البنت أم المريلة كحلى.. ونظرة هلَّة وطلّة م الكولة.. طبعت على رأس أمها بوسة رقيقة فى الصباح كعادتها فيما راحت الأم تضع لها «الساندوتش» فى حقيبتها بيدها، وهى تقول لابنتها لا إله إلا الله.. لترد الابنة محمد رسول الله يا ماما، كانت رقيقة الملامح «بشوشة» بريئة قمر 14 فى سن 14.. إلى المدرسة خطوة فى مشوار الألف حلم وحلم وما هى إلا ساعات.. خرجت فيها التلميذة روجان محمود لفناء المدرسة «حصة الألعاب» كلها حيوية وانطلاق مع زميلاتها تنظر لأعلى.. يحجبها عن السماء لوح زجاج يهوى على وجهها فجأة من شرفة أحد الفصول.. تنفجر الدماء من عينيها ويتمزق وجهها.. «روجان» فقدت بصرها فى لمحة «عمى». عمى أخلاق.. انتشر فى مدارسنا كسرطان خبيث.. عمى ضمير.. ساد فيه الإهمال وانتشرت الفوضى فى مدارس غنينا لها زمان وتغنينا بالجنبات فيها بين الفصل والتختة والسبورة والطباشير. مدارس أصبح ضحاياها أكثر من خريجيها ما بين تلميذ قتيل.. وآخر أصيب بعجز، ما هكذا كنا نعهد دور العلم.. صراحة.. زادت الحكاية و«اسودت» على الآخر.. عام دراسى شديد الكآبة جلب الحزن لبيوت كثيرة مغلقة على كوارث، إذا كان حادث تفحم جثث تلاميذ «البحيرة» مصيبة من مصائب حوادث الطرق التى لم تشبع بعد من دماء الأبرياء فإن سقوط التلاميذ فى المدارس يجعلنا نطالب بتصنيفها على غرار العشوائيات.. مدارس خطرة.. ومدارس شديدة الخطورة، يذهب التلميذ ليفتح كراسته ويطالع كتبه فيفاجأ بوحش كاسر يغرس أنيابه فى القلب. تلميذ يسقط عليه زجاج شباك الفصل فيقطع رقبته.. وآخر يخترق سيخ حديدى صدره.. وهذه تنفجر مقلة عينها وهى التى لم تر الدنيا بعد.. وهذا تهرسه عجلات سيارة «التغذية» فى عقر مدرسته.. ومن منا لا يخاف الآن على أولاده وهو يودعهم المدرسة كأمانة فى أعناق المسئولين فيها؟ كل حادث «قدر» نستسلم فيه لإرادة الله.. لكن وراء كل حادث شىء مخيف لزاماً علينا أن نتصدى له.. لحماية أبنائنا من بطش الفوضى. آلام الصغار خناجر تصيب الجميع، الأكفان تبكيهم.. التراب الذى يوارى أجسادهم النضرة يصرخ «شوية ضمير» يا كل مسئول فى كل مدرسة، ارحموا أمهات وآباء يشقهم فقد فلذات أكبادهم ويشقيهم.. والدرس خلص.. لموا الكراريس!!