شارك منذ قليل المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، فى الاحتفالية التى ينظمها الاتحاد العام للصحفيين العرب، بمناسبة اليوبيل الذهبى للاتحاد ومرور 50 عاماً على تكوينه. وقال محلب فى كلمة ألقاها خلال الاحتفال: أقفُ أمامكم اليوم مُرحِبًا بِضيوفٍ أعزاءٍ على قلوبِنا، ومُهنئًا بمناسبةٍ هى الأهمُ فى تاريخٍ اتحادِكم العتيد، مُناسبة الاحتفالِ ب"اليوبيل الذهبي" ومرور(50) عامًا على تأسيسِ هذا الاتحاد المهنى العربى العريق فى عام (1964) فى القاهرة، بِرعاية ومُساندة ودعم مِن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وفيما يلى نص الكلمة: قبل أن أقفَ بينكم بساعات، عُدتُ بذاكرتى بعيداً إلى تلك الفترة الذهبية من تاريخ أمتنا، أوائِل الستينيات من القرن الماضى، سنواتُ الحلمِ والأمانى والطموحِ، وقتٓ أن كانت "الوحدة العربية" حُلماً يُلهِبُ مُخيلة شباب الأمة، بينما طُموحات الاستقلال عن الاستعمار لا تزال فى قلب نِضال جزءِ كبيرٍ وعزيز من شعوبنا. فى تلك الفترة، وَوَسط ذلك الزَخم العُرُوبِى، وبِالتزامن مع مؤتمرِ القمةِ العربيةِ الذى عُقد فى القاهرة عام (1964)، نَشأ اتحادَكم لِيكون مِنصة مهنية وشعبية شديدةُ الأهمية، تَدعم حريةَ الشعوبِ، وتُساند نضالَها من أجلِ استقلالِ قرارها الوطنى، وَلَعلى لا أُبَالغ إذا قلت أن الاتحاد قد جسد بحق ما يمكن أن يكون عليه دور المثقفين العرب فى توحيد الأمة العربية وصيانة وَحْدتها بالرغم من تنوع الأنظمة الحاكمة واختلاف رؤاها. لقد أكد الاتحادُ فى دستوره التأسيسى على"عزم الصحفيين العرب على استخدامِ أقلامِهم وفَنِهم الصحفى فى النضالِ لتحرير الوطن العربى من كل تدخل أجنبى أو نفوذ استعماري"، واسمحوا لى وأنا أستعيدُ معكم تلك الكلمات البليغة، أن أقول : أليست هذه النصوص الباهرة هى نفسها التى نحتاجها اليوم، ونحن نُناضل كشعوب ودول مستقلة وحرة، لندفَع شر بلاءٍ جديدٍ شديدِ التخلفِ والظلامية، يُهاجمُ بشراسة فى أكثر من قُطر عربى، ليعود بشعوبنا سنوات طويلة إلى الوراء، وليَمحُو آثار كل نهضة حققناها، وليَهدِم كل حضارة بنيناها. ما يحدث الآن فى بلادنا، أخوتى الأحبة، يحتاج منكم إعادة اللُحمة إلى اتحادِكم العتيد، واستعادة دوره وهدفه وغاياته، كما جاء فى دستورِكم التأسيسى أيضًا، ك"قوة شعبية جماهيرية، تُؤمن برسالة الفكر العربى الحر، وتُكتِل جهودها لتحقيق هذه الغايات وإنجازِ تلك الأهداف". إننى معكم أنتم فرسان الكلمة وقادة الفكر والرأى المستنير، فإننى على يقين بإيمانكم أن"الكلمة.. مسئولية"، و"المسئولية.. كلمة"، كما أن"الشرف.. كلمة"، و"الكلمة.. شرف". وأنتم أهل الشرف وأرباب المسئولية، وما أحوجنا اليوم إلى هاتين الصفتين الغاليتين ونحنُ نُواجه حشود الظلام العائدة بقوة، وجحافل الفتنة التى تَطُلُ علينا برؤوسِها القبيحة، لِتُحطم آمالنا وأحلام شعوبنا التى ثارت من أجل التقدُمِ والاستقرارِ والرخاء. إن ما تواجهه الأمة العربية اليوم من تحديات راهنة، شاركت فيها عن عمدِ بعض وسائل الإعلام المشبوهة من خلالِ بث الشائعات والتحريض على العنف، إلى جانب بعض وسائل الإعلام الأخرى عن غيرِ قصد، لَيَفرض علينا جميعا أن نلتفَ سويا حول ميثاق شرف إعلامى عربى موحد، تتمُ فيه الموازنة بين طموحات الإعلاميين فى تعزيز حركة التقدم بالمجتمعات العربية والتأكيد على حرية الرأى والتعبير من ناحية، وما بين الإلتزام بالصدق والأمانة فى كل ما يتم نَشره أو بَثه، فضلاً عن الامتناع عن إتباع الأساليب التى تتعرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لِلطَعن فى كرامة الشعوب، والتحريض على استعمال العنف فيها، مع احترام سيادتها الوطنية، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية من ناحية أخرى. إننا جميعا كحكومات ومؤسسات مجتمع مدنى عربى نسعى دوما - كل بطريقته - إلى تحقيق ما يصبو إليه المواطن العربى من عَيْش فى مجتمع يسودُه السلام ويَنعم فيه بِالرخاء، لا نَهابُ ما يواجه طموحاتنا من تحديات أو صعاب، ولعل هذا أَدْعى إلى العمل سويا من أجل تجاوزها، وهو ما يتطلبُ تماسُكاً أكبر وَوِحدة فى الصف واتساقا فى الرؤية. إن مصرَ بلدَكُم الذى استضاف اتحادكم على أرضه، ثقة منكم فى حرصه على دعم استقلال هذا الاتحاد، وضمانة لتحقيق أهدافه ومبادئه على الوجه الأكمل، إنما يسعد دومًا بكم فى أحضانه وربوعه، فمصر كانت وستبقى دائمًا "وطنا لكل العرب".وإننى أؤكد لكم، وبكل ما يحمله الالتزام من مسئولية، أن هذا البلد سيظل وفيًا لمبادئ هذا الاتحاد العريق، وداعمًا لمسيرته فى نشر الفكر والرأى المستنير، والدفاع عن وطننا العربى ضد كل تدخل من الخارج، أو شر ظلامى من الداخل. أعودُ فأُرَحِبُ بكم وبضيوفكم من المكرمين، وأهنئكم باحتفالكم وفرحتكم، وأتمنى لاتحادكم كل تقدم وازدهار.