نكبت المنطقة، عبر القرون، بكثير من الحركات التى ارتدت الفكر الاسلامى أو اتخذته وسيلة للسيطرة على المنطقة، بحكم أن المنطقة هى مهبط الديانات السماوية كلها.. ولكن ما إن تسيطر هذه الحركة، أو تلك، على الأمور حتى تظهر أطماعها الأساسية.. وهى الحكم!! رأينا ذلك فى حركات الخوارج والقرامطة والزنج والحشاشين، وغيرها.. والغريب أن كل هذه الحركات اتخذت من العنف والذبح والسحل.. والتوسيط «أى قطع جسد الإنسان من وسطه بالسيف»!! وذلك حتى ترعب أعداءها.. وأسلوب الترهيب والذبح الذى اتبعته «كل هذه الحركات» عبر الزمن.. هو هو.. نفس أسلوب العصابات الصهيونية، فى فلسطين. وكل هذه الحركات إسلامية، أو صهيونية كانت تريدالأرض، وما عليها.. لها وحدها، وطبقت كلها أسلوب: من ليس معنا.. فهو عدونا. ورأينا ذلك واضحًا فى أسلوب الخوارج والزنج والقرامطة وغيرها.. وكان الذبح أبرز هذه الأساليب.. وهو نفس الأسلوب الذى طبقته كل العصابات الصهيونية من شتيرن إلى الهاجاناه وما مجازرها فى قرى فلسطين قبل عام 1948 وخلال عام 1948 وما بعده إلا تعبير عن أسلوب اشاعة الرعب فى نفوس الناس.. فإما يكونوا على دينهم.. أو يتركون الديار.. ولا بديل فى فلسطين إلا المذابح المشهورة.. فما الذى «يجمع الشامى على المغربى» أى أسلوب داعش الآن مع أسلوب الصهاينة فى فلسطين وفى لبنان وأسلوب الخوارج والقرامطة فى العصور الوسطى وربما أعاد أسلوب الزنج الذى ترتكبه داعش الآن هذا السلوك الوحشى، فى العصور السابقة.. وكأن الدنيا لم تتغير.. ولا خلاف أن الفكر الدينى المتطرف هو الذى يحرك كل هذه الجماعات الآن، من القاعدة فى افغانستان إلى داعش فى سورياوالعراق، إلى بوكوحرام فى غرب افريقيا.. وكلها تأخذ الفكر الدينى المتطرف أسلوبًا.. وقد خرجت كلها من عباءة الإخوان!! ولذلك نجد أن هذا العنف تزايد منذ أسقط شعب مصر حكومة وحكم الإخوان عن عرش مصر.. التى اعتبرها «الإخوان» قاعدة الانطلاق للسيطرة على كل المنطقة.. من الداخل. وابحثوا عن سر ما جرى فى تونس، وليبيا، ومصر، والسودان، وسوريا، والعراق، وحماس فى غزة، وأيضًا الحوثيين فى اليمن.. فالمنبع واحد وكذلك الهدف.. واحد!! فهل هذا من تخطيط الصغار ليوهموا أنفسهم بأنهم «من الكبار» وفى مقدمتهم قطر.. أم من أفعال الكبار، الذين هم فعلًا من الصغار؟! والآن يتسابق الكبار على تكوين «حلف المائة» لمحاربة داعش.. وهم لا يتحالفون الآن فى باريس بقيادة أمريكا إلا لكى يفوزوا بقطعة الجاتوه، التى هى المنطقة تحت مسمى سايكس بيكو الجديدة، هدفهم حملة عسكرية، جوية فى الأساس، لدك وهدم المنطقة تحت دعاوى تدمير داعش.. ولما كان الطيران لن يرحم أحدًا، فإن حجم التدمير يصبح هائلًا.. وبذلك تزدادعملية إعادة التعمير، أى تعمير ما سوف يدمر تحت راية محاربة داعش.. تماما مثلما حدث من «غض الطرف» عن غزو صدام للكويت ثم الفوز بالثمن فى عملية إعادة بناء ما دمره صدام بالكويت.. وهو نفس السيناريو الذى اتبعته أمريكا فى تدميرها للعراق بحجة القضاء على صدام حسين نفسه.. وهى فاتورة باهظة الثمن حقًا.. ولكن فواتير إعادة إعمار سورياوالعراق بسبب أعمال داعش.. وكذلك فواتير إعادة إعمار ليبيا أكبر بكثير. وهى الثمن الباهظ الذى تنتظره الدول الكبري، التى تتسابق- فى الحقيقة- من أجل الفوز بحصة من فاتورة إعادة التعمير، أكثر من فاتورة الضرب والتدمير. إذ بقدر حجم التدمير، الذى سوف ترتكبه قواتهم.. سيكون حجم ما يقبضون من فاتورة التعمير!! أى هم فائزون فى العمليتين.. مصانع السلاح ستعمل بكامل طاقتها بل ومراكز أبحاثهم تستعد لتجربة المزيد من الأسلحة فى ميدان المعركة ضد داعش.. ثم تعمل شركات المقاولات العملاقة عندهم فى إعادة التعمير.. أى «هم» الفائزون فى عمليتى الهدم.. والبناء معا!! يا أولاد الإيه.. وإذا كانت مصر قد ساهمت عسكريا فى تحرير الكويت وهذا واجب قومى على مصر أن تدفعه دائمًا.. إلا أنها رفضت أن تتدخل بقواتها العسكرية ضد أرض العراق.. وهى نفس القوات التى كانت فى مقدمة الجيوش التى دخلت مدينة الكويت.. ثم كانت هى نفس القوات التى رفض الرئيس حسنى مبارك- أيامها- أن تدخل أرض العراق ذاتها.. وكان ذلك عملًا طيبًا ومعقولًا.. وهو نفس المنطق الذى جعل مصر ترفض المساهمة عسكريًا فى التحالف المنتظر لضرب داعش.. حتى لا تتورط قواتها فى عملية عسكرية تخطط أمريكا لها.. ولا يعرف أحد ما هى حدود هذه العملية.. فهل يختلف الوضع المصرى من داعش.. عن موقفها الحالى والمستقبلى من كل ما يحدث داخل الأرض الليبية.. هذا هو السؤال الصعب.