السيسى يصدر قانون الإجراءات الجنائية بعد معالجة أسباب الاعتراض    تحصين 2.2 مليون رأس ماشية ضد «القلاعية»    القاهرة والقليوبية تطلقان تجربة لإدارة المركبات المُهملة    رسمياً.. مجموعة ستاندرد بنك تفتتح مكتبها التمثيلي في مصر    فوز كبير ل «قائمة السودانى» فى انتخابات العراق    وزير خارجية أوكرانيا: نحن بحاجة إلى دعم شركائنا لوضع نهاية للحرب الروسية    الكرملين: الأسلحة النووية مفيدة للردع لكن الخطاب النووي خطير    بطولة العالم للكاراتيه تعود إلى أرض مصر بعد غياب 40 عامًا    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة أوزبكستان وديا    موعد نهائى كأس السوبر المصرى لكرة اليد على قنوات أون سبورت    نجم منتخب فرنسا خارج مواجهة أوكرانيا    ديانج يدرس الاستمرار مع الأهلي رغم عرض سعودي مغري    مصرع شاب وإصابة آخر في تصادم دراجتين بخاريتين بالدقهلية    تفاصيل حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46    محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات المسابقة الفنية لمحات من الهند ببلطيم    مستشفى العجمي ينقذ شابا علقت يده في مفرمة لحوم    احذرى، فلتر المياه متعدد المراحل يُفقد الماء معادنه    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    «المهدى بن بركة».. فى الذكرى الستين لاختفائه    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    صحفيو مهرجان القاهرة يرفعون صورة ماجد هلال قبل انطلاق حفل الافتتاح    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    مكتب التمثيل التجاري يبحث مع المانع القابضة زيادة استثمارات المجموعة فى مصر    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    LIVE.. شاهد مباراة تونسX Tunisia موريتانيا Mauritania    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يفلس المثقف.. «يتشطر» على الدين!
نشر في الوفد يوم 13 - 10 - 2014

هل يوجد في مصر مثقفون؟ أم شُطّار يتخذون الثقافة «سبوبة»؟.. سؤال مشروع؛ لا تجاوز فيه، فمن حق أي إنسان أن يثير هذا السؤال في ظل حالة الفوضى القيمية، والأخلاقية، والعبثية الثقافية في مصر، بينما المثقفون مشغولون بمعارك صبيانية؛ غايتها خدمة الأنا المتضخمة، الممتلئة بالفراغ، والحفاظ على النجومية والظهور، وإثارة الانتباه، حتى ولو بتفجير قضايا خرافية، أو هامشية تشغل الجماهير عن مشاكلها الحقيقية، وتشتت انتباهها، وتحقق فيها ما تحققه حروب الجيل الرابع من نشر للإشاعات، والتسميم الثقافي المنظم، وإرباك الرأي العام، وخلق حالة من البلبلة تحول دون توحيد الجهود صوب مشروع وطني جامع، يحقق النهوض الحضاري المنشود.
المثقف هو إنسان يملك من الدراية، والوعي ما يجعله حاملا لهموم مجتمعه، منشغلا بإصلاحه، وتطويره، والارتقاء به، هو قائد للجماهير في مكانه وزمانه، يعلمها ويبث فيها الوعي الإيجابي بواقعها، وبالتحديات التي تواجهها، ويرشدها إلى طرق الخلاص من الأزمات، ومسالك الرقي والتقدم في مضمار الحضارة، هذا المعنى للمثقف قدمه للعالم الغربي المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي، توفي 1937م، وقبله قدمه للعرب عالم اللغة جمال الدين بن منظور الإفريقي صاحب «لسان العرب»، توفي 1311م، حين عرف الإنسان المثقف فقال «الثقف، أى المثقف، هو إنسان فطن ثابت المعرفة بما يحتاج إليه». أي أن المثقف هو الذي يعرف ما يحتاج إليه في زمانه، ومكانه، وهذه المعرفة لابد أن تكون ثابتةً راسخةً.
هذا المعنى للمثقف أصبح في مصر حدثا تاريخيا، كان أيام كانت هناك ثقافة، وكان للدولة دور، وكان لوزارة الثقافة قيادات مثل ثروت عكاشة رحمه الله، كان المثقف طليعة للجماهير، كان يفني عمره لتنوير عقولها، وتمهيد طريق نهوضها، وتقدمها ورقيها، أما مثقفو عصر الانفتاح وما بعده، فقد أصبحوا «تجار شنط»، يبيعون هواياتهم في سوق الثقافة، التي صار لها سوق بجوار «وكالة البلح»، تباع فيه مواهب متوسطة، وإنتاج عقلي يتناسب مع منتجيه، ومستهلكيه، تراجعت الثقافة بنفس مستوى تراجع المجتمع والدولة المصرية على كافة المستويات، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم من ارتباك، وفوضى ثقافية عارمة، لا تتناسب مع موقع مصر، ولا مكانة مصر، أصبح المثقفون الحاملون للجنسية المصرية يأتون في الصفوف المتأخرة في العالم العربي، ناهيك عن العالم، وظهرت طبقة من «المؤلفة جيوبهم» الذين يعيشون على حساب صحف، وقنوات فضائية، ومراكز أبحاث، وهيئات أمنية، يسوقون أهدافها، ويحققون مصالحها؛ مستغلين ما لديهم من مهارات بهلوانية، أو فهلوية.
ثم تدهور الحال أكثر وأصبح كثير من المثقفين بمن فيهم رئيس المثقفين المصريين يقومون بدور هدّام في المجتمع، ومرِّبك للدولة، يثيرون من الأزمات أكثر مما يقدمون من الحلول، أصبح دورهم تشتيت المجتمع، وإرباك مؤسسات الدولة، فقط لأن الواحد منهم خطرت على رأسه الصغير فكرة، فحولها إلى تصريح صحفي، تتلقفه صحافة البوم والغربان، وتنفخ فيه حتى يصل كل أطراف المجتمع، فيربك الناس، ويثير الخلافات، ويفجر المشكلات، ويضاعف التشققات والشروخ الاجتماعية التي توشك أن تؤدي إلى تفكك وانهيار البناء الاجتماعي المصري، وقد سهل الأمر على هؤلاء توافر وسائط التواصل الاجتماعي التي تمكن الواحد منهم من تحريك بر مصر وهو جالس في الحمام.
وبحس الفهلوي البهلوان أدرك المثقف المفلس أن الدين هو المجال المفتوح للجميع، وأنه في نفس الوقت حقل ألغام كبير، ما إن تلقي فيه بحجر؛ حتى تدوي الانفجارات في كل مكان، وكان وزير الثقافة هو القدوة، والمثل الأعلى، فهو أستاذ في الأدب لا يشق له غبار، يعترف بمكانته كل من عرفت في حياتي من مثقفي العالم العربي، ولكنه لم يعط للشأن الديني من جهده العلمي، أو الإنساني بمقدار ما أعطى للأدب، نجده وقد تحول بقدرة قادر إلى مرجع من مراجع الدين العظام، يفتي، ويقرر، ويتحدى، ويتوعد المؤسسة الدينية الأقدم، والأرسخ، والأعلى شأنا في العالم، وهو الوزير في حكومة مصر، المسئول عن ثقافة مصر، وليس ثقافة «شلته»، أو حزبه، أو تياره الأيديولوجي، ومن مسئولياته الحفاظ على مؤسسات الدولة ومنها الأزهر الشريف، وليس تحديها، أو تحدي شرعيتها، أصبح وزير الثقافة من الهاربين من الشأن الثقافي للتشطر على الدين؛ تهجما، وتحديا، وطعنا.
وعلى نفس نهجه سار مثقفون ومثقفات، بل وفنانون وراقصات، كل «يتشطر» على الدين بجهل مركب، ويظن أنه يهاجم الإخوان والسلفيين، وينزع عنهم الشرعية، ولكن وبسبب الجهل المركب يتحول الواحد منهم إلى أكبر داعم للإخوان والسلفيين، ومشجع لهم، ودافع للشباب للانضمام إلى صفوفهم، لأنه يوفر مادة دسمة، وشيقة، وواقعية لصحة دعاية الإخوان والسلفيين، من مثل أن الإسلام في خطر، وأن النخبة العلمانية تهدد هوية مصر، وتحارب الإسلام، وأن الإخوان والسلفيين هم حراس الدين وحماته، أما الأزهر فوزير الثقافة ومثقفوه وفنانوه لا يحترمونه، على الرغم من احترام الأزهر لهم.. هذه هي النتيجة الطبيعية لإفلاس المثقفين وشطارتهم، كارثة على الدولة والمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.