رأى الكاتب الأمريكى ستيفين والت فى مقاله بمجلة فورين بوليسى الأمريكية أن الاتفاق النووى الإيرانى دليل واضح على التفكير الحالم فى تاريخ السياسة الخارجية المعاصر ويؤكد محض أسطورة خرافية تدعى "التوصل لاتفاق أفضل مع إيران". ودلل الكاتب على قوله، إن إيران أنشأت 19 ألف جهاز طرد مركزى لتخصيب النووى فى حين كانت الولاياتالمتحدة تصعد العقوبات ضدها وأن المجتمع الدولى لم يشجع على فكرة العقوبات وأن فرض الولاياتالمتحدة وحدها للعقوبات أمرا لن يشكل الضغط على إيران حال خرقها بنود الاتفاق، مضيفا أن الهجوم العسكرى على إيران سيزيد الأمر سوءا وقد ينهى الأمر بزيادة رغبة إيران فى امتلاك السلاح النووى وأن الاتفاق لا يضمن سوى عشر سنوات فقط تمتنع إيران فيهم عن صنع قنبلة نووية، ملخصا مبرراته فى فكرة أن ليس هناك ما يسمى باتفاق نووى "جيد" مع إيران لأنه أمر يتجاهل المفهوم الدبلوماسى الأمريكى رقم 101 الذى يقول بأن ضمان استمرارية أى اتفاق تعتمد على تراضى الأطراف والاستفادة منه. وأشار الكاتب إلى أن مبررات معارضى الإتفاق تشبه "المعجزات والخيال" وذكر قول الرئيس الأمريكى أوباما فى خطابه يوم 5 أغسطس حول الإتفاق النووى بأن "معارضى الإتفاق هم أنفسهم مؤيدى حل التدخل العسكرى فى العراق"، قائلا أن أحلام مؤيدى غزو العراق لم تتحقق فيما يخص أساطير وجود أسلحة الدمار الشامل فى العراق وعلاقة صدام حسين بتنظيم القاعدة، أمور كلها أدت إلى تفتت العلاقة بين جورج بوش والعراق ولم تحقق زعمهم الخيالى فى أن غزو العراق كان سيغدق الشرق الأوسط ب "سياسات أمريكا الديموقراطية" كما كانوا يظنون، بأقل الخسائر أو دون أى خسائر على الإطلاق. وقدم الكاتب 5 نصائح تساعد على التعرف على أسلوب التفكير الحالم والخيالى فور ظهوره بشأن أى قضية سياسية: أولا: يجب تقصى حقيقة الأمر عندما تظهر شخصية سياسية أو مسؤول بارز يدعم سياسة لم تستخدم من قبل وتجده يؤكد سهولة تطبيقها. ثانيا: عندما يظهر شخص ما ويقول أن هناك حلا عظيما لقضية شائكة ولكنه لم يعلن عنه، تأكد أنها علامة على أنه ليس لديه أى خطة أو أنه يؤمن بأن لديه قوى خارقة لا يمتلكها البشر لحل المعضلات. ثالثا: التفاؤل الزائد وإفتراض أن كل شىء سينفذ كما هو مخطط له ، أسلوب يتبعه السياسيون لحشد مؤيدين لفكرهم خاصة إذا كانوا يحذرون أن رفض وصفتهم السحرية سينتهى ب "مأساة". رابعا: التعلم من أخطاء الماضى المتعلقة بالسياسة الخارجية وعدم التصديق بالوعود الخيالية وإعمال الحدس الذى غالبا ما يفيد فى شؤون السياسة الخارجية، دليلا على ذلك القول الرائج فى الولاياتالمتحدة فى بداية غزو العراق بأن"العراق هو الذى سيدفع ثمن غزوه وليس أمريكا" وتأكيد المسؤولين على أن الجنود الأمريكيين كانوا سيعودون للأراضى الأمريكية بحلول عيد الكريسماس!!". خامسا: الزعم الخيالى بأن العالم يرتكز على "سن سكين رفيع" وأن أى تصرف صغير سيؤثر علي جميع أرجائه، وأكبر دليل هى السياسة العسكرية الأمريكية التى ترى أن تقليل ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية سيقوى موقف الأعداء ويزعزع نفوس الحلفاء وسيؤدى إلى هزائم ويجعل الولاياتالمتحدة فى موقف الضعيف المنهزم أمام العالم وأن زيادة النفقات العسكرية سيضمن كل ما هو عكس ذلك. إختتم الكاتب بأن الناس يحبون كل ما هو خيالى ولذلك إنتشرت أفلام صناع السينما الأمريكية ولكن العالم ليس مكانا يعمل بعصا سحرى.