دعت المعارضة والمجتمع المدني في بوركينا فاسو أمس مؤيديهم إلى التظاهر احتجاجا على اللفتنانت كولونيل اسحق زيدا، الذي اختاره الجيش لقيادة المرحلة الانتقالية بعد رحيل الرئيس بليز كومباوري. وطالبت قوى المجتمع المدني والمعارضة بالتجمع في ساحة الأمة في العاصمة واجادوجو. وتشكل هذه الساحة رمزا للحركة الاحتجاجية على نظام كومباوري التي أطلقت عليها اسم «ساحة الثورة»، كما كان في الثمانينيات في عهد الرئيس توماس سانكارا ايقونة التكامل الافريقي الذي ما زال ماثلا في اذهان سكان بوركينا فاسو. وقالت أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في بيان ان النصر تحقق بفضل العصيان الشعبي، وبالتالي تعود إلي الشعب ادارة المرحلة الانتقالية التي لا يمكن للجيش ان يصادرها في اي حال من الأحوال. وشددت في بيانها على الطابع الديموقراطي والمدني الذي يجب ان تتسم به هذه الفترة الانتقالية. ودعا الاتحاد الافريقي الاطراف السياسية الفاعلة والمجتمع المدني في بوركينا فاسو الى العمل معا للاتفاق على انتقال مدني وشامل يؤدي الى انتخابات حرة في أسرع وقت ممكن. وإلى جانب مبعوثين من الاتحاد الافريقي، من المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا والأمم المتحدة اتصالات في واجادوجو في اطار مهمة للمساعي الحميدة. ودعت الوساطة الدولية في بوركينا فاسو الى اقامة نظام انتقالي يترأسه مدني ويتطابق مع النظام الدستوري، ولوحت بفرض عقوبات اذا لم يحصل ذلك. وقال مندوب الاممالمتحدة لغرب افريقيا محمد بن شمباس في مؤتمر صحفي عقده باسم مهمة التشاور الثلاثية -الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا: «نأمل في قيام نظام انتقالي يترأسه مدني ويتطابق مع النظام الدستوري، وإلا فالعواقب لا تخفى على أحد. نريد ان نتجنب فرض عقوبات على بوركينا فاسو». ودعا بن شمباس مختلف الاطراف الى الحوار. وقال «يجب إجراء مشاورات بين الاطراف، يجب بذل كل الجهود من اجل عودة سريعة الى الحياة الدستورية». وخلص بن شمباس الى القول ان مهمة التشاور قد التقت السلطة العسكرية والليفتنانت زيدا اللذين أكدا أن الرسالة قد وصلت. في الوقت نفسه، دعت الخارجية الامريكية الجيش الى تسليم السلطة الى المدنيين في بوركينا فاسو. وعلى الرغم من الاجواء السياسية التي ما زالت متوترة، عاد الهدوء الى اكبر مدينتين في البلاد شهدتا فلتانا واعمال نهب منذ ايام. ولبت مجموعات من الشبان نداء «حركة المواطن» الشبابية التي تشارك الى حد كبير في قيادة المظاهرات، الى تنظيف شوارع واجادوجو التي غطاها الركام وهياكل السيارات والاطارات المحترقة. ويشكل سقوط كومباوري تحذيرا إلى قادة أفارقة اخرين يحاولون ايضا تعديل الدستور للبقاء في السلطة في جمهورية الكونو الديمقراطية وبوروندي والكونغو برازفيل وبنين. والكولونيل اسحق زيدا الذي كان الرجل الثاني في قيادة الحرس الرئاسي في بوركينا فاسو عسكري محترف لم يكن معروفا من قبل. وفضل كبار ضباط الجيش هذا الضابط البروتستانتي البالغ من العمر 49 عاما، على رئيس اركان الجيش الجنرال نابيري اونوريه تراوري الذي يعد قريبا جدا من الرئيس السابق، من اجل قيادة العملية الانتقالية السياسية وفي المؤسسات. وزيدا نائب قائد الكتيبة الامنية الرئاسية وهي قوات خاصة تابعة للجيش كانت تتولى ضمان امن كومباوري، قريب جدا من الجنرال جيلبير ديينديري الذي كان يعد من اقرب قادة الجيش الى الرئيس السابق. وقال مصدر امني ان زيدا ينتمي الى الدوائر نفسها التي ينتمي اليها ديينديري والبعض حذرون منه»، موضحا ان الرجلين ينحدران من المنطقة نفسها. ويؤكد احد رفاق زيدا انه تلقى تدريبه في مركز التدريب للقوات الخاصة في بو جنوب بوركينا فاسو، وهو موقع استراتيجي للسلطة. ويبدو ان زيدا كان يتمتع بتأييد بعض منظمات المجتمع المدني قبل ان تطالب بعملية انتقالية ديمقراطية ومدنية وترفض مصادرة انتصار الشعب من قبل الجيش. ويلقى هذا الضابط احتراما كبيرا من قبل رجاله. وعندما اندلعت حركة العصيان التي كادت تطيح نظام كومباوري في 2011 كان من القليلين الذين لم تطلهم الاحتجاجات ضد قادة الحرس الرئاسي.