نشرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية مقالا كتبه الرئيس "عبدالفتاح السيسي" تحدث خلاله عن الاقتصاد المصري والجهود التي تبذلها الحكومة للنهوض به، والإصلاحات الاقتصادية لتحفيز النمو، وتأكيده على أن عدم الإصرار على تعميق جهود الإصلاح الاقتصادي ومواجهة التحديات سيكون خداع للمصريين. واستهل الرئيس "السيسي" مقاله الذي كتبه أثناء تواجده حاليا فى نيويورك لحضور الاجتماع السنوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا: على مدى العامين الماضيين، قرر الشعب المصري استعادة السيطرة على مصيره كأمة وبدأ عملية تجديد سياسي واجتماعي واقتصادي. فعلى المستوى السياسي، فتمثل الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في أكتوبر ونوفمبر المقبلين معلما هاما من شأنها أن تثبت التقدم الهائل في مصر. وعلى الصعيد الاقتصادي، فأكد الرئيس "السيسي" أن البلاد تتغلب على حالة عدم اليقين والاضطرابات التي أرهقتها خلال الفترة الماضية عن طريق وضع وتنفيذ خطط وسياسات وبرامج ومشاريع بعيدة المدى، مؤكدا أن الهدف الرئيسي هو ضمان الاستدامة على المدى الطويل عن طريق تصحيح الاختلالات المالية السابقة الناتجة عن سوء توزيع للأموال والدعم غير المستدام للطاقة والعائدات الضئيلة، ونهدف من وراء ذلك خلق منصة ديناميكية صلبة يقودها القطاع الخاص، تكون قادرة على المنافسة والنمو، واستعادة الثقة في مناخ الاستثمار. وتابع الرئيس السيسي قائلا: ما تخطط له الحكومة المصرية يستلزم إعادة هندسة الجهاز الاقتصادي في مصر بأكمله. فيجرى الآن عملية إعادة هيكلة الاقتصاد الذي لم يحسُن استخدام الموارد الطبيعية والبشرية لفترة طويلة للغاية، بالشكل الذي يمكنها أن تصل إلى كامل إمكاناتها. وتحدث الرئيس عن الدروس المستفادة من الازدهار الاقتصادي الأخير في مصر، خلال منتصف العقد الماضي، يجري تطبيقها لضمان الصمود السياسي للإصلاحات الاقتصادية. حيث أننا نهدف إلى تحقيق التوازن بين تخفيض عجز الميزانية مقابل التزامنا بتعزيز العدالة الاجتماعية. وهو ما سيضمن أن يعود النفع هذه المرة على جميع المصريين، وليس القلة منهم فقط. وأشار الرئيس السيسي إلى أن الاستجابة الاقتصادية الأولية للسياسات الإصلاحية للحكومة جاءت واعدة. فوصل معدل النمو إلى 4.2٪ في السنة المالية الماضية التي انتهت في يونيو، وذلك بعد استقرار النمو خلال السنوات الماضية عند معدل نمو سنوي 2% فقط. مؤكدا أن الحكومة تسعى إلى تحقيق معدل نمو يصل إلى 5% خلال العالم المالي الحالي، مدفوعة بارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتنفيذ مشاريع جديدة في مجالات الطاقة، البنية التحتية والاستصلاح الزراعي. ويشمل هذا تحول أكثر من 1.5 مليون فدان من الصحراء الغربية القاحلة إلى أراضي صالحة للزراعة، وبدء التشغيل لمشروع تطوير قناة السويس. وأضاف السيسي في مقاله المنشور بالصحيفة الأمريكية، إن مشروع قناة السويس الملاحي سيطلق العنان لإمكانات تجارية واقتصادية ضخمة، من خلال تحويل 76 ألف كيلومتر مربع إلى ممر صناعي عالمي يضم أربعة موانيء من الطراز العالمي، بالإضافة إلى الزراعة والصناعة ومراكز توليد الطاقة المبتكرة، وهو ما يمكن أن يوفر مليون فرصة عمل جديدة". وتابع السيسي قائلا: بفضل التغييرات السياسية الهامة، مثل تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة وتوسيع القاعدة الضريبية، فإن مخصصات الميزانية في السنة المالية 2015 المتعلقة بقطاعي الصحة والتعليم تجاوزت دعم الطاقة لأول مرة منذ سنوات عديدة. مؤكدا أنه بعد تعديل أو تقديم عدد من القوانين لتعزيز بيئة الأعمال المحلية وسيادة القانون، فتم حل ما يقرب من 300 نزاع مع مستثمرين أجانب وجارى حل القضايا المتبقية. ويقول السيسي إنه خلال العام الماضي، قمنا بتنفيذ الكثير مما تعهدنا به. فتعرضت الحكومة لضغوط كبيرة لاعتماد النهج الاقتصادي الشعبوي، وتصاعدت العديد من المخاوف من أن خفض العجز الحكومي من شأنه وأد الانتعاش الاقتصادي الناشئ قبل أن يحصل على فرصته ليزدهر. لكننا كنا على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة والمضي قدما في الإصلاحات المتأخرة طويلة والمثيرة للجدل والتي كانت تعلم الحكومات السابقة بمدى أهميتها ولكنها لم تنفذها. وتابع الرئيس السيسي قائلا: أنا لا أقلل من التحديات السياسية والهيكلية التي نصارعها والتي ما زالت تنتظرنا. ولكنني أتطلع إلى المساهمات التي سيقدمها البرلمان قريبا في إعادة بناء مصر، وصياغة قوانين جديدة لتعزيز مسار البلاد نحو التنمية وتحقيق المزيد من الازدهار المشترك، ومراقبة أداء الحكومة وهو ما سيصب النهاية في مصلحة الشعب المصري. وختم الرئيس "السيسي" مقاله بصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قائلا: التغيير ليس بالأمر السهل على الاطلاق. فإنشاء نموذج جديد للنمو الاقتصادي حتما يولد مقاومة من بعض الجماعات. ومع ذلك، فإن تلك التحديات لا تثنينا عن عزمنا على مواصلة الإصلاحات. فقمنا بتمهيد الطريق لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وحققنا قوة دفع جيدة، ولكننا نعرف أنه من الضروري تعميق جهود الإصلاح. وإذا لم نفعل ذلك، فإننا نخاطر بفقدان المصداقية والثقة التي حصلنا عليها حتى الآن، وهو ما سيكون خداع للمصريين الذين يستحقون مستقبل أكثر إشراقا.