أبرزت القمة العربية التي اختتمت أعمالها يوم الأحد الماضي في شرم الشيخ قدراً كبيراً من التوافق بين الدول العربية خاصة فيما يتعلق بالملف اليمني، وإنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة. فقد أيّد قطاع عريض من الدول العربية عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي شنّها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، لاستعادة الشرعية التي انقلب عليها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، وشددت القمة على ضرورة عودة الرئي سعبدربه منصور هادي ومؤسسات الدولة الشرعية لممارسة سلطاتها في اليمن. خلافات سورية إلا أن الخلافات كانت حاضرة، لاسيما في الملف السوري، وكانت أوضح ما يكون في الاستراتيجية المصرية، والرؤية السعودية لوضع نهاية للحرب الأهلية الدائرة في سوريا حالياً. فمنذ بداية الحرب قبل ما يقرب من 5 سنوات كانت الأمور واضحة، فقد وقفت السعودية وقطر ودول الخليج السنية إلى جوار الثورة المناهضة للنظام السوري، ودعمت تلك الدول الجيش السوري الحر، ثم الجماعات الإسلامية التي تقاتل حالياً، ومن بينها جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، وفي نفس الوقت فإن إيران ووكيلها اللبناني حزب الله حاربا بضراوة مع الأسد لمنع سقوطه، لتسقط سوريا في "حرب بالوكالة" بين القوى الإقليمية. المجلس العسكري والمعزول مرسي في هذا الوقت كان المجلس العسكري هو الذي يحكم مصر، ولم يدخل في الصراع السوري مطلقاً، ثم جاء المعزول محمد مرسي، والذي أكد تطابق وجهات النظر المصرية الروسية في الأزمة السورية، حيث طالبت موسكو مراراً بوقف فوري لإطلاق النار بين جميع الأطراف، وقبل سقوط مرسي بأيام دشنّ مؤتمر دعم سوريا في الصالة الكبرى لاستاد القاهرة، وكان الهدف الرئيسي له هو دعمه قبل مظاهرات 30 يونيو، ثم انقلب السحر على الساحر بعد ما شهده المؤتمر من تطاول ودعاء على المعارضين للرئيس الإخواني بالموت. الأزمة السورية، والخلافات في وجهات النظر بين الحليفين المصري والسعودي كانت واضحة في القمة العربية، وهو الملف الذي أبرزته العديد من الصحف ووكالات الأنباء، ومن بينها صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية ووكالة الأسوشيتدبرس. فقد تمسكت السعودية بمطالبها الخاصة برحيل الأسد من السلطة، وأدان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز العناصر الملوثة أياديهم بالدماء، وقال إنهم لا يمكن أن يكونوا جزءاً من الوصول إلى نهاية للحرب. على الجانب الآخر، فإن الرئيس السيسي طالب بحل سياسي، وأشار إلى الحاجة لمواجهة المنظمات الإرهابية، ومنع انهيار مؤسسات الدولة السورية، وقال إن مصر ستستضيف مؤتمراً للمعارضة السورية يهدف إلى توحيد موقفها في المباحثات السياسية. وتأتي رؤية السيسي في ظل استراتيجية لا تختلف كثيراً بدأت في الظهور على السطح مؤخراً، حيث اعترف العديد من المسئولين الغربيين بأنه سيكون من الخطأ تجاهل الأسد في الحديث عن مستقبل سوريا، وهو أمر كان الحديث عنه محظوراً في مرحلة سابقة. بوتين وخطاب الأزمة وفي نفس السياق، فقد أثارت كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقمة العربية أزمة على الهواء، فبعد أن قرأ السيسي رسالة بوتين، حمل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الميكروفون، وشنّ هجوماً حاداً على روسيا التي تقوم بتسليح نظام الأسد، وهو الأمر الذي تعامل معه السيسي بحكمة، حيث شكر الفيصل على كلمته، ثم علّق بقوله إن القادة العرب يسعون للتشاور مع كل اللاعبين في العالم من أجل الوصول إلى حلّ للأزمة السورية. سجال إعلامي لم يتوقف الخلاف في وجهات النظر على الجانب الرسمي، وانتقل إلى الإعلام، حيث أبرز الإعلامي إبراهيم عيسى وجهة نظره في الأزمة، وحمّل جميع الأطراف المسئولية لما يحدث للشعب السوري. وقال عيسى في برنامجه على فضائية "أون تي في": إلى متى سيستمر الكذب؟. نعم، هناك دكتاتور يقتل شعبه. كما أن أموال الخليج العربي من السعودية وقطر تقتل أيضاً الشعب السوري. وتسببت تصريحات عيسى في رد فعل قوي من جانب جمال خاشقجي، الكاتب السعودي الشهير، الذي قال في تغريدة على موقع "تويتر" إنه يجب أن يكون هناك إجراء ضد "تجاوزات" إبراهيم عيسى، ووصل الأمر إلى وصف الإعلام المصري بأنه "إعلام الدولة".