المراقب لحالة مصر الآن وأوضاعها الإدارية ومسار سير العمل بجميع المؤسسات سيقران الفساد لايزال متربعا يعشش في أرجاء الدولة وأن ثورة 25 يناير التي اندلعت من أجل محاربة الفساد ضمن أهدافها والقضاء عليه لم تثمر بعد نتائجها في هذا الإطار، وذلك علي الرغم من وجود 36 جهازا رقابيا في الدولة ولكن للأسف هذه الأجهزة تبدو عاجزة وبلا أنياب حتي إنه منذ مرور عام علي ثورة 25 يناير لم يتم فتح أي قضية فساد أمام الرأي العام.. كما أن جميع الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد في مصر تتبع السلطة التنفيذية مما يؤثر على استقلاليتها باعتبار أن السلطة التنفيذية سوف تكون هي «المتراقب» والرقيب في ذات الوقت وهو ما يخالف المبادئ الرقابية السليمة.. هكذا رصدت دراسة أصدرها مركز العقد الاجتماعي عام 2011 أحد أبرز أسباب الفساد في مصر وبعد ما يقرب من خمس سنوات من الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك مطلع 2011 عبر ثورة شعبية اتهمت نظامه بالفساد لا يبدو أن هذا الوضع قد شهد تغييرا يذكر. وقد تعددت الأجهزة الرقابية في مصر ووصلت إلي أكثر من 36 جهازا رقابيا ومع ذلك تحولت مصر إلي بؤرة فساد إدار ومالي واقتصر عمل معظم الجهات الرقابية علي كتابة التقارير دون تحويل هذه المخالفات إلي المحاكمات إما لوجود ثغرات في قوانين هذه الجهات والمثال الصارخ لذلك الجهاز المركزي للمحاسبات أو لعدم الرغبة السياسية في فتح هذه الملفات التي أصبحت مرهونة برغبة النظام أو الاختلاف مع النظام.. الأغرب من ذلك أن بعض القضايا المتعلقة بالفساد رغم وجود الأدلة الدامغة عليها لكن أبطالها قد حصلوا علي البراءة كنتيجة لخطأ الإجراءات.. ومنذ بداية ثورة 25 يناير وبعد تخلي الرئيس مبارك عن السلطة تم فتح العديد من ملفات الفساد القديمة وتم تخصيص أرقام تليفونات للإبلاغ عن الفساد وكأن هذا الفساد سواء المالي أو الإداري قد تم الكشف عنه الآن رغم التقارير الرقابية العديدة وما نشرته الصحف خلال السنوات الماضية خير شاهد علي ضعف تأثير تلك الأجهزة ويكفي أن تستدعي تصريحات سابعة. فالمستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق قال إنه قدم ألف تقرير رقابي إلي مؤسسة الرئاسة ومجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين والرقابة الإدارية لتتبع المخالفات المرتبطة بالأفراد وهو إجراء روتيني يتبعه الجهاز ولكن رئيس الجهاز أكد أنه ليس بيده عصا ليحرك به الجهات الأخرى للقبض علي الفاسدين. «الوفد» تفتح ملف الأجهزة الرقابية ومدي العجز الذي تعاني منه ليكون لها الدور الفعال في القضاء علي الفساد.