كل ما يصلنا من العراق.. مؤلم ويدمى القلب.. تفجيرات يومية.. وقتل على الهوية.. ونزاع سنى.. شيعى.. يتفوق على النزاع العربى الاسرائيلى.. باختصار..لا شىء مفرحاً يأتينا من العراق.. ومع ذلك لبيت دعوة كريمة جاءتنى من السفير العراقى ضياء الدباس.. لحضور لقاء ودى يجمع بين وزير الحج العراقى الشيخ صالح الحيدرى رئيس الوقف الشيعى.. والشيخ محمود الصميدعى رئيس الوقف السنى.. مع نخبة من كبار الكتاب والصحفيين.. على هامش حضورهم المؤتمر الإسلامى لمكافحة الارهاب الذى دعا له الأزهر الشريف بالتأكيد كنت شغوفا ان استمع لقيادى السنة والشيعة.. وبالفعل خرجت من اللقاء على حال افضل كثيرا مما دخلت عليه.. فان تسمع لاهل العراق خير وأصدق من أن تسمع عنهم من وسائل الاعلام.. فقد اتفق الرجلان على أن 70% من الارهاب والتفجيرات التى يتعرض لها العراق.. هى وارد من الخارج.. وأن النسبة الباقية تتم على أيدى عراقيين يعملون فى خدمة الخارج أيضاً.. وقالوا: أيضا أن بلادهم أصبحت الآن ساحة وملعب للصراعات الدولية والاقليمية.. بل إن الشيخ الصميدى أقسم بالله.. أنه لو امتنع أهل الخارج عن التدخل الداخلى فى بلاده.. لتم حل أزمة العراق فى أيام قليلة.. ولانتهت التفجيرات الى غير رجعة.. صحيح أن الجانبين اعترفا بأن هناك متطرفين فى الجانبين السنى والشيعى.. لكن نسبتهما لا تزيد على 5%.. ولكنها للأسف قادرة على تكدير صفو العراق.. والتنكيد على حياة العراقيين.. وتبرأ المسئول الشيعى من أفعال وإجرام المتطرفين من أبناء طائفته.. بل إن الرجل تحدث بصدق.. فنفى أى علاقة لداعش أو القاعدة بأهل السنة.. وأكد أن جرائمهم فى حق أهل السنة أكثر من جرائمهم فى حق الشيعة.. وباقى الطوائف.. بل إنه قال: إن الحرب على داعش وحدت بين السنة والشيعة فى العراق.. لأن الكل أدرك إجرامهم.. وخطورتهم على البشرية بأكملها.. كما أكد المسئول السنى براءة الشيعة من تفجيرات المساجد السنية التى يرتكبها غلاة الشيعة ومتطرفوها!! وروى الصميدعى كيف كان الأمريكان يزرعون الفتنة بين السنة والشيعة.. بعد احتلالهم العراق.. فقد كانت الامريكان يتسللون ليلاً.. لتلويث صور المرجعيات الشيعية التى يضعها الشيعة على حوائط ميادينهم وشوارعهم.. وفى نفس الوقت يذهبون الى الحوائط التى يكتب عليها السنة شعاراتهم.. فيطمسونها.. ويكتبوا بدلا منها شعارات شيعية.. كل ذلك حتى يشعر كل طرف بأن الآخر هو من فعل ذلك.. فتتأجج الفتنة.. ويتقاتل الطرفان.. فيسود.. ويتسيد الأمريكان.. حيل وألاعيب شيطانية لم يفطن لها العراقيون إلا بعد خراب مالطة!! قلت للضيفين العراقيين الكبيرين أننى أعتبر الطائفية هى «بذرة الشيطان» ليس فى العراق فقط ولكن فى كل العالم العربى.. وهذا ما أدى لهزيمة الجيش العراقى الجديد أمام عصابة داعش الاجرامية.. لأنه جيش تم تكوينه على أساس «طائفى» بحت.. رغم عشرات المليارات من الدولارات التى أنفقت على تكوينه.. رغم ان الجيش العراقى كان واحداً من اقوى جيوش المنطقة.. وقلت لهم أيضا: إننى أرى انه لاعودة لعراق قوى موحد.. إلا إذا تم تكوين جيش.. وأجهزة أمنية على أساس وطنى.. بعيد عن الطائفية البغيضة.. فأيد الضيفان كلامى بشدة.. بل وأكدا أن الحكومة العراقية الجديدة جادة فى تحقيق ذلك الهدف.. ولهذا بدأت فى تنقية الجيش العراقى.. والأجهزة الأمنية من العناصر الفاسدة والطائفية.. وقد تم الاطاحة بعشرات الأسماء والرتب الكبيرة. أتمنى أن تنعكس روح المودة والمحبة التى رأيناها بأنفسنا بين القيادتين السنية والشيعية على كل طوائف العراق.. وأن يغلب الجميع مصالح العراق على مصالح الطوائف. ألم أقل لكم اننى خرجت من مبنى السفارة العراقية.. وأنا فى حالة غير التى دخلتها.. وشعرت ببوادر أمل فى عودة العراق الموحدة القوية التى تمثل إلى جانب مصر وسوريا والسعودية حائط الصد الذى تتحطم على جدرانه أعتى المؤامرات الخارجية.