في سياق الأعمال الرمضانية لهذا العام.. تنافست العديد منها لكي تكون في المقدمة كما تنافس النجوم والنجمات أيضا للحصول علي لقب الأفضل وشهد هذا العام منافسة شديدة بين العديد من القنوات، واستطاع مسلسل «المواطن إكس» أن يفوز بقمة الماراثون الرمضاني رغم وجود فلول الفن الهابط واستطاع أن يقدم حالة مختلفة حطمت القواعد الكلاسيكية والمألوفة في صناعة الدراما، وأسفرت عن تجربة مهمة علي مستوي الموضوع والتمثيل والصورة والتكنيك لنجد أنفسنا أمام حالة ثورية في عالم الدراما. وناقشت بحرفية عالية إرهاصات ثورة 25 يناير وحتي اندلاعها وسقوط النظام وبأداء لا يخلو من روح الثوار، ويجسد غضبهم وإرادتهم وعزيمتهم وإصرارهم علي التغيير بداية من فكرة السيناريست محمد ناير الجريئة الذي قدم للسينما ثلاث تجارب هي: «أعز أصحاب - الوتر - إذاعة حب» والمسلسل يناقشعلي استحياء حادثة خالد سعيد التي اعتبرت أحد أسباب قيام ثورة 25 يناير وكأن الحادثة هي البؤرة التي تجمعت فيها كل انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان المصري، المسلسل أيضا اقتحم بلمسات واقعية وحية عالم الطبقة الثرية وكل الشخصيات قدمت بتركيبتها الرمادية التي تجمع بين الأبيض والأسود، ولكن العنصر الأبرز في الحلقات هو أداء كل الممثلين الرائعين الذين كانوا جميعا في أدوارهم: أروي جودة المدهشة وعمرو يوسف المجتهد ومحمد فراج الموهوب الذي أدي مشهدا واحدا في مسلسل «الجماعة» كان حديث مصر كلها، ويوسف الشريف الواعد وأمير كرارة الذي يعتبر «المواطن إكس» مولده الحقيقي وعليه أن يركز في التمثيل بدلا من التشتيت بين تقديم البرامج والغناء و«شيري» الرقيقة التي تولد تليفزيونيا بهذا المسلسل بعد أدوار قليلة في السينما. أيضا صورة صلاح يعقوب وأحمد جبر كانت الإضاءة المنخفضة معبرة تماما، كما كانت معبرة عن لحظات الحزن والمأساة في أسرة «إكس» وبين أصدقائه, الحقيقة أن الصورة ومستواها أصبحت الآن في مستوي المسلسلات السورية والتركية بعد سنوات طويلة كانت فيها المسلسلات المصرية تضاء علي طريقة فرح ابن العمدة ثم حدث التحول الكبير مع مسلسلات مثل: «الجماعة» و«الحارة». الإخراج أيضا كان مميزا ومنسجما رغم وجود مخرجين هما محمد بكير وعثمان أبولبن لقد اتفقا علي الاستعانة بكاميرا متلصصة تعبر عن الحالة المتوترة للأبطال وللأحداث كما كان هناك اختيار جيد جدا لأماكن التصوير. كانت هناك أيضا إدارة جيدة لكل الممثلين وربما كان الأقل حضورا وبريقا هم الممثلون الأكثر شهرة مثل محمود عبدالمغني وعلي حسنين أعجبني أداء اياد نصار لأنه قدم لمسات مختلفة علي دور رجل الشرطة أعطاه بعدا إنسانيا وجعله أيضا في أزمة مثل بقية الأبطال، والملاحظة الشاملة هي الإسراف في التدخين الي درجة الاختناق لا أتحدث هنا من الناحية الصحية ولكن من الناحية الدرامية إذ تؤدي أي مبالغ في أي اتجاه الي إفساد التأثير. يبقي التنويه الي الموهبة الجديدة دنيا الشربيني التي لعبت دور السكرتيرة داليا بحضور وخفة ظل مدهشة، محمد عدوية صوت مصري جميل لكن لم يكن موفقا في تلحين وغناء تتر البداية والنهاية لحلقات «المواطن إكس».