المعاق مثلما أشارت منظمة الصحة العالمية 1980.. فرد لديه عجز أو عدم قدرة تجعله يختلف عن الفرد العادي في النواحي الجسمية أو العقلية أو المزاجية أو الاجتماعية، ويمنعه من القيام بدوره الطبيعي بما يتناسب مع عمر ونوع جنسه والظروف الاجتماعية والثقافية المحيطة به إلي الدرجة التي تستوجب عمليات التأهيل الخاصة، لكي يتمكن من استخدام أقصي ما تسمح به قدراته ومواهبه». ونظرة تاريخية عابرة نجد أن أصحاب الإعاقة ظلوا مثار سخرية وعانوا من الاضطهاد في كثير من المجتمعات القديمة، بينما اهتمت الحضارة العربية الإسلامية بالمعاقين، وليس أدل علي ذلك من وجود آيات كثيرة حول كف الأذي المادي عن المسلم سواء العادي، والمعاق، وما قام به عمر بن الخطاب من بناء ديوان للأطفال المعاقين، وقيام عمر بن عبدالعزيز بإجراء دقيق وإحصائي للمعاقين وتخصيص مرافق لكل كفيف وخادم لكل مقعد. ومن المؤسف له حالياً أن عددا كبيرا من المؤسسات الحكومية والأهلية تتاجر بالمعاقين، إلي جانب أن حكوماتنا المتعاقبة، وحكومتنا الحالية تجهل تماما أعداد المعاقين، واحتياجاتهم الفعلية، في الوقت الذي تقام فيه المؤتمرات خاصة بمناسبة الاحتفال بيوم المعاق العالمي والمصري وتنفق عليها مئات الآلاف من الجنيهات دون جدوي، وكذلك فشل معظم ملتقيات التوظيف، بل والأسوأ من هذا كله أن المعاقين الذين حصلوا علي وظائف - في القطاعين العام والخاص، مطالبون بالذهاب إلي أماكن عملهم للحصول علي المرتبات دون عمل حقيقي، وأمور أخري كثيرة لا يتسع المقام لذكرها. في هذا السياق عاني المعاقون الكثير في ظل وجود المجلس القومي لشئون الإعاقة، ما بين جدل حول من يتولي رئاسته: شخص عادي أم معاق؟!، وعدم امتلاكه لأي اختصاصات، وانقسام العاملين به ما بين: فريق مع وفريق ضد وعدم قيامه بإجراء إحصاء ولو مبدئياً للمعاقين. هذا إلي جانب أن المعاقين محرومون من وجود فروع لهذا المجلس في مختلف المحافظات! ومؤخراً.. أصدر المهندس إبراهيم محلب قراراً بتشكيل مجلس إدارة للمجلس القومي لشئون الإعاقة بعدما شهراً جولات من الشد والجذب فور انتقال تبعية المجلس من مجلس الوزراء إلي وزارة التضامن الاجتماعي ليتحول ال 15 مليون معاق إلي جمعية أهلية تخضع لتلك الوزارة.. ما يهمنا هنا تشكيل هذا المجلس: (الرئاسة لرئيس الوزراء، وعضوية وزراء: التخطيط - التربية والتعليم- الصحة والسكان - القوي العاملة والهجرة - التضامن الاجتماعي، مع أمين عام للمجلس يشرف عليه ويفضل أن يكون من ذوي الإعاقة. هذا القرار يثير كثيراً من التساؤلات منها: هل لدي تلك الوزارات الموقرة تصورات واضحة وخطط عمل فعلية بعيدة عن الشو الإعلامي لخدمة المعاقين؟ هل لدي وزارة التربية الكوادر البشرية القادرة علي تلبية احتياجات المعاقين وحسن استثمار طاقاتهم؟ وهل لدي وزارة الصحة النية الحقيقية لرعاية المعاقين من خلال الطب الوقائي للمعاقين؟ وهل لدي وزارة التضامن خطة تتيح لكل معاق معاشا مناسبا؟ هل لدي النقابات الخاصة بالمعاقين الرغبة في التعاون وتوجيه التنافس بينها لخدمة المعاقين وليس السيادة؟ وهل حقا لدي الجميع في مصر استعداد للتخلص من نظرية الجزر المنعزلة والعمل بنظرية التكامل وانصهار الكل في واحد. الأهم من هذا كله أن يدرك المعاقون أن الطريق ليس مفروشا بالورود والرمال، وأن الحقوق لا تُمنح، وأن المواد الدستورية قد تصبح مجرد «حبر علي ورق» ما لم يؤمن كل معاق بأنه كائن خلاق وليس عالة. وأخيرا وليس آخرا يجب أن تخلص نوايا مستشاري فخامة الرئيس في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة وإعلان كلمة حق حول مدي جدوي المدن التي أشار «السيسي» إلي إنشائها قريبا. هل تفيد هذه الفئات أم تكون بمثابة عزلة في وقت ندعو فيه إلي الإندماج. أهلا وسهلا بالمجلس القومي للإعاقة في ثوبه الجديد.