وزير العمل: شكل الاستقالة الجديد يحمي العامل وصاحب العمل ولن تقبل إلا في هذه الحالة    السيسي يوجه ببدء صرف حافز التدريس بقيمة 1000 جنيه.. نوفمبر المقبل    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    انخفاض الفراخ البيضاء راجع بقوة.. اعرف التسعيرة الجديدة اليوم    البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4.3%    سعر الأسمنت اليوم الثلاثاء 7- 10-2025.. الطن ب4 آلاف جنيه    البورصة المصرية تربح 7.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    نتنياهو: إيران تطور صواريخ قادرة على تدمير منتجع ترامب فى فلوريدا    وزير الخارجية يبحث جذب الاستثمارات الألمانية لتوطين صناعة السيارات    ترامب يلغى الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا.. نيويورك تايمز: تصعيد عسكرى محتمل    وزير الشباب يقر تعديل ضوابط النظام الأساسي ل 63 نادي رياضي    رودريجو يكشف أسرار علاقته بمودريتش وتطوره تحت قيادة أنشيلوتي    اتحاد المصارعة: كيشو يخوض بطولة ودية فى أمريكا باسم مصر    "شوبير" يعلن عن بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن محمود بنتايج    موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وجيبوتي في تصفيات المونديال    بعد قطعها ل 6 أجزاء.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بقرية ناهيا..الجيزة توضح..فيديو    «الداخلية» تضبط 8 أشخاص بتهمة غسل 320 مليون جنيه    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    غادة عادل تفجر مفاجأة بخصوص طلاقها من مجدي الهواري    الرئيس السيسى ناعيا الدكتور عمر هاشم: سيظل علمه الغزير باقيا وراسخا على مر الزمان    ارتفاع سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه المصري في تعاملات الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    الشرقية تستعد لتشييع جثمان الراحل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف    وزير الخارجية يؤكد ضرورة إطلاق مسار سياسي يفضى إلى تنفيذ حل الدولتين    وزير الاستثمار يبحث مع جهاز مستقبل مصر دعم سلاسل الإمداد وتوريد السلع الاستراتيجية    بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات النواب غدا وحتى 15 الشهر الجاري    الأرصاد تحذر من اضطراب بالملاحة وارتفاع الأمواج ل3.5 متر فى بعض الشواطئ    التضامن الاجتماعي تشارك في فعاليات معرض "إكسبو أصحاب الهمم الدولي" بدبي    الدكتور عصام شرف: انتخاب العنانى مديرا لليونسكو جاء عن استحقاق كبير    نائب وزير الصحة يُحيل مقصرين بوحدة طب الأسرة بالكرادوة للتحقيق    وسائل إعلام إيرانية: مقتل 2 من أفراد الأمن بالحرس الثوري في هجوم بغرب إيران    السيطرة على حريق مخزن زيوت بمسطرد وإصابة ثلاثة أشخاص في القليوبية    وزير الزراعة: إنتاجية الأرز في مصر تصل ل5 أطنان للفدان وهو الأعلى عالميا    روسيا تعلن اعتراض طائرات مسيرة استهدفت منطقة تيومين الغنية بالنفط في غرب سيبيريا    اليوم.. انطلاق أولى فعاليات النسخة 13 من أسبوع السينما الإيبيرو أمريكية في معهد ثربانتس بالقاهرة    بالموسيقى والفنون الشعبية.. قصور الثقافة بقنا تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    الصحة تنظم مؤتمر اليوم العالمي لمرض السحايا للقضاء على وبائيات المرض بحلول 2030    طلاب الثانوى العام والبكالوريا يسجلون الدخول على منصة كيريو لدراسة البرمجة.. صور    صور الأقمار الصناعية ترصد أجواء خريفية.. وسحب منخفضة شمال البلاد والقاهرة الكبرى    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    إسرائيل دخلت «العزل»    "الأونروا": إسرائيل تقتل الأطفال فى غزة وهم نائمون    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    انطلاق مبادرة الكشف عن الأنيميا والتقزم بين أطفال المدارس بسوهاج.. صور    وزير التعليم العالي: فوز خالد العناني باليونسكو «هدية من مصر للعالم»    جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة الشرقية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية اللوحات المعدنية.. إطلالة مختلفة
نشر في الوفد يوم 25 - 07 - 2011

من أشهر قضايا الفساد المتداولة حاليا تلك المعروفة باسم «قضية اللوحات المعدنية»، والمتهم فيها كل من الدكتور/ أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، واللواء/ حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، والدكتور/ يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق، ورئيس مجلس إدارة شركة «أوتش» الألمانية، لاتهامهم بإهدار المال العام بما يبلغ 92 مليون جنيه مصري. وقد نسبت النيابة العامة للمتهمين التربح من خلال استيراد لوحات معدنية من شركة «أوتش» الألمانية، وإهدار 90 مليون جنيه على الدولة. وأوضحت التحقيقات أن المتهمين/ حبيب العادلي وبطرس غالي حررا مذكرة للمتهم الأول/ أحمد نظيف، للموافقة على استيراد اللوحات المعدنية الخاصة بالسيارات بالأمر المباشر للشركة الألمانية، بمبلغ 22 مليون يورو، أي ما يوازي 176 مليون جنيه مصري، دون النظر لعروض الشركات الأخرى. وأكدت التحقيقات أن رئيس الوزراء الأسبق/ أحمد نظيف وافق على التعاقد مع الشركة الألمانية بالأمر المباشر، على الرغم من عدم توافر حالة الضرورة أو غيرها من الحالات التي نص عليها القانون للتعاقد بالأمر المباشر، ودون الحصول على أفضل عروض الأسعار من شركات مختلفة وصولا إلى أفضل سعر، وذلك بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات. وذكرت التحقيقات أن وزير المالية الأسبق/ يوسف بطرس غالي قام منفردا بإسناد أعمال توريد أخرى لذات الشركة بالأمر المباشر، ودون إجراء مفاضلة بين شركات متعددة أو الحصول على موافقة من رئيس الوزراء، بما يشكل مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات. كما تبين من التحقيقات أن المتهمين الثلاثة من المسئولين السابقين أضروا عمدا بأموال المواطنين طالبي تراخيص السيارات، بأن قاموا بتحميلهم ثمن اللوحات المعدنية المغالى في أسعارها بالإضافة إلى مبلغ التأمين، وذلك على الرغم من أن هذه اللوحات مملوكة للدولة وليست ملكا لأصحاب السيارات. وكانت النيابة العامة قد ندبت لجنة فنية من أساتذة كلية الهندسة بجامعة عين شمس والكسب غير المشروع والتوجيه القياسي (الهيئة العامة للمواصفات والجودة)، حيث انتهت اللجنة إلى أن أسعار اللوحات المعدنية التي تم التعاقد عليها مع شركة «أوتش» الألمانية هي أسعار مبالغ فيها، وأن أثمانها تزيد على أسعار السوق بمقدار 92 مليون جنيه. وأشارت التحقيقات إلى أن الصفقة تسببت في الإضرار بإحدى الشركات الوطنية المتخصصة في إنتاج اللوحات المعدنية للسيارات، والتي كانت تضطلع بإنتاج تلك اللوحات منذ عام 1998م، حيث تسبب عدم إسناد صفقة اللوحات المعدنية إليها في توقف أعمال الشركة، واضطرارها بالتالي إلى الاستغناء عن العاملين لديها.
وبعد ثماني جلسات لنظر القضية، وفي الثاني عشر من يوليو 2011م، أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها بمعاقبة أحمد نظيف بالسجن لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ، وبذات العقوبة للمتهم الرابع/ مالك ورئيس مجلس إدارة الشركة الألمانية. أما حبيب العادلي، فقد قضت المحكمة بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات. وقضت المحكمة غيابيا بالسجن لمدة عشر سنوات ضد المتهم الهارب/ يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق. وقضت المحكمة بتغريم المتهمين متضامنين مبلغ 92 مليون جنيه، ورد مبلغ مساو، وإلزام العادلي وغالي بدفع 100 مليون جنيه.
وقد آثرت أن لا أكتب في هذا الموضوع إلا بعد أن تصدر محكمة الجنايات حكمها، والذي جاء على النحو آنف الذكر. والمتابع لسير هذه القضية، يلاحظ مدى التركيز في شأنها على الشق المتعلق بالفساد المالي فقط. ونرى أن هذه القضية تكشف بجلاء عن جانب آخر لا يقل أهمية، وهو العشوائية في الإدارة الذي شاب الأداء الحكومي في عهد حكومة أحمد نظيف. ولعل ذلك يبدو جليا في الشهادة التي أدلت بها مساعدة وزير المالية للعلاقات الخارجية، في ثامن جلسات المحاكمة، والتي أكدت فيها أن يوسف بطرس غالي سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 2007م لحضور مؤتمر صندوق النقد الدولي، وأثناء هذه الزيارة طلب من سكرتير السفارة المصرية بأمريكا ترشيح شركة أمريكية لتوريد اللوحات المعدنية إلى مصر، وتم ترشيح إحدى الشركات، إلا أن وزير المالية الأسبق اكتشف عدم وجود خبرة لها في مجال إنتاج لوحات بمنطقة الشرق الأوسط، ورشحت له شركة «أوتش» الألمانية التي لها تعاملات في منطقة الشرق الأوسط. وأضافت الشاهدة أن الوزير وافق على تحديد ميعاد مع مندوب مبيعات تلك الشركة لمقابلته بالقاهرة في حضور كل من اللواء/ شريف جمعة مساعد وزير الداخلية الأسبق للشرطة المتخصصة وأحمد شريف صادق رئيس مصلحة سك العملة، وذلك لعرض نماذج للوحات التي تنتجها تلك الشركة. وأضافت أن ممثل الشركة الألمانية قام بعرض اللوحات وخصائصها التأمينية باللغة الإنجليزية، وقام غالي بترجمة تلك الخصائص إلى اللغة العربية، للواء/ شريف جمعة. وأضافت الشاهدة أن اللواء/ شريف جمعة هو من حدد خصائص اللوحة والاشتراطات الفنية المطلوبة من حيث اللون والحجم ونوع الخط، وأن مكتب وزير المالية أحضر خطاطا بمعرفته لرسم الحروف والأرقام التي ستوضع على تلك اللوحات وقاموا بإرسالها إلى الشركة الألمانية بعد قيام غالي بتصميم تلك اللوحات بنفسه. وما يثير التساؤل ويبعث على الاستغراب أن يتدخل وزير المالية بنفسه في عملية التعاقد وفي اختيار الشركة المتعاقد معها على النحو آنف الذكر. كذلك، لا يملك المرء إلا أن يضرب كفا بكف، وهو يرى وزير المالية الأسبق يتدخل في أمور فنية بحتة كما هو واضح من الشهادة آنفة الذكر. إن الوصف الوحيد لوقائع القضية التي نحن بصددها هو أننا كنا في دولة «اللا قانون». فقد أدمنت حكومة أحمد نظيف إجراء معظم التعاقدات بنظام الأمر المباشر، سواء في التصرف في أراضي الدولة أو إسناد عمليات التوريد أو غير ذلك من التعاقدات الحكومية. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، ولعل أبرزها عقد مدينتي الذي قضت محكمة القضاء الإداري ببطلانه بناء على ذات المخالفة القانونية، وهي إجراء التعاقد بنظام الأمر المباشر، خلافا لقانون المناقصات والمزايدات.
من ناحية أخرى، وبالنظر إلى اللوحات المعدنية المتعاقد عليها، والتي قام وزير المالية الأسبق باختيار تصميمها، نجدها تشتمل على بعض الحروف والأرقام. وهذه الطريقة في ترقيم السيارات تشبه تلك المستخدمة في المملكة العربية السعودية. ونعتقد أنها طريقة معقدة، بحيث يصعب على الفرد العادي أن يلتقط رقم اللوحة على نحو دقيق عند وقوع حادث وفرار السائق بسيارته. وفي بداية تنفيذ العقد، تم طرح اللوحات باللغتين العربية والانجليزية، ثم أعقب ذلك طرحها باللغة العربية فقط في مرحلة ثانية. وتم استخدام الأرقام الهندية في هذه اللوحات، في حين كان ينبغي استخدام الأرقام العربية الأصيلة والتي يشيع الاعتقاد بأنها أرقام لاتينية.
بالإضافة إلى ما سبق، نرى من الملائم الإشارة إلى أن تصميم اللوحات المعدنية على النحو الذي ظهرت به يجعل من الصعب استغلالها ماليا، والحصول من وراءها على عائد مالي مناسب، والقضاء بالتالي على حالات المحسوبية والوساطة في الحصول على أرقام مميزة. بيان ذلك أن بعض الدول الأجنبية تلجأ إلى إجراء مزادات لأرقام السيارات المميزة. ففي هونج كونج، على سبيل المثال، تم بيع لوحة أرقام سيارة بمبلغ يزيد على المليون دولار. كذلك، تقوم الدول العربية الخليجية بعمل مزادات للوحات الأرقام المميزة. ونخص بالذكر هنا دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تم بيع إحدى اللوحات بمبلغ 10 ملايين درهم. وقد حرصت بعض التشريعات العربية على إيراد نص صريح يقضي بجواز بيع لوحات الأرقام المميزة في مزاد علني أو بأي وسيلة أخرى (المادة 14 من قانون المرور القطري الصادر بموجب المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2007م).
إن اختيار تصميم اللوحات المعدنية، ينبغي أن يراعي عدة معايير، بعضها يتعلق بتأمين اللوحات المعدنية وتلافي محاولات تزويرها، وبعضها يتعلق ببساطتها بحيث يسهل على المواطن العادي التقاط الرقم بسهولة ويسر، وبعضها يتعلق بإمكانية استغلالها اقتصاديا بواسطة إجراء المزادات العلنية للوحات الأرقام المميزة. ونعتقد أن الشقين الثاني والثالث لا يتوافران في اللوحات المعدنية التي قام بتصميمها وزير المالية الأسبق وتم تنفيذها بواسطة الشركة الألمانية.
أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.