أكمل معكم ما بدأته الأسبوع الماضى حول رحلتى لجامعتى سوهاج قسم الإعلام، تلك التى لم أزرها منذ أكثر من ربع قرن، حين دعانى رئيس الجامعة د. نبيل نور الدين ضمن نخبة من خريجيها الذين برزوا على الساحة الإعلامية بكل وسائطها، المسموعة، المرئية والمقروءة، وبقدر ما كانت رحلتى سعيدة لأول مرة، لأنها بلا دموع أو أحزان العزاءات التى كنت أسافر لها دوما فى بلدة أبى سوهاج، بقدر ما هالنى ما تواجهه -عروس الصعيد- بصفة عامة من إهمال وتدهور فى الطرق والمواصلات والمدارس والخدمات العامة، وما تواجهه جامعة سوهاج من مشكلات بصفة خاصة. ورغم محاولتى الجاهدة أن أجعل الرحلة مجرد نزهة للتكريم، خاصة أن السفر كان يوم ذهاب ويوم عودة مما أصابنا بالإجهاد الشديد مع 14 ساعة سفر تقريبا، وأن أنحى تلك الحاسة السادسة التى «تنقح» دوماً على الصحفيين ليسعوا لاكتشاف ما وراء المشكلات، لكنى فشلت وإذا بى أستفيض فى حديثى مع زميلة دراستى الأستاذة ابتسام زين العابدين والتى صارت الآن مديرة العلاقات العامة بالجامعة، حول المشكلات التى تحاصر الجامعة، وتحول دون انطلاقة حقيقية للتطوير والوصول بها إلى الكمال كجامعة إقليمية متكاملة، تخفف نزوح طلاب محافظات الصعيد لجامعات القاهرة وتحد الضغط عن العاصمة التى يكاد قلبها يتوقف من الانسداد بالزحام. فإذا بالأستاذة ابتسام تفاجئنى بمحتوى ورقة أعدها رئيس الجامعة، بمساعدة الدكتور عادل صادق المستشار الإعلامى للجامعة، تصرخ سطورها بالشكوى، خاصة من تعطل إنهاء الطريق الذى يربط سوهاج الجديدة بسوهاج القديمة وذلك دون مبرر، وفى هذه المشكلة بالذات اسمحوا لى أن أطيل قليلاً، لنعرف مجدداً معاً مدى البيروقراطية التى يتعامل بها بعض المسئولين مع مشكلات حيوية وجوهرية تمس حياة وأمن ودراسة وعمل المواطنين، فمنذ أبريل 2012 ورئيس الجامعة يخاطب عشرات المسئولين المعنيين لإنهاء هذا الطريق، وهو نفسه يا سادة الطريق الذى أزهقت عليه أرواح 10 زهرات من زهراتنا.. بناتنا بجانب السائق فى حادث اصطدام ميكروباص مع سيارة نقل أول نوفمبر المنصرم، فخاطب رئيس الجامعة وزير التعليم الأسبق حسين خالد، وخاطب وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، ووزير التعليم العالى السابق، وإبراهيم محلب عندما كان وزيراً للإسكان والمرافق، ووكيل أول وزارة الاسكان والمجتمعات العمرانية، ونائب رئيس الهيئة لقطاع التنمية وتطوير المدن، ونائب رئيس الوزراء، ووزير الرى والموارد المائية، ومحافظ سوهاج، أقول كمان، ولا كفاية كده أنا «زهقت»، ورئيس الجامعة زهق مراسلات ومناشدات، والمحافظ يرد بدوره أنه يخاطب الجهات المسئولة، والجهات المسئولة تقول إن الطريق تبع وزارة الإسكان والتنمية العمرانية، والوزارة تقول إن الشركة المتعاقدة هى السبب، والشركة تقول: هاتوا فلوس الأول «ودوخينى ياليمونة»، والطريق والطلبة ينتظران الرحمة من الله ويقظة ضمير المسئولين، حتى ننقذ حياة أبنائنا.. طلابنا من هذا الطريق الوعر الضيق الترابى وكأنه طريق مليء بالأشواك، وقد تمتمت عليه أنا وزملائى الإعلاميين بالشهادتين، حين كان الأتوبيس يقلنا ذهاباً وإياباً للجامعة الجديدة. يضاف إلى هم عدم اكتمال الطريق، غياب النقاط الأمنية عليه لتأمين الطلاب، وعدم وجود أى نقطة للإسعاف، وعدم مرور أى دوريات مرورية بهذه الطرق للحيلولة دون السرعات الجنونية للسائقين حفاظاً على أرواح الطلاب والمواطنين، وأيضا منع المخالفات المرورية الجسيمة بهذا الطريق، كما لا يوجد أى تأمين للمدينة الجامعية الجديدة، مما يؤثر على الطلبة والطالبات ومدى شعورهم بالأمان خاصة فى الليل، كما أن محطة مياه مدينة سوهاج الجديدة يسير العمل بها على سطر وسطر، وطال أمد الانتظار من الانتهاء منها، حتى يتم توفير مياه الشرب الكافية والصالحة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين، وبالطبع لكل سكان مدينة سوهاج الجديدة، إذا توجد شكوك كبيرة فى المياه المتوافرة حاليا بهذه المناطق، نظراً لتغيرات واضحة فى الطعم واللون. كما «بح» صوت رئيس الجامعة مع كل المسئولين بسوهاجوالقاهرة، لسرعة الانتهاء من مخرات السيول فى المنطقة، لحماية الجامعة وقت السيول، وتزعم وزارة الرى والموارد المائية أن المنطقة آمنة ضد السيول، إلا أن الدراسات التى أجرتها الجامعة الجديدة تتناقض تماماً مع هذا، وتؤكد أن الخطر كبير حال حدوث سيول دون عمل هذه المخرات، وتطالب الجامعة بأن تقوم المحافظة بالتعاقد مع شركة لنقل الطلاب والمترددين على الجامعة ومدينة سوهاج الجديدة بأتوبيسات جديدة محترمة، لتيسير عمليات الانتقال، ومحاصرة استغلال سائقى التاكسى، وتقليل المخاطر التى يتعرض لها الطلاب فى الميكروباصات المتهالكة، وتوفير مواقف مخصصة لهذه الأتوبيسات، على أن يتم توزيع المواقف فى وسط المدينة بالقرب من قصر الثقافة للتيسير على الطلاب. فى الواقع، لم أجد فقط طريق الجامعة الذى يضج بالشكوى، بل معظم الطرق الداخلية فى سوهاج «مكسرة» مختنقة، متربة، تعيدك إلى العصور القديمة، عشوائية غريبة أمام محطة القطار، وقد حولوا الطريق للمحطة إلى طريق بعيد جداً، ليزيدوا من تعقيد حياة السوهاجيين والوافدين إليهم، منطقة المخبز الآلى، الساحة، مدينة الكوثر، كل الطرق بها لا تصلح أبدا ليمر منها السيارات، ولا حتى عربات الكارو التى تسير وترتع فى كل مكان بلا حساب أو عقاب. الحقيقة سفريتى لسوهاج أصابتنى بالصدمة كالتى أصبت بها مع براءة مبارك، وشعرت أن سوهاج منذ أن غادرتها لم تتحسن، بل عادت صورتها للوراء، باستثناء بعض الأماكن التى يعيش بها علية القوم مثل منطقة النادى البحرى أو منطقة الكورنيش، أما باقى السوهاجيين فلهم الله، ترى هل يشعر المحافظ، ومجلس المدينة ومن معهم فى هرم المسئولية بأن سوهاج جزء من مصر يستحق اهتمامهم؟ مجرد سؤال برىء..!