واصلت تركيا الأربعاء غاراتها الجوية على المتمردين الأكراد في موازاة موافقتها على أن يستخدم الأميركيون قاعدة أنجرليك الجوية للتصدي للجهاديين فيما كان برلمانها يناقش في جلسة طارئة "الحرب على الأرهاب" التي تثير قلق المعارضة. ومثلت الحكومة الاسلامية المحافظة أمام النواب ال550 في أنقرة متكئة على "دعم قوي" عبر عنه الحلف الأطلسي الثلاثاء حيال تركيا، رغم أن حلفاء الأخيرة يعتبرون انه لا ينبغي التضحية بعملية السلام مع المتمردين الأكراد تحت عنوان مكافحة الأرهاب. وأستمرت غارات مقاتلات اف-16 التركية ضد قواعد حزب العمال الكردستاني بوتيرة متسارعة مع سبع هجمات على الأقل في وقت مبكر الأربعاء طالت أهدافا في شمال العراقوجنوب شرق تركيا. وهذه الغارات باتت يومية منذ نحو أسبوع إثر الهجوم الانتحاري في سوروتش القريبة من الحدود السورية في العشرين من يوليو والذي أسفر عن مقتل 32 شابا من الناشطين دفاعا عن القضية الكردية. ونسب هذا الهجوم إلى تنظيم الدولة الأسلامية لكنه أثار ردا داميا من حزب العمال الكردستاني الذي استهدف قوات الأمن التركية متهما إياها بعدم حماية السكان الأكراد. كذلك، أجبر هجوم سوروتش أنقرة على الانضمام للحملة ضد الجهاديين بعدما اتهمت لوقت طويل بالتغاضي عنهم. وفي هذا السياق، تجاوبت تركيا الأربعاء مع طلب ملح لواشنطن عبر السماح لها باستخدام قاعدة "انجرليك" الجوية في جنوب البلاد في إطار عمليات التحالف الدولي ضد "الدولة الإسلامية". وأكد مصدر في الخارجية التركية أنه "تم توقيع" المرسوم الحكومي وبات الأميركيون قادرين على استخدام القاعدة "في أي وقت". ومن شأن هذه الخطوة أن تسهل عمليات المقاتلات الأميركية وتقربها من أهداف الجهاديين بعدما كانت مضطرة إلى الإقلاع من قواعد بعيدة كما في الأردن والكويت. والتأم البرلمان التركي بعد ظهر الأربعاء في أنقرة في أجواء غير مريحة، مع استمرار عمليات خطف عناصر الشرطة والمواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين في جنوب شرق البلاد ذي الغالبية الكردية. وفي إسطنبول، العاصمة الاقتصادية، تتكرر التحذيرات من وجود قنابل. غير أن المعارضة تتهم الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم بالسعي إلى تغذية شعور مناهض للأكراد استعدادا لإجراء انتخابات مبكرة. وخلال المناقشة البرلمانية، اتهم نائب رئيس الوزراء بولند أرينتش حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد ب"تهديد السلام والأمن القومي" عبر رفضه التنديد بهجمات المتمردين. وحزب الشعوب الديموقراطي الذي حصد 13 بالمئة من الأصوات في انتخابات السابع من يونيو وبات يشغل ثمانين مقعدا في البرلمان تسبب إلى حد كبير بإخفاق حزب العدالة والتنمية في الحصول على الغالبية المطلقة للمرة الأولى منذ 2002. وقال زعيم كتلة الحزب صلاح الدين دمرداش أن "أحد الأهداف الرئيسية للعملية الجارية في الأجواء وعلى الأرض وفي وسائل الإعلام هو الإضرار بحزب الشعوب الديموقراطي مع احتمال إجراء انتخابات مبكرة". من جهة اخرى، اتهم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) الذي يعتبر القوة الثانية في البرلمان بعد العدالة والتنمية، الحكومة بأنها تساهلت لفترة طويلة مع الجهاديين. وقال النائب عن اسطنبول مراد اوزشليك من على منبر البرلمان أن "تركيا لم تفعل شيئا لمنع الدولة الإسلامية من التنامي"، مؤكدا أن "مقاتلي الدولة الإسلامية تلقوا حتى العلاج في مستشفياتنا وتمكنوا بهدوء من عبور الحدود مجددا لمواصلة القتال". وشككت دمشق الأربعاء في نوايا تركيا بالتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، وذلك في أول رد سوري رسمي على الغارات التي نفذتها تركيا في نهاية الأسبوع الماضي على مواقع للتنظيم داخل الأراضي السورية.