خلال أيام.. امتحانات الترم الثاني 2025 في القليوبية لجميع الصفوف من الابتدائي للثانوي    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز «عريض ورفيع الحبة» اليوم السبت 17 مايو في أسواق الشرقية    أسعار الذهب تواصل الارتفاع الآن.. سعر الجرام والسبائك اليوم السبت 17-5-2025    آخر هبوط في 7 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه اليوم السبت 17-5-2025    ترامب: قد أفرض عقوبات «مدمرة» ضد روسيا إذا فشل السلام مع أوكرانيا    الرئيس السيسي يتوجه إلى بغداد اليوم لحضور القمة العربية    موعد مباراة مانشستر سيتي ضد كريستال بالاس في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي والقنوات الناقلة    اللقب مصرى.. مصطفى عسل يتأهل لمواجهة على فرج فى نهائي بطولة العالم للاسكواش    موعد مباراة الأهلي ضد الخلود في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة وتحسن حالة الطقس: انخفاض 8 درجات مئوية    هند صبري تكشف موقفها من تقديم جزء ثالث من «البحث عن علا»    في عيد ميلاده ال85.. خالد سرحان يوجه رسالة تهنئة للزعيم عادل إمام    قومية الشرقية تقدم "محاكمة تاجر البندقية" ضمن شرائح المسرح بالزقازيق    غيبوبة سكر.. نقل الجد المتهم في الاعتداء على حفيده للمستشفى بشبرا الخيمة    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالمقطم    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    الاتحاد الأوروبي والصين يعلّقان استيراد الدجاج البرازيلي بعد اكتشاف تفش لإنفلونزا الطيور    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    إبداعات المنوفية| دمية.. قصة ل إبراهيم معوض    إبداعات المنوفية| بين الشك واليقين.. شعر ل وفاء جلال    بعد رباعية الجونة.. إقالة بابا فاسيليو من تدريب غزل المحلة    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    «الموجة 26 إزالة».. لن تقبل الدولة استمرار دوامة مخالفات البناء    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    ضربة لرواية ترامب، "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    حكام مباراة بيراميدز وبتروجيت في الدوري المصري    رئيس الوزراء العراقى لنظيره اللبنانى : نرفض ما يتعرض له لبنان والأراضى الفلسطينية    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    غرق طالب بترعة الكسرة في المنشاة بسوهاج    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    "بيطري قناة السويس" تُطلق فعاليات بيئية وعلمية ومهنية شاملة الأسبوع المقبل    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 مشاهد من مظاهرات «28 نوفمبر»

كاميرات الصحفيين المنصوبة وسط الميادين والشوارع بالقاهرة لم ترصد سوى خيالات المباني، ما يمكن أن نطلق عليه مجازًا "صحراء في قلب العاصمة"، عشية إعلان "الجبهة السلفية" ما أطلقت عليها "ثورة الشباب المسلم"، للدفاع عن "الهوية الإسلامية وفرض الشريعة، بحمل المصاحف والرايات البيضاء"، بحسب قولهم.
انتظار الصحفيين ورجال الأمن في آن معًا، لأي صيحة لمتظاهر عقب انتهاء خطباء المساجد من صلاة الجمعة، لم يدم طويلاً حتى عاد كل فريق إلى مكانه الذي يمكث فيه منذ ساعات الصباح الأولى.
قوات الأمن المنتشرة بأرجاء الميادين والشوارع، بعضها يشبه الأشباح، إن جاز التعبير، التزمت أماكنها واستكملت لحظة الترقب لاحتمال وفاء المتظاهرين بوعودهم، حركة السيارات كانت عادية على الطرق والمحاور، وكان الأمر مثاليًا لمن اختار اليوم للسفر أو الخروج من منازله لقضاء مصالحه، أو للتزاور في يوم العطلة الأسبوعية.
الصحفيون الذين ملأ قلوبهم خوف المواجهة وشحذت همتهم، استعدادا ليوم حافل بالتغطيات والتصوير، لم تبرح كاميراتهم الحقائب، وخلت الميادين من المتظاهرين، اللهم إلا في بعض المناطق التي تمثل نقاط انطلاق للمظاهرات الأسبوعية، كما هو الحال بالنسبة للمطرية وبعض المناطق الأخرى على أطراف القاهرة وفي بعض المحافظات.
ليلة المعركة.. تخويف ورعب وكمائن إضافية على الطرق
لم تبدأ الأحداث منذ صلاة الفجر مثلما أعلن القائمون على الاحتجاجات، فالدولة أبت إلا أن تكون نقطة البداية من عندها، وهنا حشدت قواتها الأمنية والدفاعية والإعلامية من يوم الخميس ترقبًا لأي أعمال تخل بالأمن العام وفقا للمصطلحات الأمنية.
وبدءًا من وزارة الداخلية، الجهة المعنية بالأمن في البلاد، والتي لايزال شبح ثورة يناير يطاردها.. قوات الأمن انتشرت على الكباري وفي الطرقات الرئيسية سواء الرابطة بين المحافظات وبعضها البعض، أو داخل المحافظات نفسها، إذ أعلنت الوزارة عن كمائن إضافية، بخلاف الكمائن الثابتة والمعروف أماكنها، علاوة على إصدار الأوامر بالمبيت داخل تلك الكمائن وتفتيش كافة السيارات الموجودة فى الشارع لضبط أى سيارة يشك فى مستقليها.
وتوعدت الوزارة في أكثر من بيان لها بأنها ستقوم باستخدام الرصاص الحي في وجه كل من يتظاهر، وتعتبره مثيرًا للشغب، وهو ما نجحت فيه، حيث قامت ببث روح من الخوف إلى المواطنين بأن نزولهم حتى لو لم يكونوا ضمن المتظاهرين ربما يكون سببًا في استهدافهم.
في نفس التوقيت كانت الطائرات الحربية تسيطر على سماء العاصمة، فى محاولة لتوصيل رسالة بأن العاصمة تحت السيطرة برًا وجوًا.
إلى جانب وزارة الداخلية، كانت المؤسسات الدينية أحد الأجنحة المعنية بالرد على المتظاهرين، إذ لم تتوان وزارة الأوقاف لحظة عن إصدار الفتاوى بأن الخارج فى تلك التظاهرات خارج عن الدين، ولن يعمل لصالح الدولة، وأصدرت قرارات للأئمة بالمبيت داخل المساجد من مساء الخميس وحتى صلاة الجمعة في اليوم التالي.
بينما انتشر وعاظ الأزهر على مدار اليوم بعد الصلوات في كافة أنحاء الجمهورية؛ لتوعية المواطنين ومواجهة "الأفكار المتطرفة" بما تهدف إليه "الدعوات الهدامة".
فيما حث الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، المصريين على عدم النزول، مشيرًا إلى أن الشعب لن يكترث لدعوات التظاهر برفع المصاحف، ولن يتأثر بها أبدًا بعدما رأى أن بلاده تسير قُدمًا فى طريق النمو والاستقرار، على حد قوله.
وقال في كلمة مصورة أطل بها على المصريين: "تلك الفتن لا يكف أعداء الوطن والدين عن بثها، بل وإثارة كل ما من شأنه زعزعة استقرار الوطن وهز تماسكه من وقت لآخر".
الإعلام الرسمي وحتى الخاص كان له الدور الأكبر في بث الخوف ونشر الفزع بين المصريين، فهذه قناة رسمية تعد كل برامجها بضيوفها بحديث عن يوم ربما لم تشهد مصر مثله، على حد قولهم، مصحوبة بفواصل إعلانية يتكرر فيها إعلان" كفاية إرهاب"، وثالثًا خط أحمر محفور فيه عبارة" مصر ضد الإرهاب".
ولم يخل الأمر من تحريض الشرطة على استخدام العنف والرصاص ضد أى مواطن بحجة أنه إخوانى إرهابي. فيما اجتهدت كل قناة فى تنفيذ رؤيتها واجتهاداتها حول اليوم، حيث قام البعض بإعداد تقارير عن رفع المصاحف فى حد ذاته وتشبيهه بواقعة الخوارج، فيما قامت قنوات أخرى بالربط بين تظاهرات الجمعة ذات الصبغة الدينية والثورة الإيرانية فى 1979.
بينما اقتصرت الجهود الحزبية على حزب "النور" السلفي، الذي يعتبر نفسه أكثر المتضررين من تلك الانتفاضة، بعدما قال إنها سترسخ لدى المواطن أن كل السلفيين ضد الدولة، من خلال انتشار قياداته في محافظات الجمهورية لعقد مؤتمرات شعبية، يطالبون فيها بعدم النزول، علاوة على الظهور الإعلامى عشية المظاهرات لقيادات الحزب فى الفضائيات محاولين أن يفرقوا بين ثلاثة مصطلحات هى " التيار السلفي"، و"الدعوة السلفية"، و"الجبهة السلفية".
فجر الانتفاضة لم يشرق أم تغيرت الخطة؟
فجرًا لم يشرق أم أشرق ولم نره، هو إذًا فجر التظاهرات التي خرجت الجمعة 28نوفمبر استجابة لدعوات ما عرف إعلاميًا ب" انتفاضة الشباب المسلم". حالة من التساؤلات تطرح عن كيف مر الفجر الذي توعد فيه القائمون على التظاهرات بالاحتشاد داخل المساجد وبدء فعالياتهم من عنده.
ومع مرور فجر اليوم بلا أى تظاهرات أو وجود يذكر للمتظاهرين، يدور السؤال حول ما إذا فشل القائمون على التظاهرات فى الحشد فى بداية فعالياتهم اليوم أم أن ثمة تغيرات طرأت على خطة التحركات.
وثار هذا التساؤل خصوصًا مع صدور بيان عن جماعة "الإخوان المسلمين" ليل الخميس تزامنًا مع إطلاق تصريحات منسوبة إلى مصادر بالجماعة بأنه سيتم تنظيم "مسيرات عادية" كما جرت العادة كل أسبوع، ودعت إلى "تجنب التواجد في أماكن تمركز الجيش والشرطة"، ورفع أعلام مصر والشعارات الثورية المعتادة"، "الانتشار في كل ربوع مصر وشوارعها وميادينها".
الدكتورة جيهان رجب، عضو الهيئة العليا لحزب "الوسط"، قالت إن "يوم انتفاضة 28نوفمبر مر كأي يوم عادي، حيث نجح فيه المتظاهرون في إيهام الأمن بضرورة التواجد وسحبهم إلى الشوارع ونجح الأمن في إيهام الجميع أن اليوم سيشهد تطورًا رهيبًا من المتظاهرين ونجح الإعلام في شحن الجميع والخاسر الوحيد هو الوطن".
وأضافت، أن "هذه الانتفاضة لن تغير من الأمر شيئًا وأن المتظاهرين لم يتأثروا بالشحن لهذا اليوم"، وتابعت: "كنا نعلم على مستوى الأحزاب أن اليوم لن يغير كثيرًا في مسيرة المقاومة".
وبسؤالها عن توقعاتها لإمكانية تأثير دعوة الانتفاضة سلبيًا على مصداقية الإسلاميين وفشلهم للحشد في 25 يناير، قالت رجب "دعنا لا نسبق الأحداث ونحن لا نعول إلا على الإرادة الشعبية. وناشدت جميع الأطراف المتنازعة الجلوس على مائدة مفاوضات واحدة دون شروط ومن جميع الأطياف وعلى جميع المستويات.
الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن "وسائل الإعلام بالغت فى تناولها لأحداث الثورة الإسلامية بطريقة تظهر استمرار الصراع القائم بين الطرفين المتنازعين وصعوبة الخروج من الأزمة الحالية كما يوضح ذلك استمرار حرب الاستنزاف وقتًا طويلًا.
وأضاف أن أصحاب هذه الدعوى أصبحوا أضحوكة بحسب وصفه لآن ما خرج فى الانتفاضة هم أعضاء التنظيم فقط مما يوضح تقلص المتعاطفين مع الجماعة ويدل على أقصى غباء سياسي، مشيرًا إلى أن الجماعة تلقت صفعة من أحزاب تابعة للتحالف نفسه بعد رفض مشاركتهم فى الانتفاضة، مشيرًا أن هذه الانتفاضة أحدثت انقسامًا داخل تيار الإسلام السياسي.
القاهرة تعود إلى أحضان «القرن الماضى»
"لا صخب فيها ولا نصب".. إذا رمت بك الأقدار أن تسير في شوارع قاهرة المعز في صباح هذا اليوم، حتمًا ستشعر بأنها ملكك وحدك لا ينازعك فيها أحد، تمشي في شوارعها الفسيحة وأزقتها الضيقة لا تجد سوي القليل من الناس اللذين خرجوا ربما للبحث عن مأكل لهم في يومٍ طبعت الأقدار عليه نوعًا من الهدوء الحذّر الممزوج بشيء من الخوف والترقب.
ذهب البعض إلى أعمالهم التي تقتضي تواجدهم في هذا اليوم، لتلفح وجهوهم في الصباح نسائم الشتاء، التي لا تكاد تشعر بها إلا وتمنيت ألا تغادرك هذه النفحات ولاسيما في جوٍ يخلو تقريبًا من صخب الحياة وضجيجها.
وأعادت هذه الأجواء، القاهرة إلى أحضان القرن الماضي، حيث الكثافة السكانية المنخفضة، وخلو الطرق ووسائل المواصلات من المواطنين والركاب إلا القليل منهم، الذين اضطروا إلى الخروج لقضاء حاجتهم.
لعّل أكثر ما ميز "انتفاضة الشباب المسلم"، هو أنها جاءت عكس ما توقع الإسلاميون وخصومهم، فدعاة التظاهر ظنوا أن اليوم سيكون بداية انهيار لنظام جاء علي أنقاضهم وورث عرشهم قبل أوانه، فيما حشد النظام قواه بشكل أعطى انطباعًا بالمخاوف التي اعترته جراء دعوات التظاهر.
لكن ذلك لا ينفي وجود مشاهد التي سيطرة على "انتفاضة الجمعة" بدأت برفع المصاحف في كافة المظاهرات التي خرجت جنبًا إلى جنب مع أعلام ""داعش السوداء ضمن المظاهرات الصباحية، ومشاهد أخرى لحشود أمنية ومتاريس وقنابل يتم تفكيكها بمناطق عدة بمختلف محافظات الجمهورية، واعتقالات لعشرات المتظاهرين، وتحريض على قتل المتظاهرين من جانب إعلام النظام.
محافظات مصر وخاصة القاهرة والإسكندرية شهدت انطلاق ما يزيد على 200فعالية في الانتفاضة التي دعت إليها "الجبهة السلفية"، وأعلنت مصادر أمنية اعتقال ما يقرب من 187 متظاهرًا بعضهم عثر بحيازته على ألعاب نارية وقنابل بدائية الصنع.
ومّر اليوم بسلام فيما عدا بعض المناوشات بين الطرفين، أزهقت خلالها أرواح عدد من المواطنين ورجال الشرطة، وكانت منطقة المطرية كانت هي النقطة الأكثر سخونة، التي شهدت مقتل أحد المتظاهرين ووقوع عدة إصابات، بينما قتل عميد بالقوات المسلحة، فيما أصيب جنديان من القوة المرافقة له في هجوم أمني شنه مسلحون على نقطة تجمعهم بمنطقة جسر السويس.
وألقت أجهزة الأمن القبض على ما يقرب من 187 متظاهرًا بعضهم عثر بحيازته على ألعاب نارية وقنابل بدائية الصنع، فيما قتل أحد المتظاهرين وأصيب العشرات من المتظاهرين أثناء اشتباكات مع المتظاهرين بالمطرية.
محللون: لهذه الأسباب تم حرق كارت الانتفاضة
"الخاسر الأكبر هو الوطن, ليست فئة دون أخرى, فكل قطرة دماء تسيل من شباب مصر سواء من هذا الطرف أو الطرف الآخر, مسئولية من دعا ومن قتل"، هكذا رأى الدكتور كمال حبيب، الباحث في شئون الحركات الإسلامية.
وفي حين اعتبر أن "انتفاضة الشباب المسلم" كانت تمثل اختبارًا حقيقيًا لقوة "الإخوان" و"الجبهة السلفية" على الحشد، لم ير حبيب ما يشير إلى الحشود التي تجعل اليوم خارج سياق التظاهرات العادية.
وأرجع حبيب دعوة الجبهة السلفية لمظاهرات وفاعليات اليوم بأنها تريد أن تكسب المزيد من النقاط لصالحها, إذا نجحت في الحشد، وأنها أرادت الاستفادة من قوة جماعة الإخوان لتصدر هذه القوة لها فى إظهار تجاوب المتظاهرين معها فى هذا الإطار.
إلا أنه أكد أنه فى الوقت نفسه أرادت جماعه الإخوان أن تستغل الموقف أيضًا لصالحها باعتبار أن الإخوان على مدار تاريخهم يقومون بنمط القيادة من الخلف فاستغلوا من المشهد الأمامي, دعوة الجبهة السلفية لأنها كانت الطوق الكاشفة لهم, لكنها تنتقدها على الوجه الآخر, عبر بياناتها المنشورة قبيل الانتفاضة.
ورأى حبيب أن "الإعلام هو من صنع حدث اليوم, من خلال التأثير بأنه يوم غير عادى, لكن تم إثبات إنه يوم عادى كغيره من الدعوات واثبت قدرة الجبهة والإخوان التى تكاد تكون في الثبات أو التراجع", على حد قوله
وأضاف: "ليس هناك قدرة على استمرار الموجة تلك, واصفًا الأمر بأنه حرق أحد كروت التيار الإسلامى فى المواجهة الأخيرة فكان اختبار أمام قوة التوقعات العالية التى خرجت بموقف ثابت عن سابقه".
وقال مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنه على الرغم من مرور هذا اليوم مرور الكرام إلا أن المشهد السياسى المصرى سيزداد تعقيدًا أكثر وسيدفع الجميع الثمن، إذ أن "النظام الحالى سيخسر الكثير ولن تكون هناك حالة استقرار حقيقية، وعلى الجانب الآخر ستخسر القوى المعارضة أيضًا من خلال مطاردتها والزج بالكثير منها فى المعتقلات واتهامها بالإرهاب مما يزيد كره الشارع لها".
وأضاف غباشي: "هناك حالة من جس النبض بين جماعة الإخوان والنظام الحالى من خلال قياس قدرة كل منهما على مواصلة المسيرة فى مواجهة الآخر"، إلا "أن الوضع لايقاس حاليًا بمدى قلة عدد المتظاهرين من عدمه بل أصبح الجميع يراقب المشهد سواء فى الداخل أو الخارج من دعوات للتظاهر ونظام يجيش أجهزته لمواجهتها، لذلك من الواجب على الجميع التوصل الى حل ينهى هذه الأزمة لأن الجميع يدفع الثمن بداية من النظام والإخوان وبقية الشعب المصرى".
على جانب آخر، اعتبر اللواء قدرى السعيد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أن رفع حالة الطوارئ للحالة القصوى, من جانب قوات الشرطة والجيش فى مختلف الشوارع والمحافظات كانت أحد أسباب تراجع قوة حشد التظاهرات فى دعوات الانتفاضة التى دعوا إليها .
وأضاف أن "المتوقع كان أكبر من ذلك بكثير لكن أن تخرج الأعداد وحجم العنف بهذا الشكل دليل قاطع على حرق كارت الجماعة وأنصارها فى الحشد", وأشار إلى "أنه عادة أن يتم الإعلان عن مخطط أو تكتيك معين ثم يتم التراجع عنه بتكتيك آخر وهو ما قد تكون فعلته الجماعة أمام تظاهرات الجمعة".
«رفع المصحف» من على عادة الإسلاميين فى مواجهة خصومهم عبر التاريخ
"إن هذا القرآن لحمال أوجه"، كانت هذه الجملة أبلغ رد لعلي بن أبى طالب، رابع الخلفاء الراشدين، على دعوات رفع المصاحف في موقعة "صفين"، التي قاتل فيها جيش معاوية بن أبى سفيان، بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان.
في تلك الموقعة الشهيرة، رفع جنود "معاوية" المصحف الشريف فى وجه جنود علي، بعدما كادت المعركة تُحسم لصالح وجيشه، فجاء المصحف الشريف ليُنقذ ما تبقى من جيش معاوية، بعدما استمال "القرآن" قلوب جنود على فتوقفوا عن قتال إخوانهم فى جيش معاوية.
وخلال سنوات ما بعد انتهاء الخلافة الإسلامية، تم رفع المصحف الشريف فى الثورات والتظاهرات التى حدثت على مدار السنين، فاستغل "المصحف الشريف" للتأكيد على الهوية الإسلامية الممزوجة بالتاريخ القبطى لمصر فى ثورة 1919، ورفعه الإخوان أيضاً فى تظاهراتهم التى أعقبت الانقلاب على الرئيس محمد نجيب.
وعادة ما يُرفع "المصحف الشريف" فى تلك المواقف التى يشعر الجانب الرافع له بظلم واقع عليه، فى حين أن هذا الطرف الضعيف لا يستطيع مواجهة نظيره القوى إلا بسلاح يؤمن بأنه يمتلك "القوى الإلهية" لتحقيق انتصار حتمى.
وأثناء التظاهرات التى قامت بها جماعة الإخوان المسلمين، ضد حزب الوفد، تم رفع المصاحف أيضًا، ولم يكن ذلك شفيعًا لهم لدى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إذ أصدر قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين فى عام 1954، فأعقب ذلك تظاهرات لأنصار الجماعة، حاملين فيها المصحف الشريف ومتخذين شعاراً آخر فى مضمونه يستنجد بالمصحف لمواجهة أعدائهم وهو "القرآن دستورنا".
وخلال السنوات القليلة الماضية والتى أعقبت الإطاحة بالرئيس المخلوع مبارك، رُفع "المصحف الشريف" مراتٍ عديدة على أيدى الإسلاميين، وفى كل مرة كانت رغبتهم فى تحكيم الشريعة الإسلامية والحكم بما أنزل الله، دافعًا كبيراً لحملهم "سلاح القرآن فى وجه أعدائهم"، حيث حمل الإسلاميون المصحف فى جمعة 29 يوليو 2011، والتى أطلق عليها مناوئوهم "جمعة قندهار" فى سخرية شديدة من الإسلاميين الذين ملئوا الميادين حاملين شعارات تؤكد "إسلامية مصر" ورغبتهم فى تحكيم الشريعة الإسلامية.
وفى أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وعندما اشتد الصراع بين الإسلاميين، الذين يحكمون مصر آنذاك، وبين خصومهم من العلمانيين، حول هوية مصر.. هل هى إسلامية أم علمانية؟ لجأ الإسلاميون إلى تنظيم تظاهرة ضخمة، رفعوا فيها المصحف للتأكيد أن مصر دولة إسلامية يحكمها الشرع والقرآن.
ثم لجأ الإسلاميون إلى الدعوة ل"ثورة إسلامية"، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وتعهدوا برفع المصاحف فى وجه النظام العسكرى الحاكم فى مصر، مؤكدين فى الوقت نفسه، أنهم يستمدون قوتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم من المصاحف، لأنها الدستور الذى يجب أن يحكم مصر، على حد وصفهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.