تحولت ليبيا دولة تصدير النفط إلي مجتمع يعيش علي تحكم العصابات والميليشيات في أقداره بالرصاص والمتفجرات مما يجعل أي عاقل يدرك أن ذهابه إلي ليبيا في ظل هذه الأوضاع التي سادت تهلكة محققة وتنصرف الأنظار عنها نهائياً عند التفكير في الذهاب طلباً للقمة العيش!، وعلينا جميعاً أن نعترف بأن انهيار الأوضاع الليبية إلي «كارثية» غابت فيها وعنها أي سلطة يمكن لها أن تكون لها الولاية الحقيقية علي هذا «النظام الفوضوي» الذي يدير بإحكام وتجبر شئون البلاد، واعترافنا الأول أن عمر هذه الفوضي اللاأخلاقية ليس وليد الأمس أو اليوم فقط، ولكنه انهيار توطن في ليبيا وأقام حساباته علي البقاء علي انه قد تولي أمور بلاد لم تعد لها أي صلة تذكر بالمتعارف عليه من نظام الدولة!، وكان علي المصريين الذين واصلوا التوافد علي ليبيا بكافة الوسائل التي يتبعها سماسرة التهريب الذين يتبعون العصابات والميليشيات المعنية بوقوع المصريين في أسرها!، وكم انطلقت التحذيرات الحكومية المصرية للمصريين بضرورة تجنب السفر إلي ليبيا مهما كانت الاغراءات!، حتي إذا وقع المحظور وانكشف الغطاء عن جريمة منظمة تديرها العصابات والميليشيات بالخطف إلي القتل في رقاب المصريين!، لتبدأ مناشدات الإغاثة لمن أصبحوا رهائن مصريين لدي خاطفيهم، الذين يستولون منهم علي كل ما يملكونه مقابل إطلاق سراحهم!، أو النجاح في اللجوء إلي وسطاء من القبائل الليبية لبذل مساعيها لفك أسر المصريين المختطفين!، أو وساطة لمساعي عودة جثامين ضحايا العصابات إلي وطنهم مصر ليدفنوا فيها!، ويحدث هذا في ظل محنة عامة للمصريين في ليبيا حيث لا يمكن لذوي المصريين معرفة أي شيء عنهم، أو المصائر التي انتهت إليها حياتهم! ولابد لنا بأن نقتنع بأن خطط افتراس المصريين عند العصابات المتحكمة لها صلة بأهمية مصر وموقعها اللصيق بليبيا، والعصابات والميليشيات المتناحرة الليبية وغير الليبية، فالهدف هو إرباك الدولة المصرية في نكبة أبنائها بما تفعله العصابات خدمة لدوائر خارجية متعددة تسعي إلي غل يد مصر في التصرف لإنقاذ المصريين هناك!، والهول الذي ينتظر المصريين في ليبيا قد تفاقم أمره وتوحشت عناصره إلي الحدود التي لا يصدقها من المصريين من يصرون علي العمل في ليبيا!، ويبقي علي الخارجية المصرية أن تبذل مساعيها لاستنقاذ المصريين الرهائن أحياء أو جثامين الموتي منهم!، وما ذكره السفير بدر عبدالعاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية بأن «الوزارة تبذل مساعيها من أجل المصريين في ليبيا في ظروف بالغة التعقيد»!، هو وصف صحيح لصعوبة استعادة المصريين إلي مصر من بلد أصبح بلا سلطة تقريباً، والمسئولون الليبيون أنفسهم يشرحون كيف أن بلادهم قد تحولت إلي بؤرة إرهاب دولية تضع العراقيل أمام استعادة كيان الدولة!، لكن الخارجية المصرية لا تتذرع بالظروف بالغة التعقيد لكي تفرط في مسئولياتها إزاء أبناء مصر، ولكن علي المصريين أن يتوقفوا عن الذهاب إلي ليبيا حيث ليس فيها ما ينتظرهم سوي الموت والخطف تحت حكم العصابات!