الرئيس السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة.. تعرف عليها    قرار جمهوري بالموافقة على منحة كورية بقيمة 7٫481 مليون دولار لتنفيذ مركز للتدريب وبناء القدرات    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الطلب على الخام    جامعة حلوان تختتم فعاليات هاكاثون الأمن السيبراني Helwan Cyber Arena 2025    كاديلاك تقدم السيارة أوبتيك 2026 بنظام دفع خلفي جديد ونظام دفع رباعي بقوة 440 حصانا    الاحتلال يوسع حملة المداهمات في الضفة ويحتجز موظفين ببلدية بيت أمر    ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الزمالك والإسماعيلي    إجراء تحليل مخدرات لسائق توك توك بعين شمس    النشرة المرورية اليوم الخميس بمحاور القاهرة والجيزة    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الرقابة الصحية: إطلاق الدليل القومي للتجهيزات الطبية للمستشفيات لتوحيد معايير الشراء    إطلاق فعاليات مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في مؤتمر صحفي بالقاهرة    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الخميس 18-9-2025 ب أسواق الشرقية    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين حسب أجندة العطلات الرسمية للرئاسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الخميس 18 سبتمبر 2025    بعد تصدرها التريند.. تعرف على أبرز المحطات في حياة أيناس الدغيدي    الرئيس السوري يبحث مع رئيس المخابرات التركية المستجدات الإقليمية واتفاق قسد    ترامب يعلن عزمه تصنيف حركة أنتيفا منظمة إرهابية كبرى    لميس الحديدي في برومو برنامجها الجديد: أنا لا أخاف.. والإصرار سر بقائي ب الإعلام منذ 38 عامًا    كامبرباتش يتلو قصيدة محمود درويش أمام آلاف البريطانيين.. و69 فنانًا يهتفون لفلسطين    إعلام عبرى: "حكومة الدماء" تسعى لتحويل إسرائيل إلى أوتوقراطية دينية متطرفة    موقف نسائي محرج خلال زيارة دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى بريطانيا    تصريح بدفن جثة ربة منزل بعد ذبحها على يد زوجها بالعبور    مورينيو: من المدرب الذي سيقول لا لبنفيكا    محمود وفا حكما لمباراة الأهلي وسيراميكا.. وطارق مجدي للفيديو    سعر الذهب اليوم الخميس 18-9-2025 بعد الارتفاع القياسي بالصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    غزل المحلة يحتج على حكم مباراته أمام المصري: لن نخوض مواجهة حكمها محمود بسيوني    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    التاريخ يكرر نفسه.. تورام يعيد ما فعله كريسبو منذ 23 عاما ويقود إنتر للتفوق على أياكس    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    وزير التعليم يعلن تفاصيل النظام الدراسي الجديد للصف الثالث الثانوي (العام البكالوريا) 2025 /2026    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    جمال شعبان ل إمام عاشور: الأعراض صعبة والاستجابة سريعة.. و«بطل أكل الشارع»    وزارة العمل: 50 فرصة عمل لسائقين بمرتبات 10 آلاف جنيه    محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    مسلسل حلم أشرف الموسم الثاني.. موعد عرض الحلقة الثانية والقنوات الناقلة    فائدة 100% للمرة الأولى.. أفضل شهادة إدخار بأعلى عائد تراكمي في البنوك اليوم بعد قرار المركزي    لأول مرة، الأعلى للشؤون الإسلامية ينتج فيلما وثائقيا عن الشيخ محمود خليل الحصري    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    مكافحة الإدمان: علاج 100 ألف مدمن خلال 8 أشهر    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    قبل أيام من انطلاق المدارس.. تحويلات الطلاب مهمة مستحيلة!    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    الشاعر الغنائي فلبينو عن تجربته مع أحمد سعد: "حبيت التجربة وهو بيحكيلي عليها"    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    هتتفاقم السنوات القادمة، الصحة تكشف أسباب أزمة نقص الأطباء    رئيس جامعة طنطا يشهد حفل تخريج الدفعة ال30 من كلية الهندسة    الشرع: السلام والتطبيع مع إسرائيل ليسا على الطاولة في الوقت الراهن    عاجل| "الشعاع الحديدي": إسرائيل تكشف عن جيل جديد من الدفاع الصاروخي بالليزر    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    حكم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    "بعد هدف فان دايك".. 5 صور لمشادة سيميوني ومشجع ليفربول بعد نهاية المباراة    بهاء مجدي يحدد مفتاح الزمالك للفوز على الإسماعيلي    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    الرئيس السيسي والسيدة قرينته بصحبة ملك وملكة إسبانيا في جولة تاريخية بأهرامات الجيزة.. صور    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد القمني و سالم عبد الجليل والمهمة المستحيلة
نشر في الوفد يوم 18 - 12 - 2014

حاول كل من الدكتور سيد القمني والدكتور سالم عبد الجليل الانتقال بالجدل العام خطوة للأمام باتجاه الاعتراف بحق كل مواطن في التعبير عن رأيه من دون أن يتعرض للأذى، فسقطا سقوطا مروعا ،تجسد في تبادل السباب والاتهامات المخيفة التي حلت محل تظاهر بالتسامح وسعة الأفق دخل به الجانبان إلى الحوار وسرعان ما تبين أنه قناع رقيق لايحتمل حرارة المشاعر التي تغلي بها الصدور.
أراد القمني أن يقول إن القضايا الدينية مجالها القلب وليس العقل. بمعنى أن الدين إيمان وتسليم بحقائق تعلو على العقل. وأكثر من ذلك فهو يقول إن العقل العلمي لابد أن يتراجع ،عند مناقشة القضايا الدينية ،ليترك للقلب حرية التسليم بما يخالف هذه المقولات، ولو ببحث عن مدلول لظاهر النصوص ينفذ به إلى ما يعجز العقل عن استيعابه.
لكنه بدا متخبطا عندما تعرض لأمور مثل «السماء»،التي زعم أن العلم ينكر وجودها. وأقول زعم لأن «السماء» في اللغة العربية ،كما يعلم هو وعبد الجليل ،تعني كل ما يعلو المرء ،وقد جاء في تفسير الشعراوي» وكل ما يعلوك ويظلك فهو سماء». والعلم لا يملك أن ينكر وجود ما يعلو الأرض من كواكب ونجوم وفضاء خارجي، ولا ينكر أن هذا كله بني بإحكام مذهل ،حتى مع التسليم بأنه على المستوى الكوني لا يوجد ما هو فوق وتحت ،وحتى مع التسليم بمقولات الهيولى ،فالإحكام المعجز هو الأصل.
لكن الرجلين تركا ما يمكن الاتفاق عليه وانزلقا نحو الصدام الذي نزل بهما إلى درك لا يليق بأمثالهما. فلماذا جرى ما جرى وشهدنا هذا الانزلاق إلى السباب والتكفير؟ لسببين:ذاتي وموضوعي. يعود السبب الذاتي، فيما لاحظت، إلى أن كلا الرجلين ركز على أمر غير معلن ،بل وربما كان أكثر أهمية في نظره مما يدور حوله الجدل.القمني ركز على الإيحاء لجمهوره بأن زمن التعنت السلفي انتهى وأن بوسع المتمرد عليه أن يقول ما يشاء غير آبه برد فعل المجتمع على اتساعه. وعبد الجليل أراد أن يثبت لجمهوره أن زمن محاكمات الضمير مستمر وأن لابس العمامة هو ممثل العقيدة المسلمة السنية التي يعبر الدستور المصري عن هيمنتها منذ 1923،وبالتالي فمن حقه كشف كل من يتجرأ على ثوابت هذه الأغلبية والتنديد به. أما الموضوعي فيرجع إلى أننا كمصريين، ونحن نضع ضوابط لحريات التعبير ،لم نكن معنيين أبدا بالحرية كقيمة ولا بالفرد كصاحب حق من الحقوق التي من بينها الحق في التعبير الحرعن المعتقد.لقد انصب اهتمام مشرعينا ،طوال الوقت ، على حماية السلام الاجتماعي ورسم حدود الهدنة بين الكتل التي يتألف منها المجتمع ،ولو على حساب الفرد.
وهكذا غلبت الموازنة بين حريات كتلة اجتماعية معينة في التعبير عن معتقداتها وبين ضرورات السلام الاجتماعي، على الموازنة بين حق المواطن الفرد في التعبير وبين الحفاظ على النظام الاجتماعي بتوازناته الحالية وعلى قيمه ومؤسساته. بتعبير آخر لم يهتم المشرع ،ولم يهتم الرأي العام الذي يحكم قرارات المشرع ويوجهها، بصيانة الحقوق الفردية ومنها حريات الاعتقاد وما يتبعها من حرية التعبير عن هذا الاعتقاد، حتى وهو يضع القوانين المنظمة لهذه الحقوق الفردية ،لأنه وهو يصوغها كان مشغولا بالتوازنات بين الكتلة المسلمة السنية المهيمنة وبين الأقليات الدينية الأخرى ،فإذا نظر إلى الفرد لم ينظر إليه ككائن في ذاته بل باعتباره ابن هذه الطائفة أو تلك.
وهذا يعيدني لكتاب الدكتور عبد الرحمن بدوي « من تاريخ الإلحاد في الإسلام» الذي نشره عام 1945وإلى الفكرة الأساسية في الفصل الأول من هذا الكتاب وهو بعنوان «خصائص الروح العربية».يركز بدوي على سمتين يراهما أساسيتين في الروح العربية وهما:تغليب المعقول على المتخيل، وتغليب الجمعي على الفردي. وقد وجدت في كلام بدوي ما أكد اعتراضي، من زمان ،على مزاعم زكي نجيب محمود الاستشراقية في كتابه «الشرق الفنان» الذي يتصور العقل الشرقي غارقا في سبحات الخيال والعقل الغربي واقفا على أرض الواقع الصلبة.
وربما كان المعقول، بأكثر صوره وضوحا ،وهو المحسوس ،ربما كان هو ما يبحث عنه عبد الجليل ،ممثلا للروح العربية التي صاغتها القاهرة وبغداد ودمشق في القرون الوسطى ،عندما يريد أن تكون السماء القرآنية بناء يلمسه بيديه ويدخل الإنسان من بواباته ماشيا أو راكبا أو طائرا .وربما كان المتخيل هو ما يريده القمني ،ممثلا للروح المتوسطية التي ولدت في الإسكندرية القديمة،عندما يبحث للسماء القرآنية عن معنى أوسع من أن تحتويه الحواس أو يخضعه العقل لمعاييره. وبالتالي فيمكن للرجلين ،إن شاءا ،أن يتفقا على رأيين لاينكران وجود السماء من دون التصادم حتى بما يقوله العلم من أن زرقة السماء هي نتيجة لما يسمىRayleigh scatterأو حتى للإشارة إلى أن اللون بناء أو بنية أولحقيقة أن كل المواد هي بُنى ،يستوي في ذلك الحديد أو الضوء.
ونأتي إلى السمة الثانية للروح العربية ،كما أشار إليها بدوي:تغليب الجماعي على الفردي.وهذا الميل مسئول، كما أشرنا ،عن تركيز المشرّع عندنا على مصالح الكتل التي يتألف منها المجتمع وعن تجاهل حقوق الأفراد وحرياتهم.
فهل يستطيع رجلان مثل القمني وعبد الجليل إنجاز مهمة ثقيلة كهذه ؟مهمة زاغ منها المشرعون عبر الأجيال؟ مستحيل قطعا. هذا واجب الأحزاب والأحزاب ضعيفة ،و المجتمع المدني وهو مخترق ومضلل ،والجامعات ومراكز البحث ،وهي في وضع كارثي ،والمثقفين وهم إما خائفون من السلفيين أو طامعون في ذهب المعز.
لكن..يبقى الأمل في مصر الجديدة التي نتمنى على الله أن نشهد ميلادها بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.