بعد استنزاف مبالغ طائلة من أموال الشعب لسنوات على عمليات إحلال وتجديد وتجميل عشوائى للعديد من الشوارع والميادين فى معظم المحافظات، إذ بمافيا البناء تشوه الشكل الحضارى عبر إقامة الأبراج بأرقى الشوارع الرئيسية التى تحولت بقدرة قادر إلى محال تجارية ومقاهى على كل لون لم يكتف أصحابها بمخالفة القوانين والتراخيص، بل امتدت بأيديها إلى نهر الشوارع التى احتلتها طولاً وعرضاً ليفترشها رجال ونساء وشباب يتعاطون شيشة تتصاعد أدخنتها، هنا وهناك شاشات عرض إعلانات عشوائية وآخر صيحة للمسئولين تأجير الكبارى والحدائق والشوارع العامة التى ضاعت بين سندان الحكومة ومطرقة المخالفين وسيطرة الفتوات الذين حولوا ساحات الانتظار وغيرها بشوارع مصر المختلفة إلى مواقف خاضعة لسطوتهم، ومن يمتنع عن سداد إتاوة الانتظار يتحمل العقاب من سباب واعتداءات على مرأى ومسمع الكافة! وعلى المتضرر ضرب رأسه فى الحائط ولا عجب، فالمتهم واحد، مسئولون ومحليات فاسدة تغمض عينيها وتفعل ما تشاء دون أن يحاسبها أحد، رافعة شعار (إحنا الحكومة). وفقاً لقانون البناء والهدم والتنسيق الحضارى (119) لسنة 2008 الذى قضى بإنشاء جهاز قومى يتبعه فروع بالمحافظات ولجان يشكلها رئيس هذا الجهاز؛ تقوم بوضع أسس ومعايير ودلائل التنسيق الحضارى بالمناطق الأثرية ومراكز ومداخل المدن والإعلانات والإضاءة وتقدم هذه اللجان الدعم الفنى للجهات ذات الصلة بالتنسيق الحضارى بالإقليم ومتابعة تنفيذ المشروعات بالمحافظة وتطبق أسس ومعايير التنسيق الحضارى التى يضعها الجهاز وتنفذها المحليات عند إصدار التراخيص وتشكيل الفراغات والأرصفة والطرق ومسارات المشاة التى تضعها الدولة والقطاع الخاص، ووفقًا للقانون فإن وظيفة الجهاز القضاء على سبوبة الإحلال والتجديد والتطوير والتجميل العشوائى السنوية للمحليات وتنفيذ مداخل وشوارع المدن طبقاً لمعايير حضارية التى قضى القانون بمراجعتها والعرض على وزير الآثار كل 3 سنوات إذا قضت الضرورة، غير أن المحليات بمختلف أذرعتها التى يشوبها فى الغالب الفساد شلت عمل الجهاز وضربت به عرض الحائط ومضت فى إهمالها الذى حول مداخل كبرى المدن وشوارعها إلى كائنات عشوائية ولا عزاء لجميع القوانين والجهاز القومى للتنسيق الحضارى! وأخيرا تم تشكيل وزارة باسم وزارة التخطيط الحضارى لا نعرف مهام هذه الوزارة وهل تلغى المحليات الفاسدة دورها هى الأخرى حرصاً على استمرار سبوبة العشوائية. المنصورة قهرها الفساد مدينة المنصورة عروس النيل عاصمة محافظة الدقهلية كبرى محافظات الدلتا واحدة من عواصمالمحافظات التى تتجسد بمداخلها ومخارجها وشوارعها المهمة والحيوية وأحد الكبارى المهمة بها كل فضائح وجرائم المسئولين والمحليات الفاسدة. وشارع الجيش الأشهر على سبيل المثال فى شوارع المنصورة باعتباره المدخل والمخرج الرئيسى لعروس الدلتا التى تعد معبراً للمحافظات المجاورة لها، يمتد هذا الشارع بطول يصل إلى 2 كيلو متر يضم الوحدة المحلية لحى شرق الواقع ضمن نطاقها وديوان محافظة الدقهلية ومديرية الأمن وصولاً إلى شارع الكورنيش ويذخر هذا الشارع بالعديد من المباني ذات طابع معماري فريد منها قصر الشناوى الحاصل على أفضل جائزة فى الفن المعمارى الأوروبى على مدى السنوات الماضية وإلى الآن تم تشويهه بصورة بشعة، من انتشار المقاهى واختفاء الأرصفة وانتشار الباعة الجائلين، ويقول الدكتور محمد الوكيل الأستاذ بزراعة المنصورة: بدأت أزمة التخطيط بشارع الجيش مع اعتماد خطوط التنظيم الجديدة للمدينة فى (التسعينيات)، واكتشاف المحافظة أن مبنيين تابعين لها بمنطقة تتوسط هذا الشارع الذى يصل اتساعه إلى 60 متراً. وكان مساراً للنيل القديم أحدهما تستأجره شركة مصر للطيران والآخر إحدى الشركات السياحية الخاصة الكبرى من المحافظة ونظراً لإعاقة الموقعين خط التنظيم، طالب مجلس محلى المحافظة الذى وجه أعضاؤه فى ذلك الوقت انتقادات لاذعة للمحافظة بهدم المبنيين لتصحيح مسار خط التنظيم وانتقدوا رفض الشركتين ترك الموقعين رغم قدرة كل منها على تدبير موقع آخر وعلى مدى السنوات الماضية تبادل الطرفان (المحافظة والشركتان) القضايا إلى تنوعت بين أحكام لصالح المحافظة والطعن عليها. إهدار المال باسم أم كلثوم وأضاف الدكتور محمد الوكيل: وبدلاً من أن تحاول المحافظة تطوير هذا المدخل الحيوى والهام وتصحيح مسار خط التنظيم الذى يعترضه موقعان فشلت فى تنفيذ قرار إزالتهما إلى الآن وحل مشكلة المرور الخانقة به، قامت بتنفيذ جزيرة خضراء تمتد مئات الأمتار باتساع 20 متراً بدءاً من الموقعين وانتهاء بحدود حى شرق المنصورة وبدأ مدخل عروس النيل فى التحول لساحة عرض لسبوبة المحليات الفاسدة وابتكارات وإنجازات المحافظين الفاشلة. يحيا الفساد ومن جانبه، أكد العميد ضياء أبوالمعاطى أنه مع تولى الإخوان واصلت الأجهزة الفاسدة بالمحليات مسيرتها دون توقف وقامت بإنشاء حديقة للطفل للمرة الثانية بذات الشارع، ولكن هذه المرة على مساحة خضراء مجاورة لمسجد النصر الكبير الذى يتوسط الشارع على مقربة من مبنى المحافظة بحجة عدم ترك المساحة للأوقاف التى تحاول الاستيلاء عليها كما ادعى الحى وتم افتتاح الحديقة وكانت الإنجاز الأوحد الذى حمل اسم (المعزول) مرسى ومن خلف الحديقة تمت إقامة توسعات للمسجد لا علاقة لها بالشكل الحضارى للمسجد ذي الطابع المعمارى الفريد، وقرر الحى تنفيذ إنجاز آخر تمثل فى خريطة كبرى لمراكز المحافظة واستنزاف أموال على إقامة قاعدة خرسانية وبناء جدار لوضع هذا الإنجاز والجدارية الهزيلة بالمساحة الخضراء التى كان مقاماً بها ميدان الساعة. شريعة الغاب وانتقد ضياء أبوالمعاطى فشل المحافظة فى القضاء على هذه المهزلة وتجاهل شكاوى المواطنين بسبب احتلال هذه المقاهى الشارع طولاً وعرضاً. وتبرر الأجهزة فشلها فى القضاء على هذه المقاهى المخالفة وتحويل مدخل العاصمة إلى مولد بتحقيق دخل؟.. وعلى المتضرر ضرب رأسه فى الحائط فى وجود القانون 119 وجهاز التنسيق الحضارى المنوط به وفقاً للقانون وضع معايير وأسس تنفيذ وتصميم مداخل المدن والأرصفة والفراغات والإنارة؟.. والذى لا نعلم أين هذا الجهاز ولجانه من كل ما يحدث؟ النيل يتحول لترعة وينتهى شارع الجيش بمبنى ديوان المحافظة ليبدأ شارع الكورنيش أهم مخارج المنصورة والرابط بين شرق وغرب العاصمة والجامعة والمحافظات الأخرى المجاورة الممتدة بطول الطريق الدولى، ويعد شارع الكورنيش الواقع فى نطاق حى غرب المنصورة ويمتد إلى نطاق مركز المنصورة (الشاهد الثانى) على الفساد وعشوائية القرارات والتخطيط ويمتلئ بجرائم المحليات الممتدة بطوله البالغ أكثر من 3 كيلو مترات، ووزارة الرى التى سمحت بمحاصرة فرع النيل عبر إنشاء نواد ونقابات وقاعات أفراح ومبان سكنية وردم مساحة من النهر باسم التهذيب أصبح معها فرع دمياط أشبه بترعة صغيرة وينتهى هذا المخرج الحيوى هو الآخر بجريمتين، الأولى منزل داخل مياه النهر بجوار مأخذ محطة المياه، والأخرى ارتكبتها الهيئة العامة للطرق والكبارى أسفل كوبرى الجامعة الدائرى وتهدد بكارثة محققة. يقول المهندس عبدالرحمن أيمن سويلم: تبدأ قصة شارع الكورنيش المعروف بالمشاية مع المحافظة فى الثمانينيات عندما تقرر ردم مساحات شاسعة من النيل الذى كان ممتداً إلى مبنى مديرية الأمن الجديد باسم التهذيب وبيع المساحات التى تملكها للمحافظة بعد الردم بالمزاد لبناء عمارات وتنفيذ ممشى على المساحة المحصورة بين النهر والعمارات التى تمت إقامتها، وفى عام 91 أصدر المحافظ حسين مدين قراره 961 بحظر الترخيص بإقامة أو إدارة أية محال صناعية أو تجارية وعامة تفتح أبوابها مباشرة على الممشى لاستمتاع المواطنين بالنيل الذى كان متنزهاً لهم، ومع منتصف وأواخر التسعينيات انتشرت حمى إقامة نواد للنقابات وأخرى اجتماعية، إلى أن حاصرت المباني والنوادى ضفتى النهر بالكامل ولم يتبق من ضفة النيل غير 20 فداناً أنشئ عليها حديقة باسم جزيرة الورد. الفضيحة الكبرى وينتهى شارع الكورنيش التابع لحى غرب ليلتقى مع حدود مجلس مدينة مركز المنصورة بفضيحة كبرى، أشار إليها المهندس عبدالرحمن أيمن سويلم ارتكبتها هيئة الطرق والكبارى أسفل كوبرى الجامعة لتزيد من الطين بلة وتعرض المنطقة ومعها الكوبرى والمارين عليه لكارثة محققة بموافقة الهيئة التى قامت بتأجير مساحة 2000 متر أسفل جسم الكوبرى لأحد المواطنين لإقامة كافتيريا وصالة أفراح مقابل 40 ألف جنيه سنوياً.. مما يعرض الكوبرى للانهيار وقت حدوث أي انفجار أو حريق أسفل الكوبرى، كما حدث فى كوبرى عزبة النخل الذى انهار لمسافة 70 متراً بعد اشتعال وانفجار عشش بأسفله. وتساءل: أين هيئة الطرق من الجريمة التى ارتكبت ونفذ أركانها المستأجر بالنخر فى جسم الكوبرى لتثبيت هياكل الجريمة ولا نعلم ماذا فعل بالداخل أسفل جسم الكوبرى؟ وطرح المهندس محمود الشهاوى تساؤلاً: من منح ترخيصاً لهذه الجريمة التى ارتكبتها هيئة الطرق على أرض المحافظة ولمصلحة من يهدد كوبرى كلف الدولة أكثر من 80 مليوناً منذ 15 عاماً، وأرواح المارين عليه من أجل 40 ألف جنيه سنوياً. وانتقد محمود الشهاوى موقف المحافظة والوحدة المحلية الواقع فى نطاقها الجريمة، وقال: الغريب أن المحافظة كانت قد تصدت بقوة لسنوات لأحد المطاعم القريبة لمنطقة الكوبرى بداية شارع الجمهورية، مبررة رفضها والتصدى لعمل المطعم بالاختناق المرورى فى الوقت الذى تتفرج فيه على اكتمال هذه الجريمة دون اتخاذ إجراء بشأنها كما فعل المحافظ الأسبق سمير سلام الذى أزالها من المهد. ارصف اليوم وأهدم غداً أما باقى الشوارع الرئيسية فى المحافظة، فجرائم الهدم والإحلال وإعادة الرصف وإتلافه بعد أسابيع لا تتوقف.. ودلل «الشهاوى» عليها بمهزلة شارعى كلية الآداب والترعة بالمنصورة منذ عدة أشهر وقصة البلدورات الفاضحة التى تم رفعها بعد النخر فى الأسفلت الذى سرعان ما تم إتلافه بعد تجديده لتحويل مسارات المرور دون دراسة وأهدرت مبالغ طائلة بعد اعتراض مواطنى المنطقتين على المهزلة التى ارتكبها حى غرب.. وقال محمود الشهاوى: أين المحافظ من هذه المهازل بشوارع العاصمة والجهاز القومى للتنسيق الحضارى ومن يحاسب هؤلاء على جرائم المال العام؟ إفساد قاهرة المعز وإذا كان هذا هو حال الفساد بأكبر محافظات الدلتا (عروس النيل) فإنه لم يختلف كثيراً فى قاهرة المعز، حيث أكدت الدراسة التى أعدتها المهندسة منار حسنى عبدالصبور بإشراف الدكتور مهيب أستاذ هندسة إدارة التشييد والبناء بهندسة القاهرة حول مدى مخالفة القوانين بأحياء القاهرة المختلفة فى الفترة من 92 إلى 96 بعد القانون وتعديلاته وأخرى فى الفترة من يناير إلى سبتمبر 98 أكدت إصرار المواطنين والمخالفين على انتهاك القانون مما دفعهم إلى ارتكاب المخالفات بكل صورها فى أحياء القاهرة المختلفة وأكدت شيوع اختراق القانون وقرارات رئيس الوزراء فى مصر القديمة والأحياء المختلفة، أشارت الدراسة إلى أن نسبة الجراجات التى استغلت فى غير الغرض بلغت فى عين شمس وحدها 4% وأشارت إلى تحويل الجراجات إلى محلات ومخازن وإنشاء محلات بمداخل السلالم المؤدية للبدرومات بأحياء القاهرة المختلفة بالمخالفة للقانون وتعديلاته بالقاهرة القديمة وغيرها من أحياء القاهرة أرجعتها إلى وجود ثغرات فى القانون فتحت أبواب الفساد مع التراخى فى ردع المخالفين. الإسكندرية والقرارات فاسدة ومع استسلام مواطنى بعض المحافظات لفساد المحليات والقائمين عليها، فالوضع اختلف بعض الشىء فى عروس البحر الأبيض التى شهدت وقائع مماثلة شهيرة نجح مواطنوها فى التصدى لها ومنعها بقوة القانون. أولى هذه الوقائع الشهيرة الدعوى التى أقيمت ضد محافظ الإسكندرية، ووزير الثقافة بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للآثار، ورئيس حي وسط الإسكندرية، وآخرين بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الإسكندرية بالترخيص لأحدهم بإدارة واستغلال منطقة حدائق الشلالات. وقضت المحكمة بقبول الدعوى ووقف تنفيذ قرار المحافظ وقالت في حيثيات الحكم الشهير: إن حدائق الشلالات بالإسكندرية بتوافر شرط المصلحة للمدعين وأن دعواهم استهدفت المحافظة علي الأوضاع الجمالية والتاريخية لحديقة الشلالات.. وأن المادة الأولي من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2603 لسنة 1996 قد حظرت علي وزارات الحكومة بمحاولة البناء أو إقامة أية أعمال بالمساحات الخضراء ونجح سكان المنطقة فى انتشال الشلالات، وشهدت الإسكندرية واقعة أوقفها القضاء هى الأخرى عندما قرر محافظ الإسكندرية تنفيذ توسعات لمقر المكتب الإقليمى لمنظمة (الصحة العالمية) بضم مساحة من الشارع إلى المكتب، حيث أوقفت المحكمة القرار منوهة إلى حصانة الشارع ومراعاة المصلحة العامة التى خصص من أجلها كطريق، كما أوقفت المحكمة إنشاء جراج على مساحة مخصصة لانتظار سيارات سكان منطقة سموحة. على جانب آخر شهدت محافظات مصر المختلفة تفشى ظاهرة خطيرة تتمثل في قيام الفتوات والبلطجية بتأجير الشوارع لصالحهم للحصول علي إتاوة من المواطنين مقابل السماح لهم بالانتظار بسياراتهم، وكل رأسمالهم هو فوطة صفراء. وفي هذا السياق قال الدكتور محمد الوكيل: إن ظاهرة أصحاب الفوطة الصفراء التى اجتاحت شوارع مصر المختلفة بطول عواصمالمحافظات الكبرى أصبحت تهدد أمن المواطن بعد أن أصبح عدد هؤلاء يصل إلى العشرات فى الشوارع الكبرى التى يقتسمونها بينهم.. وتساءل: هل من المعقول أن تخضع الشوارع وساحات الانتظار الرسمية لسطوة وسيطرة أشخاص لا نعرف هويتهم ومن هم؟.. ويفرضون إتاوة انتظار بالقوة على السيارة فى ساحات انتظار الدولة الرسمية والمجانية وغيرها مقابل 5 جنيهات ومن يرفض سداد الإتاوة اعتراضاً على فرض السيطرة يتعرض للاعتداء من قبل البلطجية فى ظل وجود الأجهزة المسئولة؟ الأمر يدعونا لطرح تساؤلات: هل المطلوب من مواطنى المحافظات بطولها وعرضها اللجوء للمحاكم للتصدى للمسئولين وقراراتهم الفاسدة ومخالفتهم للقوانين.. وأين دور الحكومة في مواجهة جرائم المحافظات والمسئولين بها؟