«احكم على الجوهر لا على المظهر» هذه هى الحكمة التى استخلصتها «حنان» بعد زواج استمر 20 عاماً بدأت بقصة حب وانتهى بكلمة «انتِ طالق بالثلاثة ومحرمة علىّ» ليطردها من الشقة لأنه يخطط للزواج من غيرها فى نفس الشقة، دون أن يراعى العشرة مع أم أولاده التى وقفت بجانبه أيام الفقر قبل الاعتناء والتمرد. قالت «حنان» تزوجت من ابن خالتى بعد قصة حب طويلة أصبحت تروى بين أفراد العائلة الكبار والصغار وأطلقوا علينا اسم «روميو وجوليت»، حيث كانت نظرات الحب المتبادلة تفضحنا أمام الجميع دون أن ينطق أحدنا بكلمة، وكان يستغل أى مناسبة ليعبر عن حبه بشكل غير مباشر خوفاً من رفضه من أسرتى بسبب قلة دخله المادى، فحاولت أن أقنعه أنى متمسكة به وأن كل أفراد أسرتى يعلمون ذلك فشجعته على طلب يدى. وهنا صمتت حنان للحظات ودموعها تغلب كلماتها دون إرادتها لتعبر عيونها الحزينة عن مدى ألم السنين ومعاناة الحياة. قالت فقد ظننت أن الرجل الذى لا يغيب عن لسانه ذكر الله، ويقضى ليله يتقرب إلى مولاه، ويؤم الناس فى مسجد سيصون عشرتى ويحفظ كرامتى ويطبق وصية النبى الكريم بالنساء، لكنى انخدعت بالسبحة والمصحف اللذين لا يفارقانه كظله ولحيته الكثة وعلامة السجود التى تحتل جبينه وتدينه الزائف الذى يخفى وراءه قلب شيطان لا يعرف الرحمة طريقا له. وأضافت وافقت أن أعيش فى بيت متهالك الأركان كنت بلهاء ساذجة الحب عمى عينى كما يقولون. فبعد الزواج السب والشتائم لم تفارق لسانه، ويد باطشة تقطع بسياطها لحمك، ولا تهدأ حتى ترى الدماء تتفجر، وكأن رؤيته لنزيف دمى علاجاً لمرضه النفسى، وكل ذلك كنت أتحمله فى صمت دون أنين أو تذمر. وتابعت: كنت ادعو له فى كل صلاة أن يهديه الله فرغم كل هذا العذاب لم أفكر فى طلب الطلاق منه لرعاية أولادى وسط جو أسرى متكامل من أب وأم. ثم ابتعدت بعينها هائمة فى استعادة شريط ذكرياتها الأليم، وقالت رغم تحملى الفقر والإهانة والضرب فلم يشفع لى هذا عنده، فقد كان يطعننى فى أنوثتى بسبب علامات الزمن والمرض التى تركتها على جسدى، فقد غزت الترهلات جسدى بعد حمل أربعة أبناء. وتابعت حديثها بصوت محشور كان يلقبنى بالدمية القبيحة دائماً ولا ينادينى الا بكلمة «يا عجلة»، وقالت بنبرة انكسار وهى تضرب كفاً بكف: زوجى لم يراع العشرة فبعد أن أخذنى ملكة من بيت أبى وكان يدوب فىّ عشقاً، تحول إلى شيطان بقلب متحجر لم يتحمل زيادة وزنى، فحاول أن يتقرب من ابنة عمى بعد أن زادت الأموال فى يده وسع باب رزقه، فأغراها بالهدايا وطلب يدها للزواج. وفى هذا الوقت فكرت فى الطلاق لكنى خشيت من حمل لقب مطلقة فتجلدنى الألسنة ويتشرد أولادى. فقررت أن أتوجه إلى ابنة عمى وأتوسل لها بأن ترفض الزواج من زوجى، لحماية أولادى من التشرد، ولكن زوجى لقننى علقة ساخنة وهددنى بالطلاق فى حالة الوقوف أمام قرار زواجه. لكن القدر استجاب لدعائى فلم يستمر الزواج لأكثر من شهرين وانتهى بفشل ذريع بسبب خسارته جزء كبير من أمواله وكثرة طلبات زوجته الثانية.. لكن زوجى الخائن لم يتعظ ولم يكتف بهذا الفشل بل تعرف على أخرى وأقنعها بالزواج لكنها اشترطت عليه بأن تكون هى الزوجة الوحيدة على ذمته. وهنا زادت كآبة حياتى معه فكان يحاول يومياً أن يختلق المشاكل بدون سبب وبحكمتى كنت أصمت وأمحوها. وتابعت هددنى بإحضار عروس لتعيش معى أنا وأولادى تحت سقف واحد وأن أعمل لديها خادمة، وحينما رفضت بدأ يختلق المشاكل ليخرجنى من الشقة بأى طريقة، وفى آخر شجار لنا ألقى على مسامعى يمين الطلاق ثلاث مرات دفعة واحدة، وادعى اننى بهذا محرمة عليه. تتابع الزوجة حكايتها فى أسى وألم: «استحلفته أن نسأل أهل الذكر فى هذة المسألة حفاظاً على بيتنا من الانهيار، فقال لى: «انتِ عايزانا نعيش فى الحرام»، فخرجت من بيتى وأنا أجر أذيال الخيبة تاركة أطفالى لوالدهم لعدم قدرتى على الإنفاق عليهم فليس لى أحد أتكل عليه، فجميع أسرتى فارقت الحياة عدا أبى فهو رجل عجوز غير قادر على العمل للإنفاق. وبعد فترة من الوحدة والحسرة والاشتياق لفلذات كبدى علمت من بعض الجيران أن والد أطفالى أرغمهم على المشاركة فى اعتصام «رابعة»، وأنه لم يخش على حياتهم من تعرضهم للخطر يوم فضه، فقررت أن أضمهم لحضنى قبل أن يلقى بهم فى نار مظاهرات الإخوان وتجمعاتهم ثانية، وعندما واجهت زوجى وعنفته على ما ارتكبه فى حق أولاده الصغار فأكبرهم لديه 12 سنة، فرد بجدية: «بيجاهدوا فى سبيل الله ولو كانوا ماتوا كانوا هيبقوا شهداء». وأضافت: لم أجد أمامى سوى القضاء لينصفنى لأن الله لا يرضى بظلم عباده فقمت برفع قضية نفقة لصغارى لكن والدهم امتنع عن السداد، وأنهت حديثها بحكمة علمتها لها الحياة مع طليقها الذى خدعها بمظهره المتدين، وقالت «لا تخدعك المظاهر فهدوء المقابر لا يعنى أن الجميع فى الجنة».