ثار فى الفترة الأخيرة الحديث عن إجراء تعديل وزارى فى بعض الوزارات الحالية، لإحداث تغيير في سياسة الحكومة لمواجهة الأزمات، وهنا اختلف عدد من القوى السياسية والحزبية حول توقيت التعديل سواء قبل أو بعد إجراء انتخابات النواب. حظيت فكرة التعديل الوزارى بتأييد عدد من القوى السياسية لإجرائه قبل انتخابات النواب لضمان وجود برلمان قوى من خلال انتخابات نزيهة، فيما فضلت الشخصيات الحزبية إجراءه عقب البرلمان علي أساس أن تشكيل مجلس النواب يفرض تشكيلاً حكومياً جديداً. تأييد سياسي للتعديل قبل الانتخابات فقد قال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: إن التعديل الوزارى لا يفيد دون الإعلان عن هدف واضح منه، لافتاً إلى أن التعديلات الوزارية على مر العهود كانت مجرد استبدال أسماء بأسماء دون وجود رؤية والإعلان عن هدف واضح منه. وأشار «نافعة» فى تصريحات خاصة ل «الوفد» إلى أنه من الأفضل إجراء تعديل وزارى فى الوقت الحالى حتى تكون الحكومة القادمة التى تتولى إجراء الانتخابات ذات رؤية سياسية واضحة، موضحاً أن إجراء الحكومة الحالية لانتخابات البرلمان ستسفر عن برلمان لا طعم له ولا رائحة. وشدد أستاذ العلوم السياسية على ضرورة إعادة ترتيب الأوراق الداخلية، لافتاً إلى أن الوزراء الحاليين لا يتمتعون برؤية واضحة، فضلاً عن عدم وجود قوى سياسية ذات تأثير على صناع القرار، مستطرداً أن التعديل الوزارى يتطلب وجود رؤية مستقبلية للأمور في مصر. وفى سياق متصل، أكد سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومى، أن مشكلة التعديل الوزارى لا تكمن فى التوقيت وإنما في توافر برنامج سياسي معلن للشعب، مضيفاً أنه لابد من توضيح السبب وراء هذا التغيير لمعرفة الأخطاء التى ارتكبها هؤلاء ويتم تفاديها من قبل الوزراء الجدد. أوضح رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومى، أنه من الأفضل إجراء تغيير قبل إجراء الانتخابات كضمانة لنزاهة العملية الانتخابية، مؤكداً ضرورة وجود برنامج واضح من الحكومة الجديدة أو الوزراء الجدد وتتم مناقشته قبل اختيارهم. ولفت «غطاس» إلى أنه فى حالة تشكيل الحكومة عقب تشكيل البرلمان فإنها تعرض البرنامج الخاص بها على مجلس النواب، مشيراً إلى أن محلب فرض نوعاً جديداً من الحكومات وهو حكومة الشارع، قائلاً: «لكن هذا لم يقدم حلولاً جذرية لمشاكل المواطنين، فنحن نرفض حكومة موجودة فى الشارع دون سياسات»، مستطرداً: سياسة الحكومة تحتاج لتغيير شامل فمن العبث تغيير وزير بوزير دون رؤية سياسية. من جهتها، قالت المستشارة تهانى الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً: إن الحكومة تحتاج إلى تغيير شامل، راجعة ذلك إلى أنها لا تمتلك القدرة على مجاراة الوضع السياسي الداخلى فى مصر، فضلاً عن افتقداها لرؤية شاملة فى معالجة الأزمات والمشاكل، قائلة: «الحكومة تعمل فى مدن منعزلة عن الشعب». أكدت «الجبالى» أن توقيت التغيير يعود إلى القيادة، موضحة أن المساءلة قبل أو بعد البرلمان بقدر ما هى تشكيل حكومة جديدة تملك رؤية وبرنامجاً سياسياً تدير اقتصاد حرب وأزمات وتعيد الاعتبار للفئات المهمشة فى الوطن، لافتة إلى أنه فى حالة عدم التعديل فى الوقت الحاضر، فبعد تشكيل البرلمان سيتم تشكيل حكومة جديدة. الأحزاب ترفض التعديل وعلى نحو مختلف رأى المهندس محمد سامى، رئيس حزب الكرامة، أن مجلس النواب سيشكل بعد شهرين وبعده سيتم تشكيل الحكومة، مضيفاً أن المدة التى يحتاجها أى وزير لفهم مجريات الأمور داخل الوزارة لا تقل عن تلك المدة وبالتالى لا حاجة للتعديل في الفترة الحالية. وأردف رئيس حزب الكرامة، أن هناك عدداً من الوزارات فى التشكيل الحالى قامت بأداء جيد مثل وزارات التموين والكهرباء والنقل، مستشهداً بأزمة الخبز التى نجح خالد حنفى وزير التموين فى حلها، مشيراً إلى وجود بعض الوزارات التى تحتاج إلى التغيير كوزارة الثقافة التى تعاقب عليها عدد كبير من الوزراء ووزارة القوى العاملة. وأوضح «سامى» أن أداء الحكومة فوق المتوسط، بغض النظر عن المشاكل التى تسود بعض الوزارات التى تطلق التصريحات الوردية كوزيرة القوى العاملة، لافتاً إلى أن تلك الوزارات تعمل بضغط من الرئيس لتحقيق الإنجازات وحل المشاكل، قائلاً: «فى حالة وجود تعديل وزارى سيتم تغيير وزارتين فقط». أكد محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن التعديل الوزارى الذى يدور الحديث عنه الآن غير وارد فى المرحلة الحالية، خاصة قبل إجراء الاستحقاق الثالث لخارطة المستقبل. وأوضح «السادات» أن اختلاف الرؤى حول ضرورة القيام بتعديل وزارى فى الوقت الحالى وتفضيل البعض لأن يكون التعديل الوزارى عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة كلها آراء مبنية على أسس ونظريات يجب أن نحترمها سواء اتفقنا أو اختلفنا معها. وقال: «إن كانت حكومة المهندس محلب تنال قدراً كبيراً من رضا غالبية المصريين خاصة أنها تعمل فى ظروف صعبة وتواجه تحديات كبرى فالتطلع إلى الأفضل هو حق كل المصريين ويجب أن نجدد الدماء ونقوم بالتطوير أولاً بأول فنحن نحتاج إلى عقول تضع رؤى وخططاً أكثر من احتياجنا إلى تغيير فى الوجوه والأسماء». فيما رفض المهندس ياسر قورة، رئيس حزب المستقبل، المطالب المتعلقة بإجراء تعديل وزاري بحكومة المهندس إبراهيم محلب، مؤكداً أن الوقت لا يسمح بإجراء ذلك التعديل في الوقت الحالي، لاسيما أن المرحلة المتبقية من عمر الحكومة الحالية قصيرة، وأن مجلس النواب القادم فور انعقاده سيُشكل الحكومة الجديدة عبر الأغلبية وفق ما أقره الدستور. وذكر «قورة» أن أي وزير جديد يتم اختياره في الوقت الحالي لن يقضي في وزارته إلا شهوراً قليلة، ما يعني حرقه والتضحية به في تلك الفترة الضيقة للغاية قبل أن تتقدم الحكومة باستقالتها عقب تشكيل المجلس الجديد. ووصف «قورة» أداء الحكومة ب «الباهت»، مشيراً إلى وجود بطء في الأداء بشكل عام لدى كثير من وزراء حكومة المهندس إبراهيم محلب، إذ لا يتواكب ذلك الأداء مع نشاط مؤسسة الرئاسة المصرية والأداء السريع والقوى للرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكداً في السياق ذاته تخاذل بعض الوزراء في الكثير من الملفات. وجدد «قورة» انتقاده لأداء وزراء بعينهم مثل وزير المالية، وكذلك وزير الإسكان، موضحاً أنهما أخفقا في أداء المطلوب منهما، فيما لم ينكر وجود نماذج جيدة وبارعة في الحكومة وتؤدي عملها بصورة محترمة، وعلى رأسهم وزير الشباب خالد عبدالعزيز. وفى سياق متصل، أوضح حسين عبدالرازق، القيادى بحزب التجمع، أن الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وبالتالى فإن وجود برلمان ينتج عنه أكثرية معينة يفرض بدوره تشكيل حكومة جديدة، مؤكداً أنه من غير المنطقى أن يتم إجراء تعديل وزارى قبل الانتخابات. وأضاف «عبدالرازق» أنه يرجح وجود تعديل وزاري فى حالات الضرورة التى تتمثل فى اتهام أحد الوزراء أو وفاته، أما غير ذلك فإنه يعتبر تغييراً فى المواقع فقط، مشيراً إلى وجود خطأ في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة في بعض الوزارات التى أدت بدورها إلى تعثر ظواهر الفقر والفساد، مضيفاً أن الاعتراض يكون على السياسات وليس أشخاصاً بأعينهم.