انتهت مهلة ال90 يومًا التي منحتها وزارة التضامن الاجتماعي، للجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى لتوفيق أوضاعها وفق القانون 84 الصادر عام 2002، أمس الأول الاثنين، حيث كانت الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي قد أعطت مهلة للجمعيات الأهلية والمنظمات لتوفيق أوضاعها وفق القانون، بدأت في شهر يوليو الماضي، وكان من المقرر أن تنتهى في 25 سبتمبر الماضي. ولكنها مدت المهلة حتى أمس الأول الاثنين الموافق 10 نوفمبر بناء على تدخل المجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى طالب بمد المهلة فترة أخرى واستجابت له وزارة التضامن الاجتماعى. ومع ذلك تراجعت الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، اليوم الثلاثاء خطوة للوراء، وسط القلق البالغ من جانب المنظمات والجمعيات الأهلية، مؤكدة أن الجمعيات الأهلية التي تعمل وفقا للقانون ليس عليها أية مخالفة، موضحة أن الوزارة ستبدأ في الاستعلام عن هذه الكيانات والتواصل معها لمعرفة ما هو القانون الذى تعمل وفقه. وأضافت والى أن مصر دولة قانون، ولو هناك كيان يعمل وفق قانون، خارج نطاق قانون الجمعيات سنستعلم عنه، موضحة أن الوزارة ستستعلم من الجهات ذات الصلة، مثل الشهر العقاري لاستكمال بياناتها حول الكيانات المسجلة لديها، والكيانات غير المسجلة وفقا لأي قانون سيكون وضعها قلق. وتابعت وزير التضامن الاجتماعى إن الوزارة ستحصر هذه الكيانات بالتنسيق مع الجهات المختصة ودراسة كل كيان على حدة، استعدادا لمخاطبتها بحقوقها والتزاماتها وإعمال صحيح حكم القانون بشأنها. والمفاجأة أنه بعد انتهاء مهلة وزارة التضامن، هرب بعض الحقوقيين وعدد من أصحاب المراكز الحقوقية خارج مصر، وفق تأكيدات من النشطاء والحقوقيين، مؤكدين بذلك أن حقوق الإنسان ليست بالنسبة لهم إلا سبوبة يتربحون منها بأشكال مختلفة، أو لعدم كشف فسادهم، بينما قرر البعض الآخر البقاء والدفاع عن كياناتهم. ومن جانبه رحب حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، بتصريحات وزيرة التضامن الاجتماعى، موضحا أنها بمثابة مؤشر إيجابي، يؤكد أن الوزارة لن تقوم بإجراءات تعسفية ضد الأشخاص أو المنظمات، لكنها تتحدث عن حوار مع كل كيان ومنظمة على حدة والنظر في نشاطها. وأكد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن تصريحات الوزيرة قانونية ولا يختلف عليها أحد، موضحا أن المنظمات والجمعيات الأهلية في كل دول العالم مسجلة وتكون الدولة على علم بنشاطها ومصادر تمويلها. وأوضح عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان أن المستشار إبراهيم الهنيدى، وزير العدالة الانتقالية، تعهد لجهات عدة وأيضا خلال كلمته بجلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بأنه سيدير حوارا مع منظمات المجتمع المدنى، قائلا: "لو تم إغلاق المنظمات والجمعيات وتم القبض على الأشخاص فهذا سيؤكد عدم الالتزام بتعهد الوزير، ولكنى أرى أنه صادق وسيتم تفعيل القانون عبر حوار وليس إجراءات تعسفية". وقال محمد زارع، المحامى الحقوقى، ورئيس منظمة الإصلاح الجنائي، إن السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية للمنظمات والهيئات الدولية، والمستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية، أكدا أن الأزمة بين المنظمات الحقوقية ووزارة التضامن الاجتماعى سيتم حلها، وأن الدولة ستتخذ بعض الإجراءات منها الحوار مع المنظمات والجمعيات الأهلية. وأضاف رئيس منظمة الإصلاح الجنائي، أنهما وعدا بلقاء مع منظمات المجتمع المدنى لبحث التطورات، موضحا أن انتهاء مهلة وزارة التضامن لم يعد أمرا مقلقا وسط دعوة الدولة للحوار المجتمعى، قائلا: "تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعى الأخيرة تؤكد تطمينات وزير العدالة الانتقالية ونحن بانتظار لقائها". وقال محمد عبد الله خليل مدير وحدة التشريعات في المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن قرار الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعى بتأجيل تنفيذ قانون الجمعيات الأهلية، يعتبر خطوة إيجابية من الحكومة تجاه المجتمع المدني. وأضاف عبد الله، أن هذا القرار سيتيح فرصة لمنظمات المجتمع المدني للمناقشة مرة أخري والتوافق حول مشروع قانون يضمن سير المجتمع المدني. وأشار مدير وحدة التشريعات في المجلس القومي لحقوق الإنسان إلي ضرورة ابتعاد منظمات المجتمع المدني عن العمل السياسي، مؤكدا أن دورها خدمة المجتمع وفقا للضوابط المقررة في لائحة التنفيذ لقانون الجمعيات الحالي. وكانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قد أعربت أمس في بيان لها عن قلقها من انتهاء المهلة التي حددتها وزيرة التضامن لمنظمات المجتمع المدني الغير المسجلة بتوفيق أوضاعها وفقا لقانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002، خاصة أن هناك مطالب حقوقية مستمرة بتعديل القانون لكى يتفق مع الدستور المصرى في المادة 75. وقالت المنظمة إن انتهاء المهلة يفتح الباب أمام حل العديد من الكيانات والشركات المدنية العاملة بمجال حقوق الإنسان، مضيفة أن الأمر يمثل انتهاكا للحق في التجمع والتنظيم، الذي كفلته المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وكذا الدستور المصري الذي نص في المادة 75 على أن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي، ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سريًا أو ذا طابع عسكري أو شبه عسكري، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون. ويقضي القانون 84 لعام 2002 بتقدم الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى بطلب للحصول على ترخيص بمزاولة العمل من وزارة التضامن الاجتماعى، ليكون من حق الحكومة الموافقة أو الرفض على الترخيص، كذلك يمكن للحكومة حل الجمعية أو المنظمة إذا مارست أنشطة من شأنها الإضرار بالأمن القومي للبلاد، فضلا عن أن تكون مصادر التمويل تحت الرقابة.