طبيعي جدا أن تتفوق المسلسلات التركية والسورية والإيرانية علي مثيلتها المصرية وطبيعي جدا أن نهرب جميعا من متابعة الدراما المحلية الصنع ونتحول الي أضحوكة بين المشاهد العربي من المحيط للخليج وتذيل الأعمال المصرية للقائمة العربية. المسلسلات التركية أحيانا تصل حلقاتها الي 160 حلقة وربما أكثر لكنك تظل طوال الحلقات في انبهار نتيجة الابهار البصري والصورة التي عليها تلك الأعمال الي جانب الأداء الراقي للممثلين الأتراك التي تصل بهم الي المرتبة العالمية فهي بالفعل مسلسلات غنية في كل شيء بداية من أماكن التصوير سواء في الأحياء الشعبية الفقيرة أو الراقية أو المتوسطة ونهاية بالديكورات التي لا تشعر معها بأنك تشاهد عملا داخل بلاتوه تصوير، ومع هذه الابداعات تنجد الموسيقي التصويرية التي تعكس البيئة والطبيعة الخاصة بالأحداث والجميل أنها موسيقي من قلب تركيا ليست مسروقة ولا منقولة ولا معبأة ولا منتهية الصلاحية. هي موسيقي موضوعة لعمل درامي والبناء الموسيقي لها يؤكد هذا والأجمل أن هذه المسلسلات تأخذك في جولة سياحية داخل ربوع تركيا بالدرجة التي تجعلك تتشبع بسحر هذا البلد والمسلسلات التركية وحجم انتشارها جعل نجومها هم النجوم الحقيقيين لساحة الدراما العربية منهم كيفانج تاتليتوغ الشهير ب«مهند» وعدنان أوكطار الشهير ب«يحيي» وسادوهان هانيل الشهير ب«أسمر» وتوتا الشهيرة ب«لميس» وبيرين سات «سمر» وجميعهم أصبحوا نجوما للدعاية لأشهر العطور ووسائل التجميل وشركات الدعاية عندما تسند اليهم هذه فهي تعرف قيمة وشهرة هذه الأسماء حتي كبريات المراكز التجارية الخليجية تستعين بهم في الافتتاحات. الدراما السورية لا تقل عن التركية في حرفية صنع الدراما هم ينظرون للأمام لاعتلاء عرش الدراما العربية وبالفعل صدروا لنا أسماء مثل سولاف فواخرجي وجمال سليمان وغسان مسعود ورشيد عساف وعابد فهد وفراس إبراهيم وغيرهم. وفي الحقيقة هم أيضا استطاعوا أن يستغلوا مناطق نحن نتجاهلها تماما مثل الاكسسوارات والديكورات ومناطق التصوير الطبيعية والأداء التمثيلي أما إيران فهي غول دهس الكل وفنانوها في الماكياچ والاكسسوارات هم الأفضل عالميا وأصبح تواجدهم في الأعمال التاريخية العربية وغير العربية أمرا طبيعيا. أما في مصرنا المحروسة فالدراما تسير إلي طريق مجهول فبعد أن كان نجومها محمود مرسي ويحيي شاهين وصلاح السعدني ومحمود ياسين وسميرة أحمد وصفية العمري ومحسنة توفيق وسيد عبدالكريم ونور الشريف ويحيي الفخراني أصبح نجومها فيفي عبده وغادة عبدالرازق ولوسي وسمية الخشاب والأمر لم يقف عند مستوي الأبطال فقط أو نجوم الشباك في دراما رمضان، لكن الأعمال أصابها الفقر العام بداية من أماكن التصوير التي لم تخرج عن مدينة الإنتاج الإعلامي إلا في مشاهد قليلة بالدرجة التي جعلت شوارع المدينة وأماكن التصوير فيها محروقة وباتت المشاهد مكررة في كل المسلسلات حتي عندما خرجوا للطبيعة لم يستغلوا المساحات الشاسعة علي أرض مصر بداية من الساحل الشمالي الذي يمتد من الاسكندرية حتي السلوم علي حدود ليبيا، أو سيناء شمالها وجنوبها ومدنها الرائعة مثل الغرقة وشرم الشيخ ومرسي علم، وحتي عندما خرج مسلسل مثل «كيد النسا» الي لبنان لم يستغلوا هذه الرحلة واكتفوا بالتصوير في منطقة أو اثنتين علي الأكثر وكأنهم ذهبوا للنزهة. كذلك الأمر بالنسبة لمسلسل «سمارة» الذي كان يصور داخل ديكورات وكأنه مسلسل ست كوم أو أن مؤلف السيناريو لم يكتب مشاهد خارجية. أما «آدم» رغم الملايين التي أنفقت عليه فأيضا كان التصوير فقيرا في مشاهده وبالتالي انعكس هذا علي حالة الملل لدي المشاهد الذي لم ير الأبطال إلا في غرف النوم أوفي الصالونات وهناك يتبادر سؤالي: أين تنفق الملايين التي يعلن عنها؟ الاجابة نصف ميزانية المسلسل تذهب لنجم أو نجمة العمل وباقي الميزانية توزع علي كل العناصر من موسيقي وديكور وابطال سنيدة وفريق التصوير والاضاءة والتنقلات وغيرها من مستلزمات العمل، والنتيجة سقوط مدوٍ لدراما رمضان رغم ما تم إعلانه من أن هناك مسلسلات تصدرت المشهد وحصلت علي أعلي نسبة مشاهدة، ولا أعلم أي مشاهدة يتحدثون عنها.. «سمارة» أم «كيد النسا» أم «آدم» أم «نونة المأذونة» حتي المسلسلات الكوميدية مثل «الزناتي مجاهد» أو «الكبير» فهي نسخة مكررة من أداء عادل إمام علي يونس شلبي مع احترامنا لمواهب سامح حسين أوأحمد مكي لكنهما لم يخرجا عن الشكل التقليدي للصعيدي الذي قدمه في السينما والتليفزيون إمام وشلبي والنتيجة أن الأعمال الكوميدية لا تضحك لكنها تبكي علي حال الدراما المصرية. نجوم هذه الأعمال دائما ما يلوحون بورقة التوزيع والبيع عندما تواجههم بضعف وتدني المستوي لكنهم تناسوا أن الغناء بدأ رحلة النهاية عندما بدأت مبيعات الألبومات تتخطي الملايين والسينما بدأت تنهار مع أفلام المقاولات التي كانت تدر دخلا كبيرا علي شركات الإنتاج وهذا يعني أن هناك حربا علي الفن المصري تبدأ بدعم الفنون الهابطة فعندما يعرض «سمارة» أو «كيد النسا» في قناة عربية وبعدهما أو قبلهما يعرض مسلسل سوري أوإيراني فالعين سوف تختار الدراما السورية أو التركية أو الإيرانية وهنا يضرب المثل بالدراما المصرية علي أنها رمز الهبوط والتدني بداية من الموسيقي ومرورا بمستوي الحوار ونهاية بأداء الممثلين وفقر العمل، دراما رمضان أثبتت أن للخلف دور كبير وكما انتشرت أفلام للمقاولات انتشرت أيضا دراما تليفزيونية للمقاولات تحمل نفس مفردات السينما من رقص وعري وسب بالأم والأب والشيشة ورقصني يا جدع، وامرأة في الستين تتزوج من شاب في الثلاثين وشباب يضرب البانجو والمخدرات والكحوليات.. كل هذا يعني أننا بدأنا رحلة النهاية في عالم الدراما التليفزيونية ما لم نعد سريعا الي الأعمال الجادة.