علي الرغم من انهيار نظام القذافي في ليبيا، إلا أن البلاد لا تزال في بداية رحلة طويلة، فعندما أعلن وزير الخارجية الفرنسي بألامس أن الأمور "قد انتهت"، كان مؤيدو القذافي لا يزالون يقاومون بشدة في طرابلس، وحتي بدون هذة المقاومة، فإن الأزمة الليبية لم تنته بعد، ولن تكتب لها النهاية إلا بعد توقف سفك الدماء في البلاد، وذلك حسبما ذكرت صحيفة (ذي صن) البريطانية. وأوضحت الصحيفة أنه يجب أن يبدأ الليبيون الآن في بذل جهودا مضنية، فإعادة بناء ليبيا وازدهارها وإحلال السلام بها لن يكون بالأمر الهين، ولكن يمكن تحقيقه اذا وحد الليبيون صفوفهم، فقد بدأ حكم القذافي للبلاد قبل أن يولد معظم الشباب الليبي، ولكن ربما يجد هؤلاء الشباب الحل للمشاكل الكبيرة التي تعاني منها البلاد. واوضحت الصحيفة أن أحد هذة الحلول يكمن في دفن الأحقاد، علي الرغم أنه سيكون من الصعوبة بمكان نسيان مواقف البعض تحت حكم القذافي والتسامح معها، ولكن علينا أن نتذكر دائما أن كراهية القذافي هي ما وحد صفوف الثوار. وبعد أن أطاح الثوار بالقذافي، يتبقي أمامهم مهمة شاقة وهي منع القبائل "المتناحرة" بالبلاد والبالغ عددهم حوالي 30 قبيلة من التنافس على المنصب، فيجب علي كافة العشائر أن تتعاون وتنحي كبريائها جانبا من أجل إعطاء ليبيا فرصة استخدام إحتياطاتها النفطية الضخمة لإعادة بناء البلاد. وأضافت الصحيفة أن النفط الليبي هو "اللعنة" التي عانت منها البلاد، فهو الذي مكن القذافي من شراء مؤيدية في الداخل وتمويل الإرهاب بالخارج. وللأسف، يجب ألا تندهش عند تفجر بعض المشكلات في المستقبل بسبب " تقسيم " عائدات النفط، فقد كان أحد الأسباب الرئيسية للثورة في ليبيا هو شعور أبناء الشرق الغني بالنفط بأن كل عوائد النفط "تتدفق" غرباً إلى طرابلس. ومع ذلك، كان أبناء الغرب هم من اقتحموا طرابلس مساء الأحد الماضي، وربما يقولون أنهم من فازوا بالحرب الأهلية، ولذا يجب أن يكونو هم المتحكمين في مقاليد الأمور. وعلي الجانب الآخر، ربما يكون الولاء القبلي لعنة أخري، فليبيا دولة حديثة التأسيس (عام 1951 - إعلان استقلال ليبيا) يشعر معظم أبنائها بالإنتماء للقبيلة أكثر من إنتمائهم للدولة، وعلي الرغم من أن أبناء الغرب يريدون تطبيق الديموقراطية، إلا أن تحديد شيوخ القبائل لكيفية التصويت قد يجعلهم يلجاون لحل وسط، فزعماء القبائل ستكون لديهم الرغبة في "تقسيم الغنائم" بأنفسهم، وذلك حسبما ذكرت الصحيفة. وبالإضافة إلي ذلك، فإن وجود المقاتلين الإسلاميين المتطرفين يمثل إحدي المشكلات الكبري التي تلقي بظلالها علي مستقبل البلاد، حيث أيد المسلحون التابعون لتنظيم القاعدة الثورة ضد القذافي، وعلي الرغم من "رعاية" القذافي للإرهاب، إلا أنه كان علي خلاف شديد مع القاعدة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيكون لأتباع بن لادن قاعدة في ليبيا؟ وبهذا يتضح أن الإطاحة بالقذافي ليست نهاية المشكلة، بل إن إعادة بناء ليبيبا سيتكلف الكثير من الأموال والدماء أكثر مما كلفه الإطاحة بالقذافي.