الدستور all size يلبس كل المقاسات، كما أنه يرضى كل الأذواق، فى موضوع المحافظين لم يفرض الدستور طريقة محددة لاختيارهم وترك هذه المهمة للقانون سواء أتى بهم عن طريق التعيين وهو النظام المتبع منذ صدور أول قانون للإدارة المحلية أم بالانتخاب وهى تجربة لم نطبقها، ولا نريد أن نطبقها لأنها ستكون مغامرة خطيرة خاصة فى الصعيد الذى تسيطر عليه القبلية والعصبية التى وصلت إلى حد التوحش وتظهر أنيابها فى أوقات الانتخابات. كما أنه أى الانتخاب ليس هو المظهر الوحيد للديمقراطية إذا سيطر عليه المال السياسى فإذا كان المال يستطيع شراء مقاعد فى البرلمان، فإن المصيبة ستكون أعظم، إذا استطاع المال شراء محافظة، وتربع على قمتها محافظ بفلوسه، عن طريق شراء أصوات الناخبين، أو أن تفرض عائلة كبيرها محافظًا بقوة السلاح فخلينا فى نظام التعيين أفضل، وبمناسبة شروط تعيين المحافظين ونحن على أعتاب حركة محافظين جديدة ستصدر خلال الأيام القليلة القادمة فقد كنت أفضل أن يصدر قانون الإدارة المحلية الجديد أولا قبل إعلان الحركة ليضع شروط تعيين المحافظين كما جاء فى الدستور بالمادة 179 التي منحت القانون حق وضع شروط وطريقة تعيين أو انتخاب المحافظين ورؤساء وحدات الإدارة المحلية ويحدد القانون اختصاصاتهم، لكن من الواضح أن اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية مذاكر الشروط الواجب توافرها فى محافظ المرحلة القادمة، ولم لا؟! وهو محافظ المحافظين ان جاز هذا التعبير، وهو جائز جدًا. جربنا فى عهد السادات أن يأتى بعض المحافظين من نفس المحافظة، وفشل هذا النظام، بعض المحافظين الذين تم اختيارهم من محافظاتهم استسلموا للعصبيات وخاصة فى قنا، ولكن قنا ذات الخصوصية الخاصة فى تركيبتها أثبتت انها أول محافظة تختار محافظها، وتفرضه علي القيادة السياسية وهو اللواء عادل لبيب. كان «لبيب» محافظًا لقنا، تقريبًا اكتشفها رغم أنها بلد الآثار وكانت الأقصر الثرية بالآثار الفرعونية إحدى مدنها قبل انفصالها وتحولها إلي محافظة مستقلة، أزال لبيب الغبار الذى كان يعلو وجه قنا، فاشرقت، وتحولت إلي مدينة حضارية تضاهى العواصم الأوروبية، فى نظافتها بفضل المحافظ المعجزة، الوجه الجديد لقنا الذى رسمه عادل لبيب، خفف حدة العصبية والقبلية، وغادر عادل لبيب قنا إلى البحيرة ثم إلى الإسكندرية، وعاد بقرار من أبناء قنا، لم يحدث فى أى محافظة أخرى ولم تشهده مصر قبل ذلك، كانت القيادة فى ذلك الوقت قد اختارت محافظًا قبطيًا لقنا، وتم رفضه من أبناء قنا ليس لأنه قبطى ولكن لظروف تتعلق بتركيبة قنا نفسها، وخرج شعب قنا إلى الشوارع يهتفون يا لبيب عد إلينا، وسافر لبيب إلى قنا ضمن وفد رسمى لتهدئة المواطنين الغاضبين، وإذا به يصبح محافظًا لها من جديد ومن قنا أصبح لبيب وزيرًا للتنمية المحلية، ولو سألت أى أحد من قنا عن اسم المحافظ يقول لك عادل لبيب، وعن المحافظ الجديد الذى يريدونه يقولون أيضًا عادل لبيب، لأنه باختصار كان كبير العائلة الصعيدية كلمته مسموعة وقراره يسبق برتوكولات القبلية والعصبية، بالحب والصدق والعدالة وطهارة اليد والانجاز دخل «لبيب» قلوب أهالى قنا، والآن تحول مكتشف قنا إلى مكتشف المحافظين، لا يمكن استنساخ عادل لبيب، ولذلك مهمة اختيار محافظ المرحلة الجديدة ليست بالسهلة، المحافظون عليهم دور كبير فى الانتخابات البرلمانية المرتقبة فى إرساء مبدأ الحياد وإجراء انتخابات نزيهة كما أن عليهم يقع الدور الأكبر فى تنفيذ مبادئ ثورتى يناير ويونية فى محافظاتهم ودفع عجلة الانتاج والتنمية عن طريق توفير البيئة الصالحة للاستثمار، محافظ الغد سيكون مكتبه هو الشارع وسط الناس وليس تحت التكييف. ولن يكف عادل لبيب عن البحث عنهم، وسيجدهم.