الإصرار علي السقوط الدرامي يبدو أنه إدمان تعاني منه «غادة عبدالرازق» ولأن المدمن جزء كبير من علاجه يقف علي إيمانه هو نفسه بأهمية الشفاء والعودة طبيعياً لذلك يبدو أنه كتب علينا الاستمرار في مشاهدة هذا التدهور الدرامي المسمي مجازاً مسلسلات والذي تقوده وتقف في مقدمة الصفوف غادة عبدالرازق، ولأن الفرق بين المبدع والممثل كبير ويتوقف علي مدي الموهبة والمقدرة علي التميز والإلمام بتفاصيل الشخصية فإنك قد تحزن قليلاً علي «غادة» لأنها تملك مقومات الفنانة الجيدة وقد تصل إلي مرحلة الإبداع إذا آمنت أن العزف علي أوتار القلوب والعقول أهم كثيراً من الإسفاف المقدم سنوياً علي يديها بالثالوث القاتل «الإسفاف والابتذال والعري» إلي جانب الإيمان بالنفس الذي وصل إلي حد الغرور والافتقار إلي أبسط أنواع الثقافة المكتسبة من المحيط المتواجد فيه الفنان، فما بالك ونحن في ثورة حاولت القضاء ليس فقط علي الفساد ولكن علي كل وسائل تغييب العقل واللعب علي الغرائز والتي استمر النظام السابق في تدعيمها بمنع أي عمل راق يحاول إضاءة الطريق أمام الإنسان المصري، فإذا كان مقبولاً أن نتجرع سم مسلسلات مثل «الباطنية» و«العار» و«زهرة وأزواجها الخمسة» من قبل، فإن تقديمه الآن يعد بمثابة الخيانة العظمي للمواطن الذي نحاول إعادة بنائه مرة أخري واستخراجه من حالة الفوضي والانفلات الأخلاقي الذي ساهم فيه الفن خلال الفترة السابقة. ولكن يبدو أن الثورة لم تصل بعد إلي الثلاثي الطروب «غادة عبدالرازق» و«مصطفي محرم» و«محمد النقلي»، فأصابوا المشاهدين في مقتل بالمأساة الدرامية «سمارة» الذي سبق أن تناولتها السينما في الستينيات بفيلم بطولة «تحية كاريوكا» وبرؤية السيناريست مصطفي محرم التآمرية علي الإبداعية الراقي قرر تفصيل مسلسل من قماشة فيلم له مواصفات خاصة صالحة للوقت الذي عرض فيه، ولكن لا مانع طالما هناك زبانية الإنتاج الموافقين علي تقديم جرعات المخدر إلي المتفرج للقضاء علي عقله، والتوليفة جاهزة من ملابس عارية وملفتة وتبلوهات راقصة غير مبررة وإيحاءات حركية ولفظية تبارت علي تقديمها كل من بطلتيه «غادة عبدالرازق» و«لوسي» الذي تشابهتا في كل شيء، أما الحدوتة الرئيسية المعروفة لسمارة فقد أضيف إليها المزيد من التفاصيل المملة والمشاهد غير المبررة وليس مطلوباً منك سوي إلغاء عقلك كاملاً لمتابعة حلقة واحدة من هذا التهريج فما بالك من تأثير رؤية العمل مكتملاً!!.. ولأن البطلة هي «غادة عبدالرازق» فكل شيء متاح لها وتحولت علي يد السيناريست والمخرج إلي امرأة «سوبر مان» قوية ذكية وجميلة ومؤثرة والجميع يقع تحت تأثيرها الطاغي ومن أجل هذا فلا مانع من حوار غير منطقي ومشاهد مفتعلة وملابس ليس لها أي علاقة بالشخصية، وخاصة في مرحلة الحارة ولأن الصراع علي أشده بين النجمتين فلا مانع من أن يكون هناك تواجد ل«لوسي» أيضاً بحركة عينها الغريبة ونظراتها المفتعلة، ولا مانع من وجود حكاية العشيق للأم فهو وسيلة لجمل حوارية مبتذلة ووسيلة لتطوير المسلسل بحكايات جانبية، والسؤال الآن إلي متي سنظل مصابين بداء الأعمال الرديئة التي نصاب بها إرضاء لممثلين يريدون تفصيل مسلسلات علي شاكلة زهرة وأزواجها الخمسة والباطنية ولماذا لا يفكر ترزية الدراما أمثال مصطفي محرم في الارتقاء بمستوي ما يكتبون؟! والإجابة المنطقية هي المشاهدة مسئولية فاعليها وعلي المتفرج إسقاط هؤلاء!!