الكتابة للأطفال سلك شائك يلتف حول أعناقنا من يستطيع أن يتحمله أو أن ينزعه؟ هكذا قال الكاتب المسرحي هنريك أبسن، وهو رد على سؤال عن عدم كتابته للمسرح الموجه للأطفال والشبيبة.. أما عندنا في مصر فقد كتب الفريد فرج «رحمة وأمير الغابة المسحورة» تجربة مسرحية باللغة الفصحى أراد فيها أن يقول إن تراثنا العربي هو المنقذ ومن ينساه يصل الى ما نحن عليه الآن من عشوائية وفراغ فكري.. والمخرج الكبير سعد أردش حينما أخرج هذه المسرحية قال عنها: وجدت ضالتي عند نص يستوعب أزماتنا ويجد الحلول عند الموروث الشعبي الذي كاد أن يهجره المثقفون. تذكرت هذه المقولات وأنا أجلس امام المخرج حسن يوسف مدير المسرح القومي للطفل «متروبول» - مسرح عبد المنعم مدبولي - وهو رجل مهموم بتطوير مسرح الطفل والارتقاء بهذه المهمة التي يراها ضرورة لتربية جيل جديد نحاول أن يكون متكاملاً ثقافياً وفنياً ويكفي أن أكثر من جيل قد ظلمته السنوات الأربعون الماضية ولم تدخر له الحكومات غير المسئولة في هذه الحقب الا المغامرة.. ولهذا تم تدمير أغلب المواهب وتم تحويل كثير من المبدعين الى مجرد آلات لا تنتج. قلت لمدير المسرح القومي للطفل: لعل مسرح الطفل الأكثر صعوبة ومسئولية في عالمنا المعاصر وخاصة أننا نخوض تحديات عربية وعالمية بعد نجاح ثورتي 25 يناير و30 يونية.. كيف ترى هذا الدور الرائد لمسرح الطفل؟ - مسرح الطفل في هذه المرحلة من أهم المسارح والمنابر الثقافية في مصر، لأن بقية المسارح تتعامل مع فئة أكثر من 17 عاماً وهم طلبة الجامعات وما يتجاوزها عمرياً.. وفكرة تكوين الطفل أياً كان شكل التكوين قد تكون حدثت.. وخرج عن نطاق السيطرة، لكن المسرح القومي للأطفال يتبنى الفئة العمرية من 3 سنوات حتى 14 سنة وبالتالي هى الفئة القابلة للتشكيل وبالتالي هنا خطورة رسالة المسرح القومي للأطفال ومهمة الثقافة هنا هو تشكيل هذه الفئة التشكيل الصحيح، ونحن لا نطوعه يمينا أو يساراً ولكن نعلمه كيف يفكر وكيف يختار وكيف يكون لديه منهج فكري سليم. منذ ما يقرب من عشرين عاماً.. استضافت مصر أول - وللأسف كان آخر - مهرجان عربي لمسرح الطفل عقد في مدينة السويس برئاسة الشاعر خميس وكان وقتها مديراً للمسرح القومي للأطفال، وتبارت الفرق العربية وقتها عرفنا وجوها عربية كبيرة لم نكن نعرف اهتمامها بالطفل.. عرفت الشاعر الفلسطيني نزيه حسن الذي قدم مسرحية عبارة عن قصائد لمحمود درويش وفدوي طوقان حول الحصار الاسرائيلي لفلسطين.. كانت عيوننا تدمع ونحن نشاهد دراما مسرحية عن قصيدة فدوى طوقان التي أحسبها أهم من أهمما كتبت عن «أمام البوابة الاسرائيلية» وكيف يسمح أو يمنع المحتل أهل فلسطين من الدخول. وسط هذا الجو العربي الممزق كيف كان حصاد عام 2014 وكيف تمكنت من تحقيق هذا الكم الهائل وجميعه يحمل كيفية راقية باعتراف الجمهور والنقاد؟ - حصاد 2014، مسرحية «كوكب سيكا» تأليف عبده الزراع واخراج السيد جبر ومسرحية «شمس وقمر» اعداد د. فاطمة يوسف واخراج محمود الألفي ومسرحية «حواديث الأراجوز» تأليف راندا ابراهيم واخراج د. محسن العزب ومسرحية «فتفوتة» تأليف د. سامية حبيب واخراج ريهام عبد الحميد ومسرحية «أرض الشهداء» عن 6 أكتوبر تأليف واخراج وائل ابراهيم واحتفالية عيد الأم وحفل تأبين الشاعر والكاتب شوقي خميس وقدمنا أوبريت «دستورنا يا كبار» تأليف فوزي المليجي واخراج حسن يوسف ونعلم فيه الأطفال ماذا يحتاجون من الدستور وسافرت بعد ذلك مسرحية «بدر البدور» للاشتراك في مهرجان الكويت الدولي الثاني وفازت المسرحية بجائزة احسن عرض مسرحي، وفي احتفال تكريم الأم المثالية في المسرح استضفنا الفنانين الكبار ليلى جمال ونهال عنبر وليلى طاهر ونادية فهمي وولاء فريد وزينب وهبي، وهن من أكثر الفنانات اللاتي قمن بدور الأم.. واستضفنا الفنانين الذين شاركوا في حرب اكتوبر خليل مرسي وأحمد ماهر ومحمود عبد الغفار وحمدي العربي ومحمود جمعة وعطية محمود كما تم عمل حفل لحصاد الموسم. هل انكمش دور النقد تجاه مسرح الطفل؟ - نعم، انكمش دور النقد بالنسبة لمسرح الطفل وهذا ما يؤرقني، فبرغم الزخم الواضح في انتاج العروض المتنوعة الا أن النقاد والصحفيين لا يتابعون عروضنا مثلما يفعلون مع مسرح الكبار.. كل نجوم مصر الكبار شاركوا في مسرحنا منذ العملاقين عبد المنعم مدبولي وعمر الحريري وصولاً للفنانين نهال عنبر وسامح يسري وراندا وغيرهم. ومع ذلك ما كتب عن مسرح الطفل لا يتعدى أصابع اليد الواحدة ولا أعرف لماذا، هل هو عدم اهتمام بالطفل؟ هناك علامات استفهام حول ذلك. لماذا يبتعد كتاب الأطفال عن المسرح.. وكيف يمكن لمسرح «متروبول» تشجيع هؤلاء واستقطابهم؟ - ومن هم كتاب الاطفال بعد العملاقين يعقوب الشاروني وعبدالتواب يوسف.. إن أكثر معاناة أعانيها هو العثور على نص جيد للأطفال لأن بعض المؤلفين يقدمون نصوصاً لمسرح الطفل على أنها سبوبة.. ولكني أطالب وزارة الثقافة بأن تقيم جوائز لكتاب مسرح الطفل وسيتم انتاج واخراج الأعمال الفائزة فوراً ووقتها سنجد نصوصاً تليق بالأطفال، قدمنا الى جانب أعمال الشاروني وعبد التواب يوسف أعمال شوقي خميس وأحمد زرزور، ولكن نحتاج الى أسماء جديدة لدينا الآن الشاعر عبده الزراع ومصطفى سليم.. وأعمالهم لا تكفي لسد الحاجة السنوية. أين الشعر من مسرح الأطفال؟ - نفس المشكلة.. الشعر بعيد عن مسرحنا.. وهذه أزمة نريد أن تتراجع مع روح مصر بعد الثورتين. ما هى في رأيك المعوقات التي تواجه مسرح الأطفال في مصر؟ - الدعاية والإعلام والإنتاج، لابد من جهات تصرف على الأعمال الفنية وأخرى تنير لهذا الجهد.. نحتاج الى أعمال مبهرة وليس لدينا حتي الآن جهاز خدع للأطفال، وهو اساس طالما نريد أن نصنع عالماً خيالياً يعيش فيه الأطفال. أين نحن من مسرح الطفل في العالم؟ - في العالم، تطور كبير جداً في هذا المجال، ولديهم ابهار غير عادي وهم يوفرون كل عناصر المتعة والتثقيف معاً.. وهناك مسارح عالمية ذات سمعة في هذا الشأن مثل مسارح بلجيكا وسويسرا وروسيا. هل نحن في حاجة لتطوير الخطاب الموجه للطفل المصري؟ - طبعاً نحن في حاجة ماسة لتطوير الخطاب الموجه للطفل، وأول شىء البعد عن النصيحة المباشرة ولابد أن نعرف أننا نناقش طفل الانترنت.. لابد من خطاب ذكي يحترم قدرات الطفل، ونبتعد عن عدم الاستهانة بفكر الطفل. ما أهم ملامح هذا العام؟ - أهم ملامح 2015 تقديم مسرحيات جديدة تتسم بفكر حديث مثل مسرحية «أكشن» تأليف الراحل يحيى زكريا واخراج عادل الكومي.