أقيمت أمس السبت في تمام الساعة السادسة مساءً بساقية الصاوى، ندوة بعنوان "الأدب وثورة يوليو" حاضر فيها الناقد الدكتور هيثم الحاج على والباحث والشاعر أحمد عبد الجواد، ودارت الندوة حول علاقة الأدب بالسياسة وتأثيرها على الأدباء مثلما حدث مع الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس الذي غير مسار كتاباته بعد خروجه من المعتقل. وكشف المحاضرون عن رؤيتهم المستقبلية لهذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر، مؤكدين أنه من الصعب الحكم عليها إلا بعد تحقيق مطالب ثورة 25 يناير التى لم تتحقق بصورة كاملة حتى الآن، مشيرين إلى أن السينما كانت دائما تتنبأ بظهور ثورة وكانت دائماً تحذر من المناطق العشوائية والتي تعتبر قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أي وقت لتمر مصر بثورة "الجياع"، ولكن ثورة 25 يناير كانت ثورة الطبقة الوسطى فلذلك كان من الصعب التنبؤ بما يحدث مستقبلاً، فمصر الآن كالبحر الهائج غير المستقر. وأكد المحاضرون أن البعض يرى أن "23 يوليو" مجرد حركة، فيما يري البعض الآخر أنها ثورة، فالثورة هي تغيير على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بينما بدأت 23 يوليو كحركة ثم تحولت إلى ثورة حقيقية، فعلى المستوى السياسي نجد أنها ألغت النظام الملكي وحولته إلى نظام جمهوري، وقامت بإلغاء الأحزاب حيث كان هناك فساد حزبي في هذه الفترة، وعلى صعيد الاقتصاد، ألغت الإقطاع مما أدى إلى ظهور الطبقة الوسطى من الشعب، الذى كان قبل قيام هذه الثورة ينقسم إلى شقين فقط هم الطبقة العليا أي الغنية والطبقة السفلى أي الفقيرة فقط من الهرم الاجتماعي، كما أدت 23 يوليو إلى المساواة بين الفقراء والأغنياء، وإنشاء مدارس، ووحدات، ومراكز صحية. وأوضح المحاضرون فى الندوة أن الأدب دائماً يسير في اتجاهين أحدهما توجهات المجتمع، والآخر توجيهات الساسة، فقد كانت هناك حركات طلابية ومظاهرات داخل القاهرة وخارجها خلال فترة الثلاثينات، حيث بدأت تتراجع كتابة القصة القصيرة ، على عكس السنوات السابقة لهذه الفترة التي ازدهرت فيها كتابات بعض الكتاب مثل نجيب محفوظ والذي نلاحظ في مؤلفاته دائما ًالتأكيد على انتماء مصر وسلخها من الانتماء التركي. وأكد المحاضرون أنه في وقت الحرب العالمية الثانية بدأت بذور القصة القصيرة تزدهر، حيث كان شعور الفرد في ذلك الوقت يتركز في الرعب المسيطر من فكرة الموت وانتظار القتل في أي لحظة خاصة بعد ضرب اليابان بالقنبلة الذرية مما أدى إلى ظهور فن العبث، والسريالية، والدالية، إلى أن جاءت ثورة 23 يوليو التي حولت الدولة إلى فكرة الحزب الواحد، والتزام المبدع بمبادئ الحزب كالكاتب الكبير يوسف إدريس في مجموعته القصصية "أرخص ليالي" والتي صدرت عام 1954، والذي كان يمثل التوجيه الحكومي لتحديد النسل. وقال المحاضرون إن ثورة 23 يوليو، تعتبر حركة نابعة من الطبقة الوسطى التي لطالما حلمت بتوسيع رقعة الطبقة الوسطى إلى أقصى حد وتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب وضم طبقة العمال وتثقيفهم وتوعيتهم، وتعتبر من أزهى الفترات التي مرت على مصر والتي عاش جيلها مرحلة انتقالية من الملكية إلى الجمهورية، وتربى ثقافياً على يد أساتذة عملاقة مثل طه حسين وعباس العقاد. ومن جانبهم أضاف المحاضرون أن السياسة جعلت الأدباء والكُتاب يكثرون من إنتاجهم، كما انعكست نكسة 1967 بدور مهم على الكُتاب والأدب حيث ظهرت بعض الأفلام التي أوضحت ما كان يحدث في المعتقلات كفيلم "غروب وشروق" وغيرها من الأفلام التي تظهر الفروق الشاسعة بين الطبقتين العليا والدنيا بالهرم الاجتماعي، كما لفت المحاضرون إلى أن الإعلام المصري ما زال يسلط الضوء على النجوم وليس على الشعب.