صلة الرحم أو الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول فتارة تكون بالمال وتارة بالخدمة أو بالزيارة والسلام، ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة مشكلات كثيرة في بيوت المسلمين تنص على طلب بعض الآباء قطع صلة الرحم بينهم وبين الأمهات اللاتي يفعلن الفواحش. فاستطلعت"بوابة الوفد" آراء بعض رجال الدين الذين حرموا قطع صلة الأرحام مهما كانت الأعذار، مستدلين على ذلك بكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة. قال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن الإنسان الذي يقطع صلة رحمة يرتكب كبيرة من الكبائر، مضيفًا أن هناك آيات كثيرة تدل على هذا ومن ضمنها قول الله تعالى"فهل عسيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم". وأكد هاشم، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن هناك احتمالية كبيرة لتوبة هذه السيدة التى عصت ربها، ولكننا لا نستطيع أن نجزم بأنها الآن لازالت عاصية، لذلك لا يمكننا معاملتها بهذه الطريقة التى حرمها الله تعالى. فيما قالت الدكتورة نادية عمارة الداعية الإسلامية، إنه لا يجوز قطع صلة الرحم للمرأة التى تفعل الفواحش وصاحبة السمعة السيئة نهائيًا، مشيرةً إلى أنه من الواجب أن يصلها أولادها وأقرباؤها. وأضافت "عمارة"، أنه يجب ألا نهجر الأقرباء لمجرد أنهم أخطأوا، مؤكدة أنه يجب على أقربائها أن يؤدوا واجبهم نحوها بنصحها لترك ما تفعله من أفعال منافية للأخلاق والشريعة. وتابعت الداعية الإسلامية، أن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها من كبائر الذنوب، مستدلة بسورة النساء الآية 36 {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} وقال: سورة الإسراء الآية 23 {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}. وعن الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ومقدمة البرنامج الديني"فقة المرأة"، أكدت على أنه لا يجوز قطع صلة الرحم بين الأولاد والآباء مهما كانت الأسباب، مؤكدة أن حكم الكفر في الإسلام أشد من حكم الزنا، ومع ذلك قال الله تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا". وأوضحت صالح، أن الله فاتح باب التوبة دائما في وجه عبده ولن يغلقه أبدًا، لافتة إلى أن الزوج لا يعرف إذا كانت الزوجة تابت أم لا. وأكدت أستاذ الفقه، أن إذا كان الأولاد بالغين عقلا فسيحاسبون على أعمالهم وقطع صلة الرحم بينهم وبين الوالدة، حيث إنه لهم حرية التصرف، إما إذا كانوا أطفال صغار فلن يتم محاسبتهم إلا ببلوغهم، مستعينة بالآية الكريمة" وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا". في سياق متصل شدد الشيخ عبد العزيز النجار، رئيس قسم الدعوة في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، على عدم إجازة قطع صلة الرحم بين الآباء وأبنائهم مهما كلف الأمر، مؤكدًا أن على الأولاد صلة آبائهم حتى وإن كانوا يفعلون الفواحش. وأضاف النجار، أنه لا يجوز للأب منع أولاده من أمهم وقطع صلتها، قائلاً" لا يوجد أحد يحاسب بحاسب أحد، كما أن يوم القيامة سوف يحاسب الأولاد باشتراكهم في قطع صلة الرحم من والدتهم كما سيحاسب الأب" واستدل النجار في تصريحاتها بسورة الإسراء الآية 26 عندما قال الله تعالى{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}، كما استدل بقول السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله".