حاولت تركيا في الآونة الأخيرة اللعب على جميع الحبال حتى تخرج بأكبر المكاسب، واعتقدت خاطئة أن دعم تنظيم الدولة "داعش" الإرهابي يمكن أن يجلب لها المكاسب وتستطيع من خلاله "ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد"، كالتخلص من الأكراد وأعدائها كالرئيس السوري بشار الأسد وهدم قوى حزب العمال الكردستاني بمحاربته لتنظيم الدولة، إلا أنها في النهاية جنت ما كانت تخشى عقباه، وبدأت تتجرع الإرهاب على أيدي، ليس فقط اعدائها كحزب العمال الكردستاني بل وأيضا من قبل تنظيم داعش الذي دعمته. تركيا وسياستها المتغيرة تجاه داعش في البداية اتخذت تركيا موقفا متخاذلا تجاه داعش أثار ضدها انتقادات دولية عدة، فصدرت تقارير كثيرة تفيد بتقديم الحكومة التركية الدعم لمقاتلي داعش، سواء بفتح الحدود أمامهم وبيع النفط لهم أو بالتغاضي عن المنضمين لهم داخل تركيا، إلا أن حسابات تركيا كانت خاطئة، وانقلبت الموازين، وبدأت تتذوق الإرهاب على أيدي مقاتلي داعش. إرهاب داعش ينال من تركيا حدث التحول السياسي المفاجىء لتركيا تجاه داعش بعد التفجير الإرهابي الذي شهدته مدينة سروج التركية وأسفر عن مقتل أكثر من 30 شخص، وتبناه تنظيم داعش. وأتخذت تركيا منذ ذلك الوقت موقفا حازما ضد داعش، وأعلنت الانقلاب على التنظيم، وانضمت للتحالف الدولي ضد داعش من خلال فتح قاعدة انجرليك أمام طائرات التحالف الدولي. النية وراء انضمام تركيا للتحالف الدولي ضد داعش عندما اعلنت تركيا مشاركتها للتحالف الدولي ضد داعش، أثيرت تساؤلات عدة.. فما هي نية تركيا من التحول في سياستها تجاه داعش؟؟... فهل ترغب تركيا من وراء ذلك القضاء على إرهاب داعش الذي نال منها فقط؟؟؟....أم أن لتركيا نوايا خفية، وستعيد اللعب على حبال أخرى إذ ربما تؤتي ثمارها هذه المرة؟؟. استهداف تركيا للأكراد وحزب العمال الكرداستاني بدلا من داعش سرعان ما أظهرت تركيا نيتها من وراء تغير سياستها وإعلانها الحرب على داعش، فمع بدأ توجييها ضرباتها الجوية ضد داعش، أطلق الأكراد صرخات لإنقاذهم من تلك الغارات التي تستهدفهم بدلا من داعش. فمنذ يوم الجمعة الماضية وتقصف تركيا "مواقع تابعة لداعش" في سوريا، ولكنها وسعت حملتها العسكرية عبر الحدود لتستهدف مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. حزب العمال الكردستاني وداعش في سلة واحدة صنفت أنقرة الحملتين العسكريتين ضد "داعش" من جهة والأكراد من جهة أخرى في إطار واحد هو "الحرب على الإرهاب"، مع أن الطرفين المستهدفين يتواجهان اصلا في معارك شرسة. وبحسب مارك بيانيري، الباحث في مركز كارنيجي اوروبا، فان "الحكومة التركية وازنت بين حزب العمال الكردستاني وداعش، ومع انهما كيانان متباينان إلى حد كبير، إلا أن هذا الأمر يخدم مصالح الحكومة". واعتبر دايفيد رومانو استاذ سياسات الشرق الاوسط في جامعة ميزوري أنه قد يتبين أن الحملة العسكرية التركية تركز أساسا على حزب العمال الكردستاني وليس على "داعش". وتعتبر الحكومة التركية أنه من المنطقي جدا أن توازن بين جماعة "داعش" الإرهابية وحزب العمال الكردستاني الذي أعلن الأسبوع الماضي قتل شرطيين تركيين اثناء نومهما. وكتب ابراهيم كالين، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في صحيفة "الصباح" اليومية "بالرغم من انهما يتحركان بدوافع مختلفة، إلا أن الأثنين يتشاركان أساليب وأهداف متشابهة". حزب العمال الكردستاني يكشر عن أنيابه يبدو أن تركيا الآن وضعت بين فكي رحى الإرهاب... سواء العالمي على أيدي التنظيم الذي يتوغل في دول المنطقة العربية "داعش"... أو حتى الإرهاب المحلي على أيدي حزب العمال الكردستاني فنسبت الحكومة التركية عملية قتل جنديان في تفجير سيارة مفخخة وقع أول الأسبوع الماضي إلى حزب العمال الكردستاني. واليوم الأحد استهدف مقاتلو حزب العمال الكردستاني مركزا للدرك في حيط مدينة دوجوبيازيد بشرق تركيا، وأوقع قتيلين و24 جريحا من الجيش التركي. ولهذا يبقي السؤال مطروح.... إلى متى ستظل تركيا تتخذ القرارات الخاطئة وتتبع سياسة اللعب على جميع الحبال وضرب عصافير كثيرة بحجر واحد... وفي النهاية هي من يسقط من على تلك الحبال أرضا وتطير من حولها جميع العصافير دون أن تصطاد واحدا منهم؟؟.