تحدي المصريون لهيب اليوم «الأربعاء» الذي تجاوزت فيه درجة الحرارة 45 درجة وهي معدلات غير مسبوقة فضلاً عن الرياح الساخنة المحملة بالأتربة وكأنها «جهنم الحمراء» ومارسوا حياتهم الطبيعية في مواجهة نار الشمس الحارقة في الشوارع حتي أصحاب المهن الصعبة، في المخابز والمصانع وفي الورش، فيما تغلب البعض علي هذا الجو الحارقة باللجوء إلي ظلال الأشجار ومياه النافورات في الميادين العامة. ورغم تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية ووزارة الصحة من تعرض المواطنين للشمس والدعوة لالتزام منازلهم كلما أمكن ذلك إلا أن هناك عمالاً لم يجدوا مفراً من الخروج في هذا الحر القاتل لكسب قوت يومهم وسائقين وعمال مخابز وباعة جائلين وأرزقية وغيرهم من ملايين المصريين الذين وجدوا أن لقمة العيش أقوي من الحر فخرجوا يعملون تحت لهيب الشمس عايشتهم، «الوفد» ورصدت معاناتهم في الشوارع وفي مقار أعمالهم فأمام لهيب الفحم ولفحة الحر الشديد وقف رجب ممدوح ابن ال17 عاماً أمام شواية الذرة في انتظار من يشتري الذرة المشوي، «رجب» طالب في الصف الثاني الثانوي بإحدي مدارس سوهاج ويأتي للقاهرة صيفاً للعمل في أي مهنة، يكسب منها جنيهات قليلة تعينه وأسرته علي مصاريف التعليم، يقول: لأول مرة منذ سنوات طويلة تشهد موجة حر بهذه الشدة ولكن ما باليد حيلة، أكل العيش مُر. وأمام إحدي النافورات توقفت أعداد كبيرة من سيارات نقل للركاب ونزل السائقون هاربين من حرارة الموتورات بعضهم أسلم رأسه للماء المتدفق من النافورة والبعض الآخر راح يملأ زجاجات وجراكن تعينه علي تحمل الحر في الطريق، وأكد باسم علي «أحد السائقين» ان هذه الموجة الشديدة تؤثر علي حركة السير في الشوارع بين الالتزام يندر خروج المواطنين من منازلهم، مما يؤدي لعدم وجود ازدحام بالطبع فإن الالتزام بالمنازل يؤدي لخسائر بالنسبة للسائقين. وأضاف بدراوي نعمان، سائق انه حضر من محافظة الفيوم للعمل في القاهرة إلا انه فوجئ بأن أكل العيش في العاصمة صعب للغاية فرغم ساعات العمل الطويلة والحرارة الشديدة إلا أن الدخل لا يكفي لشيء بالإضافة إلي مشكلة انقطاع المياه المستمرة في منطقة كفر الجبل التي أقيم فيها، ولذلك أملأ الجراكن من هنا لأحملها معي إلي المنزل للاستحمام بعد هذا اليوم الحار جداً. ورغم الحرارة الشديدة فهناك من اعتاد علي العمل في هذه الأجواء ومن ثم فهي ليس أمراً جديداً عليهم فهؤلاء هم عمال المخابز الذين يعملون دائماً أمام اللهيب. إلا أن سيد عبده صاحب أحد المخابز أكد انه وزملاءه اعتادوا العمل في هذه الأجواء وقال إننا نتغلب علي الحر بالشغل ولكن في هذا اليوم حركة البيع والشراء محدودة نظراً لخوف الناس من النزول في هذا الجو ومن ثم فنحن نعمل لبعض الوقت ثم نتوقف للراحة والحمد لله علي كل شيء. وبنفوس راضية جلس عشرات من عمال اليومية (الأرزقية) في بعض ميادين القاهرة في انتظار من يأتي لينقذهم من الحر بالعمل. وأشار إسماعيل صديق القادم من محافظة المنيا إلي انه ينتظر أي عمل حتي ولو كان بجنيهات قليلة، فالعمل لا يجعلنا نشعر بحرارة الجو. وحاولت جموع المصريين التغلب علي موجة الحر الشديدة إما برش المياه أمام المحلات وفي الشوارع أو باستعمال الصحف والأوراق لتغطية الرأس بينما انتشرت مبردات المياه في الشوارع وازدهرت مبيعات المثلجات والعصائر في كل مكان، واستعان المواطنون بظلال الأشجار وإعلانات الشوارع للوقوف تحتها والاحتماء بها من أشعة الشمس. وحسب توقعات الهيئة العامة للأرصاد فإن الموجة شديدة الحرارة التي شهدتها البلاد منذ أيام، بلغت ذروتها اليوم «الأربعاء» وتتراجع غداً «الخميس» بانخفاض ما بين 8 و12 درجات ويبدأ الانخفاض في المحافظات الساحلية الشمالية ويمتد الانخفاض لباقي المحافظات غداً «الجمعة».