البرلمان بالنسبة للدولة هو الفرامل فى السيارة، سيارة بدون فرامل يعنى كوارث، الحكومة فى حاجة إلى فرملة، وهذه الآلة فى يد البرلمان والبرلمان غائب فمن يحاسب الحكومة إذا تهورت وارتكبت الحوادث والأخطاء والتجاوزات. مصر بدون برلمان تقريبًا منذ ثورة 25 يناير، غياب البرلمان كل هذه المدة ليس فى صالح مصر علي المستوى المحلى ولا المستوى الدولى، محليًا ينتقص من الديمقراطية ودوليًا غير جاذب للاستثمار، لغياب آلية التصديق والتشريع. حالة ارتباك شديدة تسيطر على الوضع السياسى فى مصر فيما يخص المرحلة الثالثة من خارطة المستقبل وهى انتخاب مجلس النواب، القوى السياسية تتعامل مع الموقف علي طريقة حبة فوق وحبة تحت، مرة تدب خلافات حول التحالفات والتكتلات ومرة يدور الصراع علي التورتة حول سؤال من سيكون رئيس مجلس النواب القادم، الحديث عن رئيس مجلس النواب قبل إتمام العملية الانتخابية ووصول النواب إلي مقاعدهم تحت القبة يعيدنا إلى فترة مبارك عندما كان يتم تعيين رئيس مجلس الشعب فى قعدة مبنى كورنيش النيل، الدستور حدد طريقة انتخاب مجلس النواب، واللائحة تناولت الإجراءات بالتفصيل، ولكن الحديث العقيم مازال يظهر ويختفى حول الجالس علي المنصة القادم، هناك ترشيحات لرئاسة المجلس لا أعرف من وراءها ولا أصدق إذا كان المرشحون لهذا المنصب يوافقون علي ذلك، لا أرى أن يأتى رئيس مجلس النواب من المعينين بنسبة 5٪ التي أجازها الدستور لرئيس الجمهورية، من الأفضل أن يكون رئيس البرلمان من المنتخبين الحائزين علي ثقة الشعب، وليس من الموعودين بالكرسى، كما أنه يفضل أن يكون سياسيًا قانونيًا. الأسماء المرشحة رغم تقديرنا لها هل لديها الاستعداد لخوض الانتخابات علي الأقل من ناحية السن، هذه الأسماء دورها مهم فى المرحلة الحالية، وهى مرحلة التوافق والتحالفات، واختيار المرشحين، ولكن خوضهم الانتخابات مسألة صعبة تحتاج إلى جهد ومشقة والتعيين فى مجلس النواب يجب أن يكون له ضروراته، الدستور أجاز، لرئيس الجمهورية تعيين 5٪ من عدد النواب، ووضع هذه النسبة فى الدستور كان لعلة، وهى اختيار أصحاب التخصصات التى لم تفرزها الانتخابات وغالبا ما يكونون من رجال القانون أو السياسة، والأفضل أن يكونوا من الشخصيات العامة. التعامل مع قضية الانتخابات علي كافة المستويات لا يتفق مع الأهمية التى أعطاها الدستور لمجلس النواب القادم، لا يوجد خط اتصال بين الدولة والشارع فى هذه القضية، كل ما نسمعه عن الانتخابات تصريحات متضاربة، مرة مطمئنة بأن الانتخابات ستجرى فى موعدها، ولم يحدد هذا الموعد حتى نقيس عليه، ومرة تظهر مشكلة القوانين التى ستجرى على أساسها الانتخابات، وزير العدل قال كلامًا أغضب القوى السياسية عندما صرح بأن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية ليس علي أجندة الحكومة هذه الفترة، ثم نشرت صحيفة قومية فى صفحتها الأولى أن محلب سيعلن الانتهاء من هذا القانون خلال أسبوعين، واستقت الخبر من أحد رجال السياسة الذى قال إنه حصل علي المعلومة من رئيس الوزراء، وبعد ساعات نفى رئيس الوزراء هذا الكلام وقال إن قانون الدوائر مستبعد تمامًا الشهر الحالى، هذا القانون يعتبر الجغرافيا بالنسبة للانتخابات ومن غيره تتوه قوافل المرشحين فإن الانتخابات البرلمانية لن تجرى هذا العام، وإلى العام المقبل إن شاء الله. المشكلة اننا سنستمر بدون الضلع الثالث فى السلطة الذى يحمل لواء الرقابة والتشريع وهما أهم آليتين نحن فى حاجة إليهما فى هذه المرحلة لضبط الإنفاق المالى وتنقية التشريعات وفرملة الحكومة عندما تخطئ من خلال آليات الرقابة البرلمانية التى يملكها النواب.