الهجوم الضاري والغريب الذي يمارس حالياً علي إنشاء اتحاد لصناعة الصحف بزعم أن هذا الاتحاد المزمع إنشاؤه يحول نقابة الصحفيين إلي كتلتين، لا أجد له مبرراً والذين يرفضون ذلك حججهم واهية وغير منطقية، وهم الذين يسعون فعلاً إلي شق وحدة الصف الصحفي بهذه التصرفات غير المبررة، والبيان الذي أصدرته نقابة الصحفيين في هذا الشأن في غير محله وغلبت عليه روح العصبية والتشنج، رغم ان هذا الاتحاد المزمع إنشاؤه لا يضر بالصحفيين من قريب أو بعيد، وهو أمر لا يمس النقابة علي الإطلاق. ويجب علي القائمين علي أمر النقابة من نقيب ومجلس، أن يعرفوا أن الصحافة باتت صناعة، وهي تعاني الأمرين يومياً بسبب سياسة احتكارية تقوم بها الصحف القومية التي تتحكم في الطباعة والورق والأحبار والتوزيع، فلماذا نقابة الصحفيين التي تمثل جموع الصحفيين من الصحف القومية والخاصة والحزبية، تكرس تحكم الصحف القومية في باقي الصحف المصرية، لدرجة انها في أحيان كثيرة تهدد بوقف طباعة الصحف الخاصة والحزبية لمجرد وجود تأخير في استحقاق مادي، ورغم ذلك لا تجد مثلاً النقيب ومجلس النقابة ينتفض من أجل هذه الصحف التي تضم خيرة الصحفيين في مصر، ولماذا الآن تهاجم النقابة فكرة هذا الاتحاد لصالح مؤسسات احتكارية تمارس أبشع أنواع الاحتكار ضد الصحف الخاصة والحزبية؟! لا توجد صحيفة خاصة أو حزبية تنجو من بطش المطابع التي تملكها الصحف القومية، وأحياناً تمكث الصحيفة الخاصة والحزبية لأكثر من سبع ساعات حتي يتم طبعها، ويتم تفويت التوزيع الليلي لها أو الكميات التي تسافر إلي المحافظات المختلفة وكل يوم تصدر تعليمات من مطابع الصحف القومية إلي الصحف الخاصة والحزبية، بضرورة تسليم الأفلام قبل الرابعة والخامسة بعد الظهر، وفي الغالب ما يتم تأجيل طبع هذه الصحف من أجل عيون الصحيفة القومية.. أليست هذه سياسة احتكارية وفيها إذلال للصحف الخاصة والحزبية والتي تقوم بسداد ما عليها، ورغم ان الظروف الاقتصادية منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن والحالة المضطربة لسوق الإعلانات، تلتزم الصحف الخاصة والحزبية بسداد ما عليها من أموال وقد يكون هناك تأخير ورغم ذلك هناك التزام بالسداد.. السؤال أين نقابة الصحفيين من هذا كله، ألا تعرف النقابة التي أتشرف بالانتساب إليها أن الصحف الحزبية والخاصة بها صحفيون وأعصابهم تتوتر يومياً خوفاً علي عملهم بهذه الصحف التي تتعرض لحرب شرسة.. فلماذا- كما قلت- تثور نقابة الصحفيين أقصد النقيب والمجلس، لمجرد أن بدأت الصحف الخاصة والحزبية تفكر في النجاة من مقصلة الصحف القومية التي تمارس عليها احتكاراً شديداً. اتحاد صناعة الصحف ليس نقابة موازية لنقابة الصحفيين، وإنما هو من أجل بحث مشاكل الصحف فيما يتعلق بالطباعة والأحبار والتوزيع والورق، يعني اتحاد يهتم بالدرجة الأولي بفن صناعة الصحف، إلا إذا كانت النقابة لا تري وجود هذا الكم الهائل من الصحف الخاصة والحزبية، وتعمل فقط من أجل الصحف القومية التي أهدرت المليارات من الجنيهات من دم هذا الشعب.. وأستغرب أكثر أن تتدخل نقابة الصحفيين في شيء لا يمسها علي الإطلاق، أو أنها تريد استمرار هذا الوضع المزري الذي تمارسه مطابع الصحف القومية علي الصحف الخاصة والحزبية. الطبيعي والمفروض أن تقف النقابة علي مسافة واحدة من كل الصحفيين في كل الصحف والمطبوعات، لا أن تدافع عن صحف الدولة وتترك الصحف الأخري وهي الأكثر عدداً وتأثيراً في المجتمع.. لماذا تميل النقابة بل وتدافع عن سياسة احتكارية، وهي ليست طرفاً في هذا ولا ذاك.. الصحف الخاصة والحزبية لم تر حلولاً لمشاكلها من جانب النقابة، وإنما اختارت حلاً سهلاً وهو الهجوم الشديد علي من يفكرون في إيجاد حلول!.. وأما حديث النقيب عن وجود كتلتين بين الصحفيين فهذا شيء يدعو إلي الغرابة، ولا أدري من أين أتت له هذه الفكرة، في حين ان الأمر كله يتعلق بصناعة من طباعة وورق وأحبار، ووحدة التنظيم النقابي التي يتحدث عنها النقيب لن يضيرها شيء في أن الصحف الخاصة والحزبية بدأت تفكر في التخلص من مقصلة الصحف القومية التي تحتكر المطابع والتوزيع! وفي الحقيقة أنه بعد ثورة 23 يوليو القائمة علي التأميم لكل شيء، وإغلاق كل الصحف الخاصة والحزبية القديمة، تم تأميم النقابة وطرد كل ممثلي هذه الصحف، فقد كانت النقابة ممثلة بالصحفيين وملاك الصحف، ومن بعدها تم تغيير القانون، ويبدو ان هذا الهاجس هو الذي يسيطر الآن علي القائمين علي أمر نقابة الصحفيين.. والحقيقة ان هاجسهم هذا ليس في محله وغير وارد علي الإطلاق، ولن يتدخل ملاك الصحف الخاصة في النقابة ولا الأحزاب التي تصدر صحفاً أيضاً.. وإنما الأمر كله في الاتحاد المزمع إنشاؤه وكما قلت سابقاً يتعلق بصناعة وأزمات تواجهها الصحف الخاصة والحزبية ويتم الآن بحث حلول لها. لماذا يغيب عن نقابة الصحفيين والنقيب أن غرفة صناعة الصحف الخاصة والحزبية تهدف إلي التنسيق بين المؤسسات الصحفية فيما يتعلق بصناعة الصحافة وتطويرها والارتقاء بها علي مستوي الطباعة والتوزيع والإعلانات وكسر احتكار المؤسسات القومية؟!.. لماذا يغيب عن النقيب والنقابة أن الصحف الخاصة والحزبية غير ممثلة بشكل عادل في كل ما يختص بالشأن الصحفي رغم انها الأكثر عدداً وتأثيراً؟!.. لماذا يغيب عن النقيب انه من حق الصحف الحزبية والخاصة أن تبحث عن تطويرها والارتقاء بها بعيداً عن السيطرة الإجبارية من الصحف القومية بسبب الطباعة والتوزيع. وليطمئن أبناء جلدتي وأمثالي الصحفيون أن نقابتنا لن يمسها سوء أو أذي كما يتم تصديره حالياً، ولن يحدث بها انقسام كما يشاع، ولن تتحول إلي كتلتين كما يتردد فهذه هواجس في غير محلها وموضعها.. ويجب علي الذين يهاجمون هذه الخطوة المهمة أن يراجعوا مواقفهم بدلاً من هذا الهجوم الضاري، ثم إن ما تقوم به الصحف الخاصة والحزبية لا يخالف القانون ولا علاقة له أصلاً بقانون نقابة الصحفيين، والأمر كله بعيد عن النقابة التي حشرت أنفها فيما لا يخصها أو يعنيها، ولا علاقة له بالتنظيم النقابي المهتم بشئون وأحوال الصحفيين.