تابعت اللقاء الذي أجراه الصديق الكاتب والاعلامى محمد الغيطى مع الشيخ الدكتور مصطفى راشد خطيب مسجد سيدنى بأستراليا، وقد فجر راشد بعض المسائل، منها تحريم الخمر، وكتاب البخارى، والحجاب، وهى مشاكل سبق وأثيرت أكثر من مرة فى الإعلام المصرى، خاصة مشكلة تحريم الخمر، حيث يرى البعض أن التحريم نزل على السكر وليس الخمر، وقد أوصى الله عز وجل بتجنب الخمر لكى لا يوقع الشيطان بين المؤمنين:» يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما الشيطان يريد أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون « المائدة «90و91». وقد رأى البعض أن الفقهاء هم الذين حرموا الخمر وليس الله عز وجل، وذلك عند نظرهم حكم شرب الخمر بشكل عام، وإذا كان كثيره مسكرا وهو حرام، بالتالى يكون القليل من الخمر حراما، ليس لأنه مسكر بل لأن كثيره مسكر، وهذا ما ينتقده البعض ويؤكدون أن الفقهاء تشددوا وتعسفوا فى حكمهم لأن العبرة بالسكر وليس بالمشروب الذى يسكر، واستشهدوا فى ذلك باستخدام بعض ما يسكر فى شفاء الأمراض، حيث يستخدم الأطباء الكحول والأفيون وغيرهما من المشتقات المسكرة والمغيبة فى شفاء المرضى. القضية الثانية التى أثارها الصديق محمد الغيطى مع الشيخ راشد هى قضية صحيح البخارى، وقد شكك راشد فى نسبة كتاب البخارى إلى البخارى، وزعم أن البخارى كان كفيفا ولم تصلنا نسخة من صحيح البخاري بخط البخارى، والحقيقة أن هذا الزعم مردود عليه، لأن البخارى بالفعل مرض بعينه فى طفولته لكن الثابت أنه شفى من هذا المرض، كما ان مرضه لم يؤد إلى فقدانه لبصره. ثانيا إن عدم وصولنا لنسخة بخط البخارى لا تعنى بالضرورة التشكيك فى نسب الكتاب له، فقد وصلنا العديد من نسخ الكتب بخط ناسخها وفقدت النسخ التى كتبها مؤلفوها، والأمثلة كثيرة، لو عاد راشد إلى المخطوطات الأدبية أو التاريخية أو كتب السيرة سيكتشف هذا. كما أننا لو سلمنا جدلا بأن البخاري فقد بصره على حد زعم الشيخ راشد، وبالتالى لن يتمكن من تحرير كتابه بخط يده، وهو ما يدعم رأيه بأن كتاب الصحيح نسب زورا للبخارى، فهذا الزعم أيضا مردود عليه، فالثابت تاريخيا وصولنا بعض مؤلفات لكتاب من المكفوفين، وقد أملوها على مساعديهم وقام النساخ بنسخ عدة نسخ منها، ووصلتنا بخط مساعديهم أو بخط النساخ، من هؤلاء رهين المحبسين أبوالعلاء المعرى، وفى العصر الحديث الدكتور طه حسين. الملاحظة الأخيرة على الحوار عنف الشخصيات التي مثلت الأزهر، سواء المشيخة أو الجامعة، حيث هاجموا وتهكموا وسخروا وسبوا الشيخ راشد واتهموه بالجهل بدلا من أن يردوا بالحجة على ما أثاره، وهو ما يعنى افتقار هذه الشخصيات إلى الأدوات التى تمكنها من التحاور، ويعنى كذلك أنهم مجرد سدنة لتابوهات قدسوها، وهذا يفسر المأزق الحقيقى الذى تقع فيه البلاد بسبب عنف الخطاب الدينى وتشدده. السؤال الأخير الذى يجب ان نطرحه ونحاول الإجابة عنه فى مقالات قادمة: هل يجب أن ننقى كتاب البخارى من بعض الأحاديث التى زعم البعض أنها موضوعة؟، وما هى قيمة كتاب البخارى؟.