طالبت دار الخدمات النقابية والعمالية فى المائدة المستديرة التى حضرها العشرات من ممثلى النقابات المستقلة معالجة تهميش قطاع العمالة غير المنتظمة من نقابات الباعة الجائلين ، والمقاولات والبناء والاخشاب ، والسائقين، وعمال شركات توريد العمالة. وقدمت دار الخدمات ورقة عمل مبدئية تناولت الغطاء التأمينى للعمالة غير المنتظمة ، ومعالجة تهميش ملايين المصريين الذين يعملون فى تلك القطاعات خارج البنى القانونية والنظم الاقتصادية والاجتماعية الرسمية القائمة. وأشارت الورقة إلى عجز هؤلاء الملايين عن الاندماج داخل البنى والنظم القائمة وهو لا يعنى سوى قصور هذه النظم الاقتصادية والاجتماعية والقانونية القائمة والحاجة الملحة إلى تطويرها بما يلائم التغيرات الفعلية للنشاط الاقتصادى والاجتماعى على الأرض والحاجات الفعلية للبشر الذين يعيشون على هذه الأرض. كما أشارت ورقة العمل إلى اتساع دائرة العمل غير المنتظم فى مصر خلال العقدين الأخيرين لتشمل أعداداً أوسع من العاملين وتبتلع أقساماً جديدة وقطاعت صناعية متنوعة حتى بلغت نسبتها ما يقارب ثلاثة أرباع قوة العمل المصرية- وفقاً لبعض التقديرات - حيث يصعب الاعتماد هنا على الاحصائيات الرسمية أو القياسات العلمية المنضبطة ما دمنا إزاء وقائع خارج الأطر المنظمة. وتتوزع العمالة غير المنتظمة على عدة قطاعات رئيسية أبرزها ما يعرف بقطاع المقاولات- الذى يضم أعمال البناء والتشييد والحرف المتكاملة معها- ، والباعة الجائلين، والعمالة الزراعية الموسمية.. فضلاً عن قطاعات العمالة غير المنظمة فى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وما يعرف بصناعات "بير السلم".. حيث تمثل هذه القطاعات حوالى 40% من الاقتصاد القومى. ويبلغ عدد هؤلاء العاملين- وفقاً لأكثر التقديرات تواضعاً ثمانية مليون عامل، غير أن الإحصاء الرسمى ما زال يسقط قطاعت أخرى لا يمكن إغفالها وعلى الأخص منها النقل البرى الذى بات جانباً كبيراً منه غير رسمى، والمناجم والمحاجر (شق التعبان والمنيا)..فضلاً عن أن نسبة من عمالة القطاع الاقتصادى الرسمى (الخاص)- على الأخص فى صناعات السياحة والبترول والخدمات - هى عمالة غير منتظمة موسمية، غير مسجلة. وطرح فى المائدة المستديرة أهم المشاكل التى تواجه كل فئة من تلك الفئات التى تمثل قطاع العمال من خلال ممثلين لها .. حيث عرض الباعة الجائلون اهم المشاكل التى تواجهم عملهم خلال الفترة الماضية بشكل خاص والتى جاء على راسها : الحملة الاعلامية التى تشنها أجهزة السلطة التنفيذية لاظهار الباعة الجائلين وكانهم مجموعات من البلطجية والخارجين على القانون لمجرد أنهم يطالبون بتوفير اماكن ثابتة لهم ، ويدافعون عن لقمة عيشهم. وطالبوا بضرورة الإسراع فى تنظيم الباعة الجائلين والذين يصل عددهم الى ما يقرب الثلاثة ملايين عامل على مستوى الجمهورية فى نقابات تمثلهم وتدافع عنهم ، تمهيدا لإنشاء اتحاد نوعى للباعة الجائلين على مستوى الجمهورية يستطيع الجلوس الى الجهات المعنية للنفاوض حول مشاكلهم ..وضرورة اعداد مقترحات حلول لمشكلة توفير أماكن للباعة الجائلين تشمل كافة تجمعاتهم والجلوس إلى المسئولين لمناقشتها والتوصل إلى حلول جذرية. وأكد الحاضرون والذين كانوا يمثلون نقابات الباعة الجائلين بالقاهرة الكبرى، أن هناك العديد من الساحات والأماكن العامة من الممكن التفاوض مع المسئولين حولها ، بديلا عن مقترحات المسئولين باقتراح أماكن بعيدة عن أى عمران سكنى وهو ما يرفضه الباعة الجائلون وإعداد شكل قانونى لحل مشكلة توفير الغطاء التأمينى للباعة الجائلين. أما عن العاملين فى قطاع المقاولات والبناء والتشييد والصيد والسائقين تناول ممثلوهم الازمة التى يعانون منها وهو وجود نظام تأمينى به عيوب خطيرة. ويمكن القول أن هذا النظام يتجاوز عن علاقة العمل المباشرة التى تربط المؤمن عليه (شخصياً) بصاحب العمل، ويقوم بدلاً من ذلك على علاقة عمل جماعية افتراضية بين أصحاب العمل من المقاولين أو أصحاب المحاجروالملاحات وبين العاملين فى هذه القطاعات (من العمالة غير المنتظمة).. وتتحدد قيمة الاشتراك التأمينى بناء على أجر افتراضى ، ثم يتم اقتضاء الاشتراك من الجانبين بصورة منفصلة تماماً ووفقاً لآليات مختلفة. غير أن هذا النظام لم يؤدِ فى واقع الحال سوى إلى زيادة موارد الصناديق بما يعادل أربعة وسبعين مليار من الجنيهات (74 مليار جنيه).. بينما ظل العمال بغير حماية تأمينية.. للأسباب الآتية: تم تطبيق هذا النظام كما لو أن الهدف الرئيسى منه هو جباية الأموال وليس توفير غطاء تأمينى للعمالة غير المنتظمة- على الأخص- وأن تحصيل حصة أصحاب الأعمال من المقاولين وغيرهم من مؤجرى المحاجر والملاحات .. يتم على طريقة جباية الضرائب باقتطاعها من المنبع (على المستخلصات) ووقف المستخلصات النهائية حال الامتناع عن السداد.. فضلاً عن أن احتساب قيمة الأجور على حجم المقاولة أو القيمة الإيجارية للمحجر أو الملاحة يجعلها تشابه الضرائب إلى حد كبير، أولت الحكومة جل اهتمامها لتحصيل حصة أصحاب الأعمال التى تجرى جبايتها بصورة منفصلة عن العمال أنفسهم، فيما لم يتم تفعيل الآليات المفترضة لاستكمال الجانب الآخر من النظام (المؤمن عليهم).. حيث يفترض أن يتقدم العامل إلى مكتب الصندوق المختص بطلب الاشتراك الذى يحصل بموجبه على بيان حالة لقيده فى سجلات وزارة القوى العاملة والحصول على شهادة بدرجة مهارته التى يتحدد الأجر التأمينى وفقاً لها، ثم يقوم مكتب التأمينات بتوقيع الكشف الطبى عليه لتحديد مدى صلاحيته لمزاولة المهنة .. و عند التأمين على العامل يفترض أن يقوم بسداد حصته فى الاشتراك شهرياً فإذا تخلف فى أحد الشهور عد غير عامل خلال هذا الشهر وتم اسقاطه من المدة التأمينية. غير أن ما يحدث فعلياً هو أن مكاتب الهيئة (الصندوق) ليست لديها أي آليات تتعلق باتمام عمليات التأمين على العمال.. بل أن الكثيرون من موظفيها يجهلون الأمر حتى أنهم حال تقدم أحد العمال إليهم بطلب الاشتراك يطلبون إليه أن يسدد كلا الحصتين (حصة العامل وصاحب العمل).. و يصعب على العمال أنفسهم بصورة فردية ومنفردة أن يتعرفوا على النظام الذى يتم اشتراكهم وفقاً له.. ويجهل معظمهم حقوقه إزائه، وبسبب من الثقة الغائبة فى الحكومة وأجهزتها التى تجعلهم هم أيضاً يعتبرون كل ما تقتضيه منهم مال ضائع.. فإنهم لا يقدمون على طلب الاشتراك. كما طالب الحضور بضرورة إدارة حوار مجتمعى شامل بشأن تطوير الحماية الاجتماعية والغطاء التأمينى للعمالة غير المنتظمة من خلال بناء قانونى متكامل.. موصين بتشكيل لجنة مركزية عامة تشارك فيها الأطراف الاجتماعية المختلفة من الحكومة (وزارة القوى العاملة والتأمينات) وممثلى أصحاب العمل والنقابات العمالية والمنظمات الممثلة للعمالة غير المنتظمة توكل إليها المهام الآتية على الأخص: إجراء حصر للعمال الذين باتوا غير قادرين على العمل، وتطوير نظام لاقتضائهم معاشات شهرية من حصيلة الموارد المتراكمة فى الصندوق، بغض النظر عن عدم اشتراكهم مسبقاً فيه (اعتبار اشتراكهم افتراضى أيضاً). وتطوير آليات مشتركة مع النقابات والمنظمات العمالية لقيد العمالة غير المنتظمة فى مكاتب العمل والتأمينات، وتنظيم عملية اشتراكهم فى الصندوق وإعادة تقدير قيمة الأجور، ونسبة الاشتراكات الشهرية المدفوعة عنها وفقاً لحساب اكتوارى جديد يأخذ فى اعتباره مصلحة المؤمن عليه أولاً وحقه فى الحماية الاجتماعية بدلاً من مراكمة الأموال فى صناديق التامين دون أى فائدة. كما توافق الحضور على تكوين هيئة دائمة ممثل بها كافة القطاعات تكون لها قدرة التفاوض حول كافة مشاكل قطاعات العمالة غير المنتظمة .