تأتى ثورات وتتغير أنظمة وما بين مخلوع ومعزول ورئيس يعبر الصناديق الانتخابية بمطالب شعبية، تبقى كما هى لتتنقل مابين ملاعب المناصب وكأنها لعبتها المفضلة، هى المرأة التي نسجت من أحلامها واقعا ملموسا، وشكلت من جهدها اسما من ألمع الأسماء السياسية بمصر والوطن العربى، هى المرأة التى بهرت الجميع بكفاءتها، وحطمت العوائق والموانع لتفرض نفسها على العمل السياسى مهما بلغت التحديات. إنها المرأة التي لم تستطع ثورتان وحكومات متعاقبة الإطاحة بها، إنها وزيرة التعاون الدولى بأربع وزارات على التوالى، ومستشارة رئيس جمهورية عام2014،إنها الدكتورة فايزة أبو النجا "المرأة الحديدية". ولدت فايزة أبو النجا فى 12 نوفمبر 1951 بمدينة بورسعيد، وشغلت عدة مناصب قبل انضمامها إلى مجلس الوزراء، كانت فيها أول امرأة مصرية تتقلد تلك المناصب، حيث عملت كمندوب لمصر الدائم لدى الأممالمتحدة في جنيف وكافة المنظمات الدولية في المدينة السويسرية في الفترة من 1999 حتى نهاية 2001، كما تقلدت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية، ومؤتمر نزع السلاح. وكعادتها فى أن تكون الأولى بين نساء عصرها تولت أبو النجا وزارة التعاون الدولي المصرية في نوفمبر 2001 لتصبح أول سيدة يتم تعيينها في مثل هذا المنصب بمصر. بقيت أبو النجا كوزيرة للتعاون الدولى منذ وزارة أحمد نظيف فى عصر المخلوع، مرورا بوزارة الفريق أحمد شفيق التي لم يتجاوز عمرها ال 33 يوماً، بداية من تعيين الرئيس السابق محمد حسني مبارك لرئيسها في يوم 29 يناير 2011 بعد إقالة حكومة نظيف أثناء أحداث ثورة 25 يناير، وحتى قبول استقالتها في 3 مارس 2011 من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم تأتى ثورة يناير لتطيح بنظام بأكمله رئيسا وحكومة، بينما تبقى كما هى فى نفس منصبها خلال وزارتين متتاليتين بعد الثورة وهما وزارتا عصام شرف وكمال الجنزوري. لعبت أبو النجا من خلال هذه المناصب دوراً مؤثرا عبر مشاركتها في العديد من المؤتمرات الدولية الهامة، والتي كان من أهمها المؤتمرات الوزارية لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة عام 2001، ومؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في نيويورك 2000، ومؤتمر الأممالمتحدة العاشر للتجارة والتنمية في بانكوك 2000. وخلال الفترة من 1997 حتى 1999، شغلت فايزة أبو النجا منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات الأفريقية الثنائية، حيث لعبت دوراً بارزاً في تحسين علاقات التعاون بين مصر والدول الأفريقية. واعترافاً بإسهاماتها العديدة لصالح أفريقيا، تم التنويه بها في كتاب الدكتور شارون فريمان "حوار مع قيادات نسائية أفريقية قوية : الإلهام، والدافع، والاستراتيجية" باعتبارها واحدة من القيادات النسائية الإحدى عشرة الأكثر قوة في أفريقيا. ونظراً لعلاقات العمل الممتدة مع الدكتور بطرس بطرس غالي، عندما كان وزيراً للدولة للشئون الخارجية، تم اختيار أبو النجا، بصفتها الدبلوماسية المصرية الوحيدة للعمل معه كمستشار خاص عندما تم انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة عام 1992. وفي عام 1987، انضمت أبو النجا إلى فريق الدفاع المصري برئاسة السفير نبيل العربى في لجنة هيئة تحكيم طابا في جنيف، والتي أصدرت حكمها لصالح مصر بعد جلسات استماع قانونية ودبلوماسية طويلة وشاقة، مما أدى إلى استعادة مصر لشبه جزيرة سيناء بالكامل. وقد بدأت أبو النجا مشوارها المهني بالانضمام إلى السلك الدبلوماسي عام 1975، عندما التحقت بالعمل في وزارة الخارجية المصرية، وكانت أولى مهامها في الخارج هي عضوية البعثة الدائمة لمصر لدى الأممالمتحدة في نيويورك، حيث مثلت مصر في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي، وكذلك في اللجنة الثالثة المعنية بموضوعات الحقوق الاجتماعية وحقوق الإنسان. انتخبت فايزة أبو النجا عام 2010 كعضو بمجلس الشعب عن مدينة بورسعيد، حيث فازت بأحد المقعدين المخصصين للنساء عن المحافظة. وفى يوم الأربعاء الخامس من شهر نوفمبر عام 2014 أصدر الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى قراراً جمهورياً بتعيين فايزة أبو النجا مستشاراً للرئيس لشئون الأمن القومى، لينبهر العالم بتلك المرأة الحديدية التى تتدرج فى المناصب فى ظل الإطاحة بعدة أنظمة سياسية.