات الإسرائيلية كانت فى منتهى الدقة، بل كان لبعض أفراد الإشارة دور كبير فى تحقيق الاتصال فى أصعب اللحظات الحرجة فى التنسيق بين القوات البرية والجوية والبحرية، خلال فترات الراحة بعائلاتهم من خلال سلاح الإشارة وهى من الأسلحة التى لم يسلط على دورها الضوء إعلامياً فى حرب أكتوبر. من خلال متابعة نشاط العدو إلكترونياً خلال المعركة ما الذى كنتم تستمعون إليه منهم؟ - أقسم بالله العظيم كنا نستمع إليهم وهم يصرخون ويقولون المقاتل المصرى شرس وقوى والضرب علينا شديد جداً ولا نستطيع مقاومته، وكانوا يخبرون بعضهم بأسماء الجرحى والقتلى من زملائهم وعن الخنادق والدشم التى استولى عليها الجنود المصريون. وما أهم نتائج حرب أكتوبر؟ - طبعاً ما يعلمه العالم أنها أعادت لنا الأرض والكرامة وأعطت لمصر الهيبة والعزة، ومع هذا أظهرت مهارات القيادة السياسية والعسكرية فى التخطيط للحرب، وأن المبادأة كانت فى يد العرب، والعدو كان يعتمد على العجرفة والغرور والخلل فى التوازن العسكرى الذى كان لصالحهم، ولكن مصر تحدت التفوق العسكرى الإسرائيلى، ودخلت حرباً من أجل الاستقرار وليس من أجل الاعتداء والجندى قاتل من أجل قضية يؤمن بها عكس الآخر الذى قاتل عن أرض يحتلها، وأكتوبر كانت أفضل صورة للتضامن العربى فى الدعم المادى واستخدام سلاح البترول فى المعركة، وإسرائيل رغم امتلاكها التفوق الكمى والنوعى من الأسلحة الأمريكية إلا أنه تم تكبيدها خسائر رهيبة وتم كسر نظرية الأمن الإسرائيلى، بعد أن اعتمد أن قناة السويس هى خط الأمان له، ويعتمد على قواته الجوية لكن حائط الصواريخ المصرى جعلنا نستمع إلى تحذيراتهم لطياريهم من الاقتراب من القناة بعشرة كيلومترات هذا قبل عبورنا.