الإرهاب ملعون والقاتل مجرم وآثم وحرية التعبير مقدسة ولكن ليس كل ما يعبر عنه المرء يستحق الاحترام لاسيما إذا خرج عن أطر الحرية المسئولة وارتكب جريمة المس بالمعتقد، ولهذا عندما تعمدت مجلة «شارلى إبدو» الساخرة إهانة المسلمين بالسخرية من رموز دينهم والإساءة إلى نبيهم كان خطابها خطاب كراهية لا يمكن القبول به، ومن ثم جلبت على نفسها الأذى الذى حل بها عندما تم استهدافها فى السابع من يناير الحالى بعملية إرهابية أودت بحياة 12صحفيا ورساما كاريكاتيريا وجرح 11، لقد غاب عنها أن حرية التعبير يجب أن تكون مسئولة، ولهذا أسرنى كثيرا الكلام الذى نطق به «بيل دونو هيو» رئيس الرابطة الكاثوليكية الأمريكية فى معرض تعليقه على الواقعة. فخلافا لجميع وسائل الاعلام الأمريكية والعالمية حول الواقعة فإن هذا القديس النبيل ظهر برأى منصف مسئول حمل فيه على الأسلوب الذى تبنته المجلة المذكورة عندما قال: (من حق المسلمين الغضب على ماجاء بالمجلة من إساءات لرموزهم، فوسائل الاعلام استفزازية للغاية كما أن رسامى الكاريكاتير فى هذه المجلة تصرفوا مثل حفنة من البلطجية الفاجرين، لقد أفسدوا حقهم فى التعبير عبر نشر الشتائم وإهانات الآخرين)، وعلى حين دعا إلى ضبط النفس الأخلاقى فى جميع وسائل الاعلام إلا أنه فى الوقت نفسه أدان من قاموا بارتكاب جريمة الهجوم على مجلة «شارلى إبدو» ونعت مرتكبيها بالبرابرة. لقد حمل على الصحفيين الذين يفتقرون إلى ضبط النفس ويسيئون إلى حريتهم عن طريق اختيار تصويرات فاحشة وبذيئة للنبى محمد مما يدل على نواياهم الخبيثة بإهانة المعتقد، وقال من البديهى عندما يستمر المرء فى فعل ذلك أن يرد عليه برد فعل غاضب، لقد أراد «بيل دونو هيو» أن يشرح كيف أن أعمال رسامى المجلة المذكورة هى التى ساعدت على تأجيج غضب المتطرفين فكان أن قاموا بجريمتهم البربرية.وكأنه يريد أن يقول ضمنا لقد جر هؤلاء على أنفسهم ما حدث لهم، واستدعى كلمات الرئيس الرابع للولايات المتحدة «جيمس ماديسون» الذى حذر من فقدان الحريات عبر اساءة استحدام الحرية، وقال: (هناك العديد من الناس الذين أساءوا لأهل الايمان وهو ما يجب وقفه فورا)، وتساءل: (أين الكياسة واللباقة لدى هؤلاء؟ لقد تعبت من هؤلاء الصعاليك الذين يطالبون المسلمين بتحمل كل ما يوجه اليهم، من الممكن أن نختلف مع المسلمين ولكن بطريقة حضارية بدلا من التصرف كحفنة من الفاجرين البلطجية). كلام رائع من هذا النبيل المنصف لم ينطق بمثله رجال أو علماء الدين الاسلامى وعليه أتساءل بدورى أين الزعامات الاسلامية مما حدث فى باريس من عبارات الشجب والاستنكار وفى ردهم علي كل من يتعامى عن الحق ليتحدث عن حرية التعبير غير المسئول الذى يسىء الى العقائد؟ أين الأزهر من الاساءات والبذاءات التى اجترأت على العقيدة تحت دعوى حرية التعبير؟