اختار الإرهابيون التابعون لجماعة الإخوان المحظورة يوم الجمعة 28 نوفمبر للقيام بثورة إسلامية ضد النظام الحاكم في البلاد.. لم يكن اختيار هذا اليوم عشوائياً لأنه بمناسبة عيد ميلاد المرشد «بديع» أو نائبه «الشاطر» أو ممثله السابق في رئاسة الجمهورية «محمد مرسي».. ولكنهم اختاروا اليوم الذي يسبق النطق بالحكم في قضية القرن المتهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجلاه جمال وعلاء وحسين سالم وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من معاونيه.. الاختيار لهذا الموعد جاء بهدف إثارة الفتنة وإشاعة الفوضي في البلاد في حالة صدور الحكم بالبراءة لحسني مبارك والعادلي وأعوانه.. من خلال إشاعة جو الفوضي تحت مسمي ضياع حق الشهداء وإهدار دمائهم.. وكأن المطلوب في هذا الوطن أن يعمل القضاء علي «الدواق» وعلي حسب المزاج لمن يسمي بالثوار وغيرهم.. المصيبة في هذا التوقيت أن إعلام الفتنة والإثارة ما صدق أن الإرهابيين تحت مسمي الجبهة السلفية التي أعلنت أنها ستخرج بالمصاحف كما فعل الخوارج.. حتي قام بسكب النار علي البنزين وهاتك يا ترهيب للمواطنين وكأن مصر التي عاشت آلاف السنين ستنتهي وستندثر إلي الأبد في هذا اليوم. معظم القنوات الفضائية الخاصة نصبت السيرك وهاتك يا ندب وصراخ وعويل و«ولولة» لإشاعة جو من الخوف والرهبة في نفوس المواطنين، حتي إن أحدهم وهو «عكشة» ناشد المواطنين عدم الخروج من منازلهم في هذا اليوم.. وآخرون ذهبوا لتحذير المواطنين من ركوب المترو والسير في الشارع لأن الإرهابيين الذين يرفعون المصاحف قد تحولوا إلي «أمنا الغولة» التي لا تعتق أحداً وتأكل الكبير قبل الصغير.. أكثر من أسبوعين علي هذا الحال من التخويف والوعيد واللطم علي الخدود من قدوم يوم الجمعة 28 نوفمبر.. حتي اعتقدنا أن هذا اليوم هو يوم «قيامة مصر».. هذا اليوم سيأكل فيه الإرهابيون الأخضر واليابس ولن تقوم لها قائمة بعد هذا اليوم.. إعلام الفتنة قام بالواجب وزيادة في لطم الخدود وشق الجيوب ومهد الشعب لكارثة في هذا اليوم في جو من الخوف والرهبة علي الوطن الذي ينتظره جحيم الإرهاب. وجاء اليوم المنتظر وحاول بعض من المتأسلمين الخروج من جحورهم.. ولكن قوات الجيش والشرطة التي استنفرت وانتشرت في كل ربوع الوطن في سابقة لم تحدث من قبل بسبب حالة التهويل التي أحدثها إعلام الفتنة تحسباً لوقوع أحداث أو تعرض المواطنين للمخاطر.. ولكن الله سلم وخرج اليوم كأي يوم من الجمع السابقة.. مرور الكرام ولم يعكر صفوه إلا بعض المظاهرات المحدودة عقب صلاة الجمعة في المطرية والهرم والإسكندرية والفيوم.. وكانت حصيلة هذا اليوم 3 قتلي و16 مصاباً.. بعد أن صور لنا الإعلام الغبي أن حملة المصاحف والإرهابيين سيحولون البلاد إلي بحور من الدم.. يقظة الشعب ووعيه حالت دون وقوع اشتباكات من الإرهابيين.. كل ما تجرأ عليه هؤلاء الخونة هو قنص أحد الضباط في شارع جسر السويس وأصابوا 7 في الشرقية من الجنود والمواطنين.. وأصابوا ضابطاً و3 جنود في العريش.. ضحايا هذا اليوم كان معظمهم من الجيش والشرطة الذين أدوا واجبهم ببسالة واقتدار. ومرت الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر بعد أن تبخر معظم المصريين من الشوارع وتحولت القاهرة إلي قاهرة الثلاثينيات والأربعينيات شوارع فاضية ومحلات ومقاهي ومتاجر بلا رواد.. بسبب المبالغة الإعلامية التي قامت بها الفضائيات.. فهل المطلوب أن نجلس في بيوتنا ونختبئ من أقدارنا نخاف ونرهب ونجبن بسبب حالة الهستيريا التي قادتنا إليها الفضائيات.. هل يعلم هؤلاء مدي الحالة من الفزع في قلوب الأطفال الصغار الذين يشاهدون هؤلاء الموتورين الذين لا هدف لهم غير إثارة الرعب في القلوب من أجل الحصول علي نسب مشاهدة عالية ونسب أكبر من حصيلة الإعلانات.. كان من جراء هذه الحالة أن قوات الجيش والشرطة رفعت حالة الاستعداد القصوي من أجل تهدئة روع المواطنين.. لماذا لا نعطي كل حدث حجمه الطبيعي دون تهويل أو مبالغة؟ إذا كان الإرهابيون قد اختاروا الجمعة 28 نوفمبر للحشد وإثارة الفوضي والعنف.. فهذا التوقيت اختاروه بعناية لأنهم توقعوا فشل استنفارهم وخروج الشعب لتأييدهم في هذا اليوم.. وكأنهم كانوا يرمون إلي إرهاق قوات الجيش والشرطة واصطيادهم في اليوم التالي يوم صدور الحكم علي «مبارك» في قضية القرن.. ولكنهم فشلوا وحبطت أعمالهم بسبب يقظة القوات التي سارعت في اليوم التالي إلي إغلاق ميدان التحرير وتأمينه وكذلك ميداني رابعة والنهضة، والتعامل بحذر مع المتظاهرين الذين خرجوا للتنديد بأحكام البراءة التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة. الإخوان حاولوا اجتذاب عناصر من القوي الوطنية و6 أبريل والثورة مستمرة.. وفشلوا، واستجاب لهم أعداد محدودة لا تتجاوز المئات علي مستوي الجمهورية كلها.. ولكن الأمن كان من الحكمة بحيث لم يستجب لعمليات جر الشكل ولم يسمح لأحد بدخول ميدان التحرير بحثاً عن حق الشهيد كما ادعي بعض من خرج فهل حق الشهيد لا يأتي إلا بالتظاهر وتخريب البلاد؟ أعتقد أن الإخوان قد انتهوا تنظيمياً بعد هذين اليومين إلي الأبد، فقد فقدوا قدرتهم علي الحشد.. فضحهم الشعب وعلم أن ليس فيهم خير للبلاد فلفظهم.. ولم يعد لديهم غير بعض العمليات الإرهابية القذرة ضد قوات الجيش والشرطة ومرافق الدولة وضد الشعب نفسه.. الإخوان فشلوا وسيفشلون في أي حشد قادم ولكن إعلام الفتنة عليه أن يتقي الله في الوطن الذي أنهكت قدراته خلال الثلاثة أعوام السابقة.. نعتصم جميعاً بحب الوطن وحمايته ونرضي بقضاء الله وقدره.. ونبحث عن حقوق الشهداء بالقانون، فمصر هي الأبقي.