لم تتحمل إسرائيل قرار المحكمة الجنائية الدولية عزمها على إجراء تحقيق أولى حول جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل فى عدوانها الأخير على غزة من خلال العملية التى أطلقت عليها «الجرف الصامد» 8 يوليو وحتى 26 أغسطس 2014 وهو التحقيق الذى قد يسفر عن توجيه اتهامات جنائية لمسئولين إسرائيليين. سارع ليبرمان فاعتبر قرار المحكمة أمرا مخجلا وأن إسرائيل لن تتعاون فى هذه التحقيقات التى تعنى تقويضا لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها. وهدد بأن إسرائيل ستعمل فى المجتمع الدولى من أجل حل هذه المحكمة التى تمثل النفاق وتدعم التطرف. ولم يفوت ليبرمان الفرصة فتحدث عن الجيش الإسرائيلى بوصفه الأكثر أخلاقية فى العالم!!. الغريب أن أمريكا سارعت هى الأخرى فأدانت قرار المحكمة ورأت أن فتح تحقيق فى جرائم حرب محتملة ليس إلا تراجيديا ساخرة لأن إسرائيل وفق زعمها هى التى تعرضت لآلاف الصواريخ التى أطلقها الفلسطينيون على مدنها ومواطنيها. ولذا فإنها ستواصل معارضتها لأى إجراء تتخذه المحكمة الجنائية ضد إسرائيل. وتذرعت أمريكا فى اتخاذها هذا الموقف بمبررات منها أنها لا تعترف بفلسطين كدولة وبالتالى فهى ليست مؤهلة للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. وعليه فإن أى اجراء ضد إسرائيل داخل المحكمة ستعارضه أمريكا لكونه يتعارض مع قضية السلام. ولاشك أن أمريكا تغض الطرف عمدا عن إسرائيل وجرائمها ومخالفاتها العديدة للقانون الدولى والإنسانى، فجرائم إسرائيل لا حصر لها ومنها عمليات الابادة الجماعية وهجماتها على المدنيين وإساءة معاملة المعتقلين بدنيا ونفسيا بالاضافة إلى ظروف الاعتقال المزرية.ومنها قضم الأراضى الفلسطينية وتكثيف الاستيطان،وفرض الحصار الضارى على القطاع والذى يعد عقابا جماعيا،وتبنيها لسياسة العزل والحرمان الممنهج، واستخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية وهو ما يعتبر جريمة حرب، واستخدامها لأسلحة محرمة دوليا كالقنابل المسمارية والفسفور الأبيض، وتدميرها للبنى الصناعية ووحدات انتاج الأغذية ومرافق المياه ووحدات الصرف الصحى، ومنع حرية الحركة والتنقل من وإلى القطاع. ستظل أمريكا موالية لإسرائيل وداعمة لها مهما ارتكبت من جرائم وبالتالى ستظل إسرائيل بمنأى عن أية إدانات دولية لاسيما من مجلس الأمن الذى تديره أمريكا لحساباتها وأول هذه الحسابات حرصها المبالغ فيه على دعم إسرائيل الحليف الأوثق لها والذى لايمكن أبدا فصم العرى معه. ستظل أمريكا هى الحامية والحاضنة للكيان الصهيونى ولممارساته مهما بلغت بشاعتها. ستظل أمريكا هى العاصم لإسرائيل حتى لا تمس ولا تساءل ولا تحاسب ولا تعاقب، فهى فوق القانون بعد أن منحتها أمريكا حصانة الدولة الاستثناء، فهى الحليف الأبدى شاء من شاء وأبى من أبى.