أشعرنى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بالفخر والاعتزاز، وازددت فخراً بمصريتى، فالرجل أثبت للعالم أجمع أنه رجل دولة وأنه يحمل رسالة مفادها أن مصر بدأت بالفعل خطوات التغيير الحقيقى نحو بناء الدولة المدنية العصرية الحديثة. هناك رسائل كثيرة فى خطاب الرئيس تستحق الوقوف أمامها طويلاً تحمل معانى الأمل والإصرار الشديد على العمل والتعاون مع العالم بالندية وبما يحقق المنافع المتبادلة فى إطار من التعاون القائم على المصلحة المشتركة. الرئيس اكتسب في خطابه شرعية اعتراف العالم أجمع بأن ثورة 30 «يونية» شعبية قام بها المصريون من أجل التخلص من حكم الإخوان القائم على الإقصاء والتطرف الدينى ويكفى حالة التصفيق الحاد التى رجت قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو يقول فى خطابه تحيا مصر.. تحيا شعوب الأرض المحبة للسلام.. لم ينس الخطاب هوية مصر الجديدة التى تحترم وتفرض سلطة القانون وتضمن حرية الرأى للجميع وتكفل حرية العقيدة والعبادة، فالرئيس هنا عزز مبدأ المواطنة القائم على العيش المشترك. الرئيس حدد للعالم أن هوية مصر الوطنية فشل الإرهاب فى أن ينال منها أو يمسها بسوء لأن إرادة المصريين أقوى من الإرهابيين، والعالم بات يدرك صحة الرؤية المصرية لمحاولات جماعات الإرهاب للسيطرة على مقدرات المنطقة أو كما يقول الرئيس بأن الشعب المصرى صنع التاريخ عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد، كما إن خطاب الرئيس حدد ملامح مصر الجديدة التى يحلم بها المصريون، والقائمة على احترام الدستور والقانون، كما قال إنها دولة المؤسسات، تلك هى مواصفات الدولة المدنية الحديثة القائمة على مبدأ تداول السلطة واحترام حقوق الإنسان. تطرق الرئيس الى الوضع العربى الشائك، وحالة التشرذم فى الدول العربية وعلى رأسها ليبيا، وأوضح الرئيس أن ليبيا تحتاج إلى حل سياسى يدعم المؤسسات الليبية المنتخبة، ولم يغفل خطاب الرئيس ضرورة وقف تهريب السلاح إلى ليبيا، لضمان وقف الاقتتال الدائر هناك، وفى سوريا لابد من وضع حد لحالة الدمار وقتل الأبرياء، ولابد من تحقيق آمال السوريين بلا مهادنة للإرهاب أو استنساخ أوضاع تمرد السوريون عليها، ولم يغفل خطاب الرئيس الوضع فى العراق عندما قال إن الحكومة الجديدة فى العراق لابد أن تحصل على ثقة البرلمان لإعادة الأمل فى الانطلاق نحو تحسين الأوضاع والاستقرار. أما فلسطين التى تعد الشغل الشاغل لمصر، فهى على رأس الاهتمامات المصرية وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضى المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية تجسيداً لمبادئ السلام بمبادرة مصرية، والتى وصفها «السيسى» بأنها مبادئ لا تخضع للمساومة. هذه هى هوية مصر الجديدة التى حددها خطاب «السيد» والتى استقبلها العالم بالترحاب والأحضان.