منذ أيام كتبت في هذا المكان مطالباً الدولة بأن تحسم هذا الشد والجذب بين حزب «النور» وأقطابه الذين يقاتلون بضراوة من أجل صعود منابر المساجد التي يختارونها دونما أي التزام بالقواعد التي وصفتها وزارة الأوقاف، وجعلتها ضوابط تحكم عملية الخطابة في المساجد لمن تنطبق عليهم الشروط التي وضعتها الوزارة، وطالبت الدولة بأن تحسم الموضوع استناداً للدستور الذي أقر مبدأ عدم قيام واستمرار أحزاب ذات مرجعية دينية!، وذلك حتي يتوقف حزب النور عن تحدي الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف المعنية بالمساجد وشئون الخطابة فيها من حيث رعاية الدعوة التي ينبغي أن تكون بعيدة عن السياسة!، وقد ضمت وزارة الأوقاف عشرات من المساجد والزوايا إلي ولايتها من حيث تولية الخطابة- خاصة يوم الجمعة- للأزهريين فقط!، وترتيب اختبارات مقابلة لحملة الماجستير والدكتوراه من خريجي الأزهر ليكون اجتيازه شرطا لاعتمادهم خطباء في مختلف المساجد!، وقد ذهبت مطالبتي شأن كل ما نكتب!، دون أن يعني أحد بإيضاح يصحح ما أصبح باديا من عجز وزارة الأوقاف عن مواجهة المستبسليين من أعضاء حزب النور الذين يتجاهلون سلطة الأوقاف ويصرون علي اعتلاء المنابر التي يختارونها، ويبثون ما يرونه لائقا بمكانتهم التي تأباها وزارة الأوقاف!، وكانت وزارة الأوقاف قد ألمحت من قبل إلي أن أمامها مشكلة المساجد التي تتبع الجمعية الشرعية!، وهي مساجد عديدة بعيدة عن سلطة وزارة الأوقاف شأن سائر المساجد المصرية، ولم أجد في عذر وزارة الأوقاف وجاهة فيما تتعلل به من ابتعاد مساجد تتبع الجمعية الشرعية في ولايتها ولا تعترف بأي سلطة للأوقاف عليها!، ذلك أن مساجد الجمعية الشرعية هي في أنحاء مصر، والجمعية الشرعية جمعية مصرية، ولا أظن أن الجمعية الشرعية والمساجد التابعة لها فوق سلطة الدولة، ممثلة في الوزارة القائمة علي شئون المساجد والدعوة بعامة!، واتقاء الضرر الذي تراه الوزارة في خلط شئون الخطابة بالمساجد بالسياسة التي أفسدت الخطاب الديني. ونشرت ما أسميناه مرارا وتكرارا بفوضي المساجد! وأمس نشرت الوفد للزميلة سناء حشيش أن وزارة الأوقاف قد نظمت حملة كبيرة لضم مساجد الجمعية الشرعية إليها دعويا بعد تورط أئمتها في فتاوي غريبة!، وتوظيف المنابر في اتجاه معين، وعدم الالتزام بقانون الخطابة، وأشارت الوزارة إلي أن قرار الضم قد جاء لضبط الخطاب الديني بجميع مساجد مصر، وتأكيدا علي منهجها بقصر الدعوة علي المتخصصين، فقامت الوزارة أمس بضم أكبر 5 مساجد تابعة للجمعية الشرعية بالقاهرة والإسكندرية والجيزة وهي الجلاء برمسيس، والنور المحمدي بالمطرية، والاستقامة بالجيزة، والمشاري بالهرم، ثم السيوف بالإسكندرية، كما قررت الوزارة إبعاد كوادر الإخوان، وعينت 5 أئمة و10 عمال جدد تابعين لها بالمساجد. كما شددت الوزارة علي الجمعية الشرعية الالتزام بقانون الخطابة، وعدم السماح لغير المرخص لهم باعتلاء المنابر، وخاصة الكوادر الإخوانية التي مازالت ضمن صفوف خطباء الجمعية، ومؤكدة أنها ستقوم بضم جميع المساجد التابعة للجمعية للوزارة، حيث ذكرت الوزارة أن الجمعية الشرعية ليست جادة في ضبط خطبائها ضبطا كاملا!، وكانت وزارة الأوقاف قد ضمت في الأسبوع الماضي 3 مساجد تابعة للجمعية الشرعية بعد افتاء أحد خطبائها في الجمعة قبل الماضية بأن شراء شهادات الاستثمار في مشروع قناة السويس الجديدة «حرام لأنها ربا»!! ولست أري في كل ذلك غير مهمة ثقيلة أصبح علي وزارة الأوقاف الاضطلاع بها!، وتصرفها هذه المهمة عن شئون أجدي وأهم!، فالمهمة تبدو أمامي في حاجة إلي حسم الدولة حيث هي في حقيقتها سياسية وأمنية مزدوجة، ينوء بها كاهل وزارة الأوقاف وحدها!