غياب الإنتاج الدرامي الرسمي عن ساحة المنافسة كارثة كبيرة، ويجب أن يكون لها حل لأن مقدرات صناعة الدراما بتأثيرها الفكري والوجداني مهم وخطير، ويجب ألا يترك في يد القطاع الخاص بمفرده. والنتيجة كما شاهدنا في المواسم الماضية التي عجزت فيها قطاعات الإنتاج عن التواجد ظهور مسلسلات تحمل كثيراً من المشاهد والألفاظ السوقية وتدني المستوي الأخلاقي والفكري وهو ما لا يمكن حدوثه في إنتاج قطاعات الإنتاج الرسمي سواء بقطاع الإنتاج أو صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي، المثير للدهشة أن هذه القطاعات مازالت تنتظر الفرج، وهو في هذه الظروف صعب أن يأتي في ظل عدم وجود سيولة مالية تعيد الروح لهذه القطاعات، في حين أن القطاع الخاص بدأ مبكراً في حجز نجوم السوبر والصف الأول وبدأ يستعد مبكراً لموسم رمضان القادم. قطاع الإنتاج كان قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون هو إحدي أهم دعائم الإنتاج الدرامي ولديه تراث رائع وعظيم، لكن توقفت شرايينه وقلبه عن النبض ودخل محطة اللاعودة بسبب عدم وجود سيولة مالية، وأصبح للأسف منذ الثورة وحتي الآن مجرد ضيف أو تابع بالاسم فقط لإنتاج القطاع الخاص ليجد ما يعرضه علي شاشات التليفزيون المصري، وحتي بعد قدوم المخرج أحمد صقر وتصريحاته «الرنانة» بإعادة أمجاد قطاع الإنتاج وعودة كبار النجوم وبث صوره مع نادية الجندي مرة وإلهام شاهين مرة ومعهما عصام الأمير رئيس الاتحاد، وخذلنا صقر ولم يظهر عملاً للنور حتي الآن، لكنه عاد مجدداً للحديث الوهمي وأحلام اليقظة بسعيه لعودة النجوم الكبار مرة أخري لقطاع الإنتاج بخطة غير مسبوقة، وهو لا يملك في يده مقدم عقد شراء سيناريو أو حتي جزء من أجر أقل نجم، ومازال «صقر» يوهمنا بعودة النجم نور الشريف بمسلسل للقطاع ولا ندري إذا كان «صقر» يعلم أن نور الشريف متعاقد علي مسلسل «منصور التهامي» ولديه نص آخر بعنوان «حتي تثبت إدانته»، وعلي «صقر» أن يستيقظ ويواجه الواقع بكلام منطقي ويطلب اللجوء الاقتصادي لمكتب عصام الأمير ليدعمه في إنتاج ولو مسلسلاً واحداً بعيداً عن الأحلام، لكن من أين يأتي الأخير بالسيولة للإنتاج وتحريك المياه الراكدة واستغلال الكوادر والمقومات الحيوية بالقطاع وهو لديه مصروفات شهرية تصل لربع مليار، ناهيك عن عزوف الإنتاج المشارك من قبل المنتج الخاص الذي تعود علي «غرف الملايين» من القطاع أيام أسامة الشيخ. صوت القاهرة كانت عملاقاً للإنتاج الدرامي وتمتلك تراثاً درامياً ضخماً لا يقل أهمية وقيمة عن تراث قطاع الإنتاج، لكن هذا الكيان الذي يضم 2500 موظف مازال يعاني الإهمال والتهميش بفعل فاعل وتوقفت الحياة في استديوهاته منذ الثورة حتي الآن إلا القليل الذي ظهر للنور بفضل فكر وجهد رئيس الشركة السابق سعد عباس، الذي أنتج أكثر من 10 مسلسلات لكن تم منع السيولة المالية عنه، وترك الرجل المنصب خلفه أعمالاً لم تكتمل تعاقد عليها واتفق بنفسه مع نجومها واستجابوا لمبادرته بتخفيض أجورهم بشكل كبير آخرهم مسلسلات «كش ملك» و«جداول» لسهير رمزي، و«ضابط وضابط» وغيرها، وبعد رحيله رغم جهوده في تحسين صورة الإنتاج الدرامي والمادي لموظفي الشركة مازالت صوت القاهرة تعاني، واكتفي رئيسها الحالي محمد عبدالله رغم كفاءته بتدبير مرتبات الموظفين كل شهر بالكاد، وأصبح «يقضي أياماً» فقط بمكتبه فقط، واستطاع أن يدير علي استحياء الكاميرا لاستئناف تصوير مسلسل «كش ملك» بمبادرة من مخرجه وأبطاله، ومازالت الأزمة قائمة والشركة لا تملك رصيداً للمنافسة إلا بهذا المسلسل حتي إنتاجها الصوتي والغنائي وقطاعات تسويقها معطلة ومغيبة رغم التراث الضخم الذي تملكه والإمكانيات الكبيرة بها. مدينة الإنتاج بعد معركة علي رئاسة المدينة بين ماسبيرو والمستثمرين بمدينة الإنتاج الإعلامي، انتهت بوصول أسامة هيكل لرئاستها، رغم أنه يملك حتي الآن رغبة صادقة في تحريك إنتاج الشركة في الدراما ومحاولات التعديل في بعض القطاعات بإسناده مهمة التسويق لقطاع الإنتاج في يد ممدوح يوسف، لكن للآن مازالت الأمور هادئة وما تحرك فقط هو سيناريو «طلعت حرب» للمخرجة إنعام محمد علي، ويبدو أنه كان ل «الشو الإعلامي» فقط وتوقفت الحركة في قطاع الإنتاج والخوف أن ينشغل «هيكل» بمطاردة الفساد المتفشي في المدينة والاكتفاء بتحصيل مستحقات المدينة من إيجار الاستديوهات للفضائيات، خاصة أن الإنتاج الدرامي هو الشريان الثاني للمدينة بعد الاستديوهات لأن المدينة غابت عن المنافسة إلا في أعمال قليلة جداً تسربت بفعل فاعل لقطاع الإنتاج ولم تحقق المردود المنتظر الذي يستحق اسم هذا الكيان عليه، ومازالت المدينة صامتة تجاه الإنتاج الدرامي، ومازال ممدوح يوسف ينتظر السيولة والخطة، ومازال «هيكل» يفكر ويفكر.