استنكر علماء الأزهر الشريف، ترديد البعض لعبارة «الأضحية عادة لا يجب الانقطاع عنها»، مؤكدين أن الأضحية عبادة وليست عادة، وأنه لا يجوز إطلاق هذه العبارة لأنها تنقص ثواب الأضحية. وأوضح العلماء أن الأضحية سنة نبوية وليست فريضة، ولا يجوز الاستدانة من أجلها، وأنه يشترط أن تكون من مال حلال، وبنية خالصة لوجه الله – عز وجل - حتى تكون مقبولة. من جهته، قال الدكتور حامد أبوطالب، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الأضحية عبادة وليست عادة، مبيناً أنه من الخطأ ان نأخذ العبادات بمنطق العادات. وأكد «أبوطالب» أن الأضحية تجب على القادرين فقط وليست فرضاً على غير المستطيع ولا يجوز الاقتراض من أجل الأضحية، موضحاً عدم إجازة ما يتم ترويجه الآن بشأن شراء الأضحية بالتقسيط. وأضاف عميد كلية الشريعة والقانون، أنه من باب أولي أن تكون الأضحية حرام إذا دفع عليها ربا أو اشتراها بأموال عليها فائدة، لافتاً إلى أن الناحر يشترط فيه أن يجيد الذبح ويسرع فيه حتي لا يعذب الحيوان. ويتفق معه فى الرأي، الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حيث أوضح أن الاعتقاد بأن الأضحية عادة «يبطلها»، لأنها تعتبر شريعة من شرائع الدين الإسلامي والمقصود منها هو التقرب لله عز وجل. وأكد «كريمة» أن الأضحية سنة مؤكدة، وليست فرضاً، وأمر الاستدانة من أجل الأضحية مرفوض شرعاً، لافتاً إلى أن سيدنا أبوبكر وعمر ترك الأضحية عاماً حتي لا يظن أحد أنها فرض. وأوضح «كريمة» أنه يفترض على الذابح أن يكون مسلماً أو كتابياً إذا كان غير المضحي وأن تكون له الخبرة في ذلك، وأن يتلفظ بالتسمية والتكبير. وشدد «كريمة» على ضرورة الرفق بالحيوان عند الذبح وأن تكون أجرة «الجزار» فى حالة الاستعانة به نقوداً وليست من الأضحية, مضيفاً أنه على المضحي أن يخلص النية لله عز وجل فيكون المقصد إرضاء الله تعالي. وأوضح «كريمة» أن توقيت ذبح الأضاحي يكون بعد أداء صلاة العيد مباشرة وحتى صلاة المغرب خلال أيام العيد الأربعة، والمسماة بأيام التشريق، مؤكدًا أن الذبح قبل الصلاة مخالف للشريعة الإسلامية. وكشف الدكتور مسموع أبوطالب، العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية, عن شروط اختيار الأضحية، موضحاً أنه لابد أن تكون من جنس الأنعام كالإبل أو البقر أو الغنم وأن تكون صحيحة أى لم يصبها أي مكروه، ومضى عليها من السن ما لا يقل عن عامين حتي تتوافر فيها معني الكمال الذي تقبل به عند الله تعالي. وأشار «مسموع» إلى أن الأضحية سنة قديمة من سنن الأنبياء منذ أن فدي الله تبارك وتعالي سيدنا إسماعيل ابن سيدنا إبراهيم بذبح عظيم، حين قال: «وفديناه بذبح عظيم». وأوضح «مسموع» أن الأضحية تقع على القادر المستطيع ولديه القدرة على القيام بها دون استدانة يعجز عن أدائها، مستدلا بقوله - عز وجل -: «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها». وأضاف الدكتور شوقي عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوة سابقا، أن الأضحية سنة أخذ بها الرسول - صلي الله عليه وسلم - تخليداً لذكرى سيدنا إبراهيم - عليه السلام - عندما ضحي بولده إسماعيل، موكداً أنه لا يوجد ذنب على غير المستطيع. وأكد «عبداللطيف» أنه يجب على الناحر أن يجيد الذبح، وأن يريح ذبيحته ويسن وديته «سكينة» ولا يريها ذبيحة ذبحت أمامها، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بصحة الأضحية وأن تكون خالية من العيوب مثل العور, والعرج، وغيره. ووضع «عبداللطيف» شرطاً لكى يتم قبول الأضحية بأن يكون مالها حلالاً ولم يدخل بها أى أموال محرمة. وعلى رغم إقبال الكثير من المسلمين على الأضحية، إلا إنه لا يزال هناك من يجهل الشروط والمواصفات الشرعية الواجب توافرها في الأضحية عند شرائها، حتى تكون الأضحية تابعة لهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته من حيث العمر والحالة الصحية ووقت الذبيح. قال الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً: إن هناك شروطًا لابد من اتباعها عند شراء الأضحية، مشيراً إلى أنه إذا خالف المسلمون هذه الشروط سيكون الأجر والثواب ناقصاً. أوضح «الأطرش» أن الأضحية إذا كانت من الغنم فيجب ألا يقل عمرها عن ستة أشهر، ومن الماعز فلا يقل العمر عن سنة وألا يقل عمر الإبل عن خمس سنوات. أما عن البقر والجاموس، فأوضح «الأطرش» أنه لا يجوز أن يقل عمرها عن عامين، لافتاً إلى أن الأضحية من الإبل والبقر والجاموس يمكن أن يشترك سبعة أشخاص في أضحيتها ولا يجوز أن يزداد العدد على ذلك، أما الغنم والماعز فتكون أضحيتها عن شخص واحد فقط. شدد «الأطرش» على ضرورة أن يشهد أهل البيت ذبح الأضحية، مستدلًا بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب». وأشار الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إلى أن الأضحية لابد أن تكون خالية من العيوب الظاهرة فليست بعجفاء ولا عمياء ولا عوراء أو عرجاء، مؤكداً أن هذه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يمكن التهاون في اتباعها. وأكد «شومان» أن الأضحية يتم توزيعها وفقاً لأسس محددة فيكون ثلث للفقراء، وثلث للهدايا، وثلث للمضحى وأهل البيت، مشيراً إلى أنه يجوز للمسلم أن يدخر لبيته جزءًا من لحم الأضحية وفقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا وأطعموا وادخروا». وتابع «شومان» قائلاً: «من المحبب إلى الله أن يذبح الإنسان بنفسه، أما في حال جهله بشروط الذبح فيجوز له أن يكلف أحداً». وشدد «شومان» على ضرورة اتباع الذابح للطريقة الشرعية في الذبح من تسمية الله والتشهد وسن السكين جيداً حتى لا يتألم الذبيح، كما ذكر في الحديث الشريف: «وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبح وليجد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته».