أثارت الدعوى التى أقامها المحامى حامد عبدالعظيم الصاوى، المطالبة بإعطاء محافظة المنوفية الحكم الذاتى، واعتبارها جمهورية مستقلة باسم جمهورية المنوفية المحلية وعاصمتها مدينة شبين الكوم، الكثير من الجدل والسخرية بين الشعب المصرى، واعتبرها البعض انها اول محاولة لمطالبة محافظة بالاستقلال عن مصر منذ ان وحد مينا القطرين البحرى والقبلى. وقد شهد التاريخ المصري محاولتين سابقتين لهذا النوع من المطالبة بالانفصال، اولهما كانت فى محافظة الغربية، فقد اعلنت مدينة زفتى استقلالها فى 23 مارس اثناء ثورة 1919، وتم اطلاق مسمى "جمهورية زفتى" عليها، ولم يكن استقلال المدينة مادياً بل كان استقلالاً معنوياً، فقد ساهم في تحفيز جميع ربوع مصر بأهمية مقاومة الاحتلال الإنجليزي . لم يكن الاستقلال الذى أعلنه اهالى زفتى رغبة منهم فى البعد عن الوطن ولكن كمحاولة منهم لردع الانجليز، ففى 8 مارس 1919 أعتقل سعد زغلول ومرافقوه، وهم أحمد باشا الباسل، ومحمد باشا محمود، وإسماعيل صدقي، وسينوت حنا، ومكرم عبيد وفتح الله بركات وعاطف بركات، وتم نفيهم إلى جزيرة سيشل، وخرج المصريون، مسيحيين ومسلمين، في مظاهرات صاخبة لتسجيل غضبهم ضد هذا الإجراء التعسفى، وكانت المرة الاولى التى خرجت فيها سيدات مصر في مظاهرات وكان ذلك في 16 مارس 1919 . وفى محاولة منهم لإنقاذ زعيم الأمة من قيود الاحتلال، اتفقت مجموعة منهم على الانفصال عن المملكة المصرية وإعلان الاستقلال وإنشاء جمهورية زفتى، وكان المقصود من هذا العمل هو لفت أنظار العالم لمدى التأييد الشعبي لسعد زغلول ورفاقه. ومع حلول صباح يوم 18 مارس 1919، تم اعلان استقلال زفتى واعتبارها جمهورية مستقلة بذاتها، ولاقت هذه الفكرة تجاوباً من جميع أهالى البلدة من فلاحين وأعيان وشباب، وعندما علم الإنجليز في مساء يوم 18مارس، قرروا إرسال قوة للاستيلاء على البلدة عن طريق كوبرى ميت غمر ولكن تصدى الاهالى لتلك القوات اكثر من مرة ما ادى الى فشلها فى اقتحام المدينة. وفى فجر يوم 29 مارس 1919م فوجئ أهالى زفتى بعشرات المراكب التي تحمل جنود الإرسالية الاسترالية تقوم بعملية إنزال الجنود على شاطئ النيل بالبلدة، وقاموا باطلاق النار في الهواء أو على كل من يحاول عرقلة استيلائهم على البلدة. ولم تكن دعوات استقلال مدينة زفتى هى الأولى من نوعها ولكن سبقها بأكثر من مائتى عام، حادثة فريدة من نوعها، فقد ظهر فى صعيد مصر شيخ العرب همام بن يوسف، الذى قام بمحاولة لفصل الصعيد عن الوجه البحري، وأقام همام دولته التى لم تستمر سوى عامين فقط، من العام 1765م إلى 1769م، وكان خلال هذه الفترة يعقد مجالس عامة للتعرف على مشاكل فلاحيه، وإصدار أوامره بالحلول، وفض المنازعات، وكون جيشاً كبيراً من الهوارة، ومن المماليك الفارين إلى الصعيد. وفي هذه الفترة كان يسيطر على حكم مصر "علي بك الكبير" وقد حاول ان يوقف زحف شيخ العرب همام نحو القاهرة، فوجه قائده "محمد بك أبو الذهب" لمحاربة "همام" في فرشوط مسقط رأسه، ولكن الخيانة كانت سبباً في إنهاء حياة الشيخ "همام" في أول نوفمبر من العام 1769م، وهو في نحو الستين من عمره. وقد أغرى "أبو الذهب" الشيخ" إسماعيل أبو عبدالله" ابن عم "همام" بخيانته، والتخلي عنه، ونشر فكرة التخاذل في صفوف جيشه، مقابل توليته رئاسة الصعيد بدلاً من"همام" فتراجع عن القتال معه، فأدمت الخيانة فؤاد الشيخ "همام" فمات مكموداً مقهوراً قرب إسنا بقرية قمولة، وسيطر علي بك الكبير مرة اخرى على الصعيد وفشلت خطة الاستقلال. وفى وقتنا الحالى.. اطلقت جماعة الاخوان دعوات فى شهر اغسطس من عام 2013، أى عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة بأيام، بإعادة النظر الى التاريخ وتطبيق سيناريو ما حدث نفسه فى عهد شيخ العرب همام، فقامت بعمل استمارات لاهالى الصعيد تطالبهم بها بالتوقيع للانفصال عن مصر تحت مسمى "استقلال الصعيد عن مصر"، ولكن قوبلت هذه الدعوات برفض كبير من الاهالى ومن الحركات السياسية والثورية بالصعيد، معتبرين ان تلك الدعوات "خيانة ."