تعليم كفر الشيخ يعلن مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الثاني    وزير الري يتابع خطة التكيف مع التغيرات المناخية ودراسات حصاد مياه الأمطار    ختام فعاليات التدريب الجوي المصري الصيني المشترك «نسور الحضارة - 2025»    وزير التعليم العالي: قرارات جمهورية بتعيين عمداء جدد بالجامعات    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وزيرة التعليم والثقافة اليابانية    وزير البترول يبحث مع مجموعة موانئ أبو ظبي سبل تعزيز التعاون المشترك    تموين سوهاج: متابعة مكثفة لمحطات الوقود لضمان استقرار الأسعار وضبط الأسواق    الوزير: قطاع "التبريد والتكييف" صناعة مهمة ولا غنى عنها في الاحتياجات المنزلية    وزير السياحة: إطلاق منصة شاملة للتدريب.. وأولويتنا زيادة الطاقة الفندقية    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعدادات مبكرًا للاستحقاقات الانتخابية القادمة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    حماس: توسيع الاحتلال عمليته في غزة «قرار صريح بالتضحية بالأسرى»    الطيران المدني السوداني يعلق الرحلات الجوية من وإلى مطار بورتسودان الدولي    أوكرانيا تسجل 200 اشتباك قتالي مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    إيران تدين بشدة الضربات الإسرائيلية في اليمن    وزير السياحة: قريبا إطلاق بنك للفرص الاستثمارية السياحية بمصر    اجتماع ممتد لمجلس الزمالك لحسم ملف المدرب    «الموضوع اتعقد».. شوبير يكشف تطورات أزمة أليو ديانج مع الأهلي    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    منتخب شباب اليد يقص شريط مواجهاته في كأس العرب بلقاء العراق    ضبط عنصرين إجراميين بحوزتهما 30 كيلو مخدرات بقيمة 16 مليون جنيه    الأرصاد تحذر: طقس حار على القاهرة.. والعظمى 32    ضبط المتهمين بسرقة هاتف محمول من شخص أجنبي بشبرا الخيمة    ضبط 46.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    «مشادة بين حفيدتين».. الداخلية تكشف حقيقة فيديو صراخ الأطفال بالقاهرة    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 500 بلاغ بالمحافظات خلال إبريل    إطلاق مشروع «أهلاً وسهلاً بالطلبة» لدخول المسارح والمتاحف بخصم 50%    بعد قليل.. تشييع جنازة نعيم عيسي بالإسكندرية    القائم بأعمال سفير الهند بالقاهرة في ضيافة المركز القومي للترجمة    الرعاية الصحية تبحث التعاون مع الوكالة الفرنسية لدعم القطاع الطبي    وزير قطاع الأعمال يبحث تعزيز التعاون مع هيئة الرعاية الصحية    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    مهرجان أسوان يناقش حضور المرأة في السينما المصرية والعربية    باكستان: نواجه نقصا في المياه بنسبة 21% خلال بداية الخريف بسبب نقص الإمدادات من الهند    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    "هذه أحكام كرة القدم".. الجزيري يوجه رسالة لجماهير الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    120 جنيهًا أنهت حياتها.. نقاش أمام الجنايات بتهمة قتل زوجته ضربًا حتى الموت    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    حبس وغرامة، عقوبة إيواء طالب اللجوء دون إخطار وفقا لقانون لجوء الأجانب    تامر عبد الحميد: لابد من إقالة بيسيرو وطارق مصطفى يستحق قيادة الزمالك    وزارة الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    محافظ أسوان يترأس إجتماع المجلس الإقليمي للسكان بحضور نائب وزير الصحة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    انفجارات داخل كلية المدفعية في مدينة حلب شمال سوريا (فيديو)    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصفين الأول والثاني الإعدادي بالجيزة    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التلميع الإعلامى.. لا يقضى على الفساد
نشر في الوفد يوم 26 - 04 - 2015


التطبيق الانتقائى للقانون يشجع مافيا الفساد
سلطة الوزراء وكبار المسئولين فى تجاهل التقارير الرقابية حماية مقننة للفساد
لي صديق مشاغب يحلو له أن يكشف لي عن مدي سذاجتي كلما حدثته بحماس عن أخبار تنشرها الصحف مزينة بصور المسئولين وهم يتصدون لمحاربة الفساد أو الانتصار لصاحب حق.
في الأسبوع الماضي دعوته لحوار وكلي ثقة أنني هذه المرة سوف أثبت له بالدليل القاطع مدي تجنيه علي كبار المسئولين بالدولة عندما يصف ما ينشر بأنه مجرد حالات فردية لزوم «الشو الإعلامي» وبالتالي يتهمني بالسذاجة لأنني أصدق أن مثل هذه الأخبار تمثل اتجاهاً وسياسة ثابتة وجادة لمحاربة الفساد وحماية حقوق المواطنين.
رئيس الوزراء يعتذر لمواطن!
كنت أحمل صحيفة زينت صفحاتها بصورة لرئيس الوزراء مع خبر يؤكد أن سيادته اتصل هاتفياً بمواطن تعرض لإهانة واعتداء من أمين شرطة، وأن رئيس الوزراء بادر بعد قراءته خبر هذا الاعتداء، بادر باستقبال المواطن الذي تعرض للعدوان وقدم الاعتذار عن الاعتداء الذي تعرض له، وذكر الخبر أن المواطن أعرب من فرط سعادته باهتمام رئيس الوزراء بهذه السرعة.
أعطيت الصحيفة لصديقي المشاغب وأشرت إلي هذا الخبر وخاطبته بلهجة المنتصر: «اقرأ هذا الخبر لتتأكد أن الحكومة ممثلة برئيسها تتحرك فوراً لنصرة أي مواطن يتعرض لإهانة أو اعتداء».
قرأ صديقي الخبر وما كاد ينتهي من قراءته حتي أطلق ضحكة مجلجلة مصحوبة بنظرة إشفاق مصوبة ناحيتي قبل أن يقول «في كل مرة تؤكد لي مدي سذاجتك»، بادرته محتجاً ومتهماً إياه بأنه ينكر جهد الحكومة وكبار المسئولين في محاربة الفساد وحفظ حقوق المواطنين.
بعد أن هدأت عاصفة التلاسن والاتهامات المتبادلة بيننا عدنا إلي حالة الهدوء التي غالباً ما تعقب كل مجادلة تنشب بيننا، وفي الحوار الهادئ يحل الحوار المنطقي الهادئ محل الجدل الساخن.
قال صاحبي: أولاً من حق رئيس الوزراء أن نشكر له هذه الاستجابة السريعة لشكوي مواطن، ورئيس الوزراء يستحق هذا الشكر علي الصعيد الإنساني ولكن علي صعيد توفير الحماية الحقيقية والجادة لحقوق المواطنين فهذا التصرف من رئيس الوزراء لا يمثل إجراء جاداً لحماية حقوق المواطنين.
الأبراج المخالفة تتحدي القوانين
واستطرد صاحبي: في نفس السياق قرأت منذ أيام خبراً عن إعلان المسئولين في محافظة الجيزة الحرب علي مخالفات البناء، وقدم الخبر صورة أحد الأبراج ومسئولو محافظة الجيزة يقودون حملة لإزالة هذا البرج المخالف.
وهنا قاطعت صاحبي: أرأيت إذ إنني علي حق عندما بشرتك بأن المحافظين سيبدأون حملات جادة لإزالة مخالفات البناء التي تمثل تحدياً صارخاً لكل القوانين، وتعلن بارتفاعاتها الشاهقة عن مدي تحدي مافيا مخالفات البناء للدولة بكل مؤسساتها.
وعاد صديقي ليطلق ضحكته المجلجلة.. وبادرته بالسؤال الطبيعي: ما قولك في هذا الخبر؟
قال صديقي: ألم تقرأ من قبل أخباراً عن حملة عسكرية قادها محافظ القاهرة وأزال فيها أبراجاً بالمعادي وتصدرت صور المحافظ وهو في الموقع يقود أعمال الإزالة بنفسه ويطلق التصريحات العنترية بأن هذه مجرد بداية، وأن إزالة المخالفات ستستمر بنفس الحزم والجدية.. قلت نعم تابعت هذا الحدث.
قال صاحبي: يومها أكدت لك أن هذه قد تكون «حالة خاصة» لا تتكرر، ودافعت أنت بأن تصريحات المحافظ واضحة بأنها مجرد بداية وسوف تستمر، وسألني صاحبي: هل قرأت بعد عملية إزالة أبراج المعادي عن عمليات مماثلة؟.. ولم أستطع أن أجادل صاحبي، الذي استطرد قائلاً: هذه الحالة الخاصة حدثت لأن هذه الأبراج تم تشييدها علي أرض مملوكة لمستثمر عربي، ولهذا كان الاهتمام بتنفيذ القانون وإزالة الأبراج.
ثم واصل صديقي: وهل تعلم أيضاً أن «البرج» الذي ستتم إزالته بمحافظة الجيزة «حالة خاصة» أيضاً لأنه بني علي أرض مملوكة ل «مواطن كويتي»؟
نماذج صارخة للفساد
ومضي صاحبي يقول: في القاهرة والجيزة آلاف الأبراج والمباني المخالفة التي صدرت قرارات بإزالتها أو إزالة الأدوار المخالفة بها، وكلها قائمة لا يقترب منها مسئول، بل أؤكد أن مئات الأبراج لم تزل للآن في مرحلة الإنشاء ومخالفاتها الصارخة تتحدي كل القوانين، ويتم توصيل المياه والكهرباء وشبكات الصرف الصحي لها، فهل جرؤ.. وكرر صاحبي نفس التعبير: «هل جرؤ» أي باشا من الباشاوات المحافظين في القاهرة والجيزة وغيرهما علي الاقتراب من هذه الأبراج المخالفة؟
وواصل صديقي حديثه: لو أن الباشا محافظ القاهرة أو الباشا محافظ الجيزة أرادا أن يمتعا نظرهما بمشاهدة هذه المخالفات وهي تتم الآن متحدية كل القوانين فباستطاعتهما أن يصطحبا جيوش المسئولين بالمحافظين في رحلة علي الطريق الدائري أو علي طريق المحور.. علي جانبي الطريق ترتفع كل يوم أبراج تتحدي كل القوانين، وأعاد صديقي جملته وهو يقول: هل يجرؤ الباشاوات المحافظون علي الاقتراب من هذه الأبراج المخالفة؟
والحالة متكررة في جميع المحافظات، عندما يتحرك الباشا المحافظ مع جيوش المسئولين بمحافظته لهدم بناء مخالف فسوف نكتشف أن هذا التحرك ليس لوجه الله ولا انتصاراً للقانون، لكننا سوف نكتشف أن جهة ما تملك نفوذاً أقوي من نفوذ أصحاب الأبراج المخالفة هي التي تمكنت من دفع الباشاوات المحافظين لتطبيق القانون.. وعندها يجد الباشاوات المحافظون أن هذه فرصة لإرضاء «أصحاب النفوذ الأقوي» وفي نفس الوقت تدشين حملة «تلميع إعلامي» تقدم الباشا المحافظ باعتباره قائد عام قوات محاربة الفساد.
الحرب الجادة علي الفساد
واستطرد صاحبي: العمل الجاد لحماية حقوق المواطنين ولمحاربة الفساد بكل صورة لا يتم إلا بقوانين وتشريعات واضحة تتضمن وضع الضوابط الموضوعية التي تغلق الكثير من الثغرات التي تستغلها مافيا الفساد، وتحدد العقوبات الرادعة التي تجعل هواة الفساد يترددون ألف مرة قبل اقتراف الفساد ويجعل محترفي الفساد يعانون من رقابة صارمة تعرقل نشاطهم وتجعل ممارستهم للفساد عملية محفوفة بالكثير من المخاطر، كما تكبدهم نفقات باهظة مما يقلل بدرجة كبيرة من نشاط مافيا الفساد.
ولا تكتمل منظومة محاربة الفساد إلا بتعديل قوانين أجهزة الرقابة في الدولة وفي مقدمتها «الرقابة الإدارية».. ومضي صاحبي يقول: لقد استبشرت بلقاء الرئيس السيسي برئيس الرقابة الإدارية الجديد وتجدد لدي الأمل وأنا أقرأ توجيهات الرئيس بضرورة شن حرب جادة علي الفساد و«الفشل»، وأخشي أن القوانين التي تكبل يد الرقابة بمنح الوزير أو المسئول الأعلي في أي مؤسسة الحق في حجب أو تفعيل تقارير الرقابة فيما عدا حالات التلبس.. هذه القيود تسهم بدرجة كبيرة في انتشار الفساد بل وإسباغ الحماية عليه، فكثير من هؤلاء المسئولين يتجاهلون هذه التقارير لأن بعضهم متورط في الفساد أو لأنه فاشل ويريد أن يداري فشله، أو لأنه يود أن يحمي مرتكب الفساد لأنه ينفذ للمسئول كل رغباته وطلباته حتي إن كانت تلحق أبلغ الضرر بالمال العام.
وقال صاحبي: أري أن تهتم مؤسسة الرئاسة بإنشاء هيئة لمتابعة الحرب علي الفساد، مهمتها مطالبة كل جهة معنية بالتحقيق الجاد والأمين والنزيه في كل ما ينشر بوسائل الإعلام، وأن تطلع الرأي العام علي نتائج هذه التحقيقات لينال الفاسد ما يستحق من عقاب رادع ممثلاً في «فضح» مافيا الفساد حتي يزدريها المجتمع، بالإضافة إلي العقوبة القانونية، وحتي ترتفع رأس البرىء الذي يتعرض لاتهامات ظالمة.
كنت أستمع باهتمام لصديقي، لأنني اقتنعت فعلاً بأنني أتعامل بسذاجة شديدة مع ما ينشر من أخبار المسئولين في عمليات «التلميع الإعلامي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.